حرب إسكات الكلمة من يقف خلف موجة إغلاق صفحات فيسبوك
الصمود – بقلم/ د. نبيل عبدالله القدمي
تشهد منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة موجة غير مسبوقة من إغلاق صفحات الناشطين اليمنيين خصوصا الأصوات التي تتناول قضايا حساسة كالحصار والعدوان والملفات الإنسانية ما يحدث ليس صدفة تقنية ولا مخالفات اعتيادية بل عمليات ممنهجة تقف خلفها غرف استخبارات خارجية تتبع الموساد وامريكا والسعودية
تحاول إعادة تشكيل الفضاء الرقمي وتوجيهه بما يخدم أجندتها السياسية والعسكرية
إغلاق صفحات مؤثرة يتابع بعضها مئات الآلاف في وقت واحد وبنفس الأسلوب يكشف أن القضية تتجاوز إطار أدمن غاضب أو إبلاغات عشوائية فالتقنيات المستخدمة في إسقاط الحسابات سواء عبر شبكات تبليغ منسقة أو أدوات تحليل سلوكي عالية الدقة تشير إلى عمل احترافي يصعب تنفيذه دون دعم من أجهزة تمتلك خبرات أمنية واستخباراتية
الهدف واضح شل قدرة الأصوات اليمنية على نقل الحقيقة وإفراغ المنصات من الوجوه التي تكشف الجرائم الإنسانية والاقتصادية والسياسية تمهيدا لتغيير المزاج العام أو تمرير سيناريوهات جديدة بعيدا عن أعين الرأي العام
والهدف تحويل الأنظار بحرب نفسية قبل أن تكون تقنية
إغلاق الحسابات لا يهدف فقط إلى إسكات أصحابها بل إلى توجيه الرأي العام نحو معركة جانبية
إغراق الناس في سؤال من يقفل الصفحات
تشتيت التركيز عن الخلايا الاستخبارية التي تعمل داخل البلاد وخارجها
إشغال النشطاء بالدفاع عن وجودهم الرقمي بدلا من مواجهة المخططات الكبرى
بهذه الطريقة يصبح الفضاء الإلكتروني ساحة لإدارة حرب نفسية تتقنها أجهزة تمتلك خبرة طويلة في صناعة الفوضى وصياغة الخداع الرقمي
مع التحضير لمرحلة أشد توجد مؤشرات لا يمكن تجاهلها
في ظل التصعيد السياسي والإعلامي ومع تراكم الضغوط الاقتصادية التي تمارس على اليمن لا يمكن فصل موجة إغلاق الصفحات عن احتمال تحضير عدوان جديد أو تنفيذ عمليات ذات طابع عسكري أو استخباراتي
التاريخ شاهد على أن كل حرب غير أخلاقية سبقتها حملة لإسكات الأصوات وطمس الوقائع وتهيئة البيئة الإعلامية لاستقبال رواية أحادية تبرر ما سيحدث لاحقا
الناشطون والصحفيون هم خط الدفاع الأول في كشف الحقائق وإسكاتهم يعني فتح الباب واسعا أمام تضليل الشعوب وتزييف الوعي وتسهيل تنفيذ المخططات بعيدا عن الرقابة الشعبية
ورغم ذلك أثبتت التجارب أن الكلمة الحرة أقوى من أدوات القمع الرقمية فمنذ بداية العدوان وحتى اليوم لم تستطع أي جهة إلغاء وعي الناس أو إسكات النشطاء رغم أن إدارة فيسبوك نفسها قد أغلقت الاف من صفحات الناشطين اليمنيين بعذر مخالفة معايير فيسبوك وكل محاولة للإغلاق تولد عشرات الأصوات الجديدة وكل محاولة لطمس الحقيقة تجعلها أكثر بروزا
إن إدارة أي معركة إعلامية لا تعتمد فقط على المنصات الإعلامية بل على إرادة شعب يؤمن بقضيته ويعرف أن معركته ضد التضليل ليست أقل أهمية من معركته في ميادين المواجهة
موجة إغلاق الصفحات ليست عملا فرديا ولا عاطفيا بل جزء من معركة استخباراتية محكمة تهدف إلى
إسكات الأصوات المؤثرة
توجيه الرأي العام نحو قضايا جانبية
إخفاء نشاط الخلايا التجسسية
وتهيئة مسرح إعلامي لأي تصعيد قادم
وعليهم أن يعلموا أنهم مهما امتلكوا من أدوات لن يستطيعوا إغلاق العقول ولا طمس الحق طالما أن هناك شعبا يرفض الركوع ويصر على أن يبقى الصوت أعلى من القيد والكلمة أقوى من المؤامرة.