الجمهورية المحررة .. ثورة “21 سبتمبر” تصون المبادئ الوطنية وتُسقط مشاريع الوصاية
الصمود||تقرير||طارق الحمامي
شكلت ثورة 21 سبتمبر 2014 محطة مفصلية في التاريخ السياسي اليمني الحديث، إذ جاءت كحركة شعبية واسعة وضعت حدًا لعقود من الوصاية الأجنبية، والفساد المستشري، والتبعية للخارج، وبدأت بتفكيك أدوات النفوذ الأمريكي والسعودي في الداخل اليمني. فبعد سنوات من التبعية والارتهان التي فرضها من تصفهم القوى الشعبية بـ”مرتزقة العدوان”، تمكّن الشعب، من خلال قواه الثورية، من استعادة القرار الوطني المستقل، وإعادة صياغة مستقبل اليمن وفقًا لإرادة أبنائه.
ما قبل الثورة .. وصاية وهيمنة ونهب
قبل اندلاع ثورة 21 سبتمبر، كانت البلاد ترزح تحت نظام سياسي قائم على المحاصصة، وتغذيه السفارات الأجنبية، وتدعمه العواصم الخليجية والغربية التي مارست وصاية مباشرة على القرار السيادي، عبر أدوات محلية أُعدّت بعناية لتنفذ أجندات خارجية، على رأسها ، تمكين النفوذ الأمريكي تحت غطاء “مكافحة الإرهاب”، وإخضاع الاقتصاد اليمني لصالح المنظومة الخليجية، وتفكيك النسيج الاجتماعي وإثارة النعرات المناطقية والطائفية.
هذا الوضع جعل البلاد عاجزة عن النهوض، وأسيرة للقرارات الخارجية التي كانت تتحكم بمسارات السلطة والثروة وحتى السيادة الوطنية.
ثورة 21 سبتمبر .. صحوة شعبية أسقطت الوصاية
مع تراكم الوعي الشعبي واتساع دائرة السخط، اندلعت ثورة 21 سبتمبر منطلقة من أهداف وطنية خالصة، أهمها، استعادة القرار اليمني المستقل، وإسقاط أدوات الوصاية والفساد، ومواجهة المشاريع التقسيمية والتكفيرية التي رعتها أطراف في الداخل بدعم خارجي.
وما إن تحقق النصر الشعبي في 21 سبتمبر، حتى بدأت القوى المتضررة في الداخل والخارج ترتب صفوفها لإجهاض هذه الثورة، باستخدام أدواتها الإعلامية والعسكرية والسياسية.
العدوان والحصار .. رد الفعل الخارجي على سقوط الهيمنة
لم تمضِ أشهر قليلة على انتصار ثورة 21 سبتمبر، حتى شُنت حرب عدوانية شاملة قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركة سعودية وإماراتية، تحت ذريعة “إعادة الشرعية”، في حين أن الهدف الحقيقي كان، إعادة اليمن إلى بيت الطاعة، وكسر الإرادة الثورية والسيادة الوطنية، ومنع صعود نموذج يمني مستقل يرفض التبعية.
وقد سخّرت قوى العدوان أدواتها المحلية من المرتزقة والمكونات التابعة، في محاولة دائمة لزعزعة الأمن والاستقرار، وبث الفوضى في الداخل، خدمةً لأجندات صهيوأمريكية.
محاولات استغلال 26 سبتمبر .. بين الشعارات المفرغة والمشاريع المشبوهة
منذ بدء العدوان على اليمن، تحولت ذكرى ثورة 26 سبتمبر ، إلى محطة موسمية تحاول قوى العدوان من خلالها بث سمومها السياسية والإعلامية، عبر تحريف الوعي الشعبي وادّعاء أن ثورة 21 سبتمبر “انقلاب على الجمهورية”، وشيطنة الثورة الشعبية التي أسقطت أدوات الوصاية، تحت ذرائع مناطقية أو مذهبية، وتصوير أنفسهم كـ”حماة 26 سبتمبر”، وهم ذاتهم من خنقوا الجمهورية اليمنية خلال عقود من التبعية والانبطاح.
وتُستخدم هذه المناسبة في وسائل إعلام العدوان والمنصات الممولة خارجيًا كأداة للتحريض والتجييش، بدلًا من أن تكون مناسبة لتوحيد الصفوف وتجديد العهد مع أهداف الثورة اليمنية الحقيقية، الحرية، الاستقلال، العدالة، والكرامة.
وهو ما أكده السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، بأن الشعب اليمني قدّم التضحيات لاستكمال مسار التحرر الذي أُجهض على مدى عقود من قبل أدوات الاستعمار الجديد، مشدداً على أن أبناء 26 سبتمبر الحقيقيون، هم الذين يقفون في وجه الوصاية الأجنبية، ويرفضون التبعية، الذين لم يسمحوا أن تتحول الجمهورية إلى غطاء للعمالة والخيانة.
كما شدد حفظه الله على أن الجمهورية اليمنية قضية وطنية جامعة، ومن يرفع شعار 26 سبتمبر وهو يتحالف مع أمريكا وإسرائيل والسعودية والامارات، لا علاقة له بالثورة ولا بالجمهورية، التي يجب أن تكون تحت سقف الاستقلال والسيادة الكاملة.
وفي سياق هذا الموقف الثابت والمبدئي للسيد القائد يحفظه الله ، أكد فخامة المشير مهدي محمد المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى على أن ثورة 21 سبتمبر جاءت لتعيد لثورة 26 سبتمبر اعتبارها ومضامينها الوطنية التي تم التفريط بها خلال عقود التبعية والفساد، وأوضح أن القوى التي تتشدق بالجمهورية اليوم، هي نفسها التي استدعت العدوان، وبرّرت الوصاية، وتآمرت على الشعب اليمني وحقوقه المشروعة، مشدداً على أن الجمهورية اليمنية هي العنوان العريض الذي نتمسك به، وهي لكل أبناء الشعب اليمني دون استثناء، تحت راية الاستقلال، ورفض التدخل الخارجي، والتخلص من الفساد والارتهان.
وبين الشعار الفارغ والموقف الصادق، يختار اليمنيون اليوم أن يكونوا مع الثورة الحقيقية، ومع الجمهورية الصادقة، ومع الوطن الذي لا يُباع ولا يُشترى.
الجمهورية اليمنية .. مظلة وطنية وسياسية جامعة
ما يؤكده السيد القائد والقيادة السياسية هو أن الجمهورية اليمنية اليوم، ليست شعارًا يُتاجر به في وسائل الإعلام، بل نظام سياسي قائم على الحرية والاستقلال، وليست حكرا على حزب أو فئة، بل كيان جامع يحتضن كل اليمنيين، ولا يمكن أن يسمح الشعب اليمني أن تدار من فنادق الخارج، بل من أرض اليمن، وبإرادة يمنية مستقلة.
ويأتي هذا الموقف الحازم في مواجهة محاولات التشويه والتشكيك، ليؤكد أن الثورة مستمرة، والجمهورية محمية بإرادة الشعب، لا ببنادق المرتزقة ولا بصفقات السفراء.
ومن يحاول زرع الفتنة، إنما يسعى لتمزيق الذاكرة الوطنية وتشتيت الوعي الشعبي الذي تجسد بإرادة صادقة وعزيمة لا تلين رافعاً شعار التحرر والكرامة والسيادة الوطنية.
ثورة 21 سبتمبر .. المشروع الوطني في مواجهة المؤامرات
رغم مرور أكثر من عقد على ثورة 21 سبتمبر، لا تزال التحديات ماثلة، حيث يواصل تحالف العدوان وأدواته محاولات زعزعة الداخل، وتشويه صورة الثورة، واستغلال المناسبات الوطنية لتحقيق مآرب سياسية ضيقة.
لكن الواقع يشير إلى أن الشعب اليمني بات أكثر وعيًا وإدراكًا، وأن المشروع الوطني الاستقلالي، الذي تقوده ثورة 21 سبتمبر، أثبت صلابته في وجه أعتى عدوان شهدته المنطقة.
فالثورة ليست لحظة، بل مسار مستمر، ومن يظن أن بإمكانه إجهاضها بـالتحريض أو الفوضى، إنما يراهن على وهمٍ فقد صلاحيته في وجدان الشعب.
نقلاً عن موقع يمانيون