الصمود حتى النصر

بين التنافس على ودّ ترامب ودماء غزة: عمالة تداس بالأقدام ومصالح تباع في المزاد

الصمود||مقالات||عبدالمؤمن جحاف

في مشهدٍ يكاد يُلخّص تراجيديا الخنوع العربي، يتسابق بعض حكّام الخليج على من يكسب ودّ السيد الأمريكي أكثر من الآخر، وكأنّ واشنطن صارت قبلةً ثانية لقلوبهم المملوءة بالرعب من أي استقلال أو إرادة حرّة. فالتنافس المحموم بين السعودية وقطر على استرضاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليس سوى وجه آخر من أوجه الارتهان والعمالة، حيث تُباع ثروات الأمة في سوق المصالح الضيقة، وتُشترى الحماية الأمريكية بأثمان مهولة يدفعها المواطن العربي من أمنه ومستقبله وقُوتِ يومه.

في الوقت الذي تسيل فيه دماء أهل غزة من الوريد إلى الوريد، وتُرتكب المجازر على مرأى ومسمع العالم، تنشغل بعض العواصم الخليجية في سباق محموم لا للفكاك من الهيمنة ولا للدفاع عن القضية المركزية للأمة، بل للتقرّب من واشنطن وتل أبيب أكثر فأكثر. إنه زمن الانبطاح الكامل، حيث يُضحّى بفلسطين وكرامة الأمة على موائد المفاوضات الخائنة.

السعودية وقطر: رؤى متباينة لوهم واحد

ورغم أن الأسلوب يختلف، إلا أن الهدف واحد: حماية العروش وتأمين المصالح الخاصة. السعودية، بقيادة رؤية 2030، تروّج لإصلاحات اقتصادية وتبني تحالفات إقليمية ودولية تضعها في قلب نظام عالمي جديد ترى فيه واشنطن شريكًا لا غنى عنه. أما قطر، فتعتمد على شبكة تحالفات مرنة تبدأ من القواعد العسكرية الأمريكية ولا تنتهي عند النفوذ الإعلامي ، في محاولة لإثبات دورها كلاعب إقليمي لا يمكن تجاوزه.

الإمارات: بوابة التطبيع المباشر

أما الإمارات، فقد قطعت أشواطًا أبعد في هذا المسار، متقدّمة بخطى ثابتة في حضن الصهيونية العالمية. لم تعد تخجل من إعلان تحالفها الأمني والسياسي والاقتصادي مع كيان الاحتلال، بل تفاخر بذلك وتقدّمه نموذجًا يُحتذى في “السلام الإبراهيمي”، الذي لا يجرّ للأمة سوى الذلّ وفقدان القضية.

ختامًا:

ما يجري ليس مجرد تنافس سياسي، بل انكشاف أخلاقي تام، وفصل من فصول سقوط ما تبقى من المواقف الرسمية. وبينما تتلقى غزة القنابل بدل الخبز، وتتوسل أطفالها حياة من تحت الأنقاض، وينشغل البعض ببناء القصور على أنقاض الكرامة، وتشييد الأبراج الشاهقة فوق جراح الأمة، بينما تُمنح ترليونات الدولارات لترامب وصفقاته، لا لدعم قضية أو نصرة مظلوم، بل لضمان بقاء العروش وتثبيت الأقدام في وحل العمالة. أموال الشعوب تُنفق بسخاء غير مسبوق لشراء رضا ساكن البيت الأبيض، في الوقت الذي يعاني فيه ملايين العرب من الفقر، والحصار، والعدوان. إنه زمن تُباع فيه الكرامة وتُشترى فيه الذلّة بأغلى الأثمان.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com