العرب.. بين عجز الشجب وبطولة اليمن
الصمود – بقلم/ حاتم الأهدل
في مشهد مكرَّرٍ يلخِّصُ مأزِقَ الأُمَّــة، تواصل الدبلوماسيةُ العربية تقديم نفس الأداء المتهالك: بيانات “الشجب والتنديد”؛ ردًّا على انتهاكات الكيان الصهيوني الصارخة، والتي كان آخرها قصف العاصمة القطرية الدوحة ومحاولة اغتيال قادة حماس تحت الحماية القطرية.
هذه الجريمة تمثل انتهاكًا مزدوجًا: لسيادة دولة عربية، ولعملية تفاوضية تديرها الدولة ذاتها. لكن رد الفعل العربي الرسمي جاء ضعيفًا ومتلكئًا، على النقيضِ من الإدانات الحادة والسريعة التي وجهت لإيران بعد قصفها قاعدةَ العُدَيْد.
تناقُضٌ يكشِفُ عن معاييرَ مزدوجة مهينة، ويشير إلى أن سيادة بعض الدول العربية أصبحت “منقوصة” في نظر العدوّ.
الكيان الصهيوني لا يفرق بين سُنِّي في قطر أَو شيعي في لبنان أَو عميل في مكان آخر. منطقه هو منطق القوة الغاشمة والتوسع، وجميع العرب في نظره مُجَـرّد أرقام في معادلة أمنه. من يعتقد أن التطبيع سيحميه من هذا البطش فهو واهم؛ فالكيان لا يحترم إلا من يقف أمامه بقوة، وسيأتي دور الجميع إذَا استمرت حالة الاستسلام.
في المقابل، تبرز اليمن كنموذج وحيد يتحدث بلغة الردع التي يفهمها العدوّ. فبينما تتهافت العواصم العربية على إصدار البيانات، تطلق صنعاء صواريخها نحو أهداف العدوّ، رغم ما تعانيه من حصار جائر وعدوان همجي.
موقف الشعب اليمني، بقيادة السيد القائد عبدالملك الحوثي، هو درس بليغ في استشعار المسؤولية. فرغم قلة الموارد والمعاناة من الحصار، يحملون هم الأُمَّــة وينصرون المستضعفين في غزة؛ لأَنَّ القضية عندهم هي قضية عقيدة وإيمان. لقد أثبتوا أن القوة الحقيقية هي قوة الله، وأن التفوق العسكري لا يعني شيئًا أمام إرادَة شعب يؤمن بعدالة قضيته.
الأمة العربية اليوم على مفترق طرق: إما أن تستفيقَ من سُباتها، وتتعلَّمَ من درس اليمن الجريء في الردع والكرامة، وإما أن تنتظرَ دورَها في طابورِ الإهانة الصهيوني، وهي لا تملِكُ سوى سلاح “الشجب والتنديد”. الخيارُ واضحٌ: إمَّا العزةُ وإما الذل.