مؤامرة دولية على اليمن: حرب استنزاف أم مختبر نفسي؟
الصمود – بقلم/ د. ناصر البداري
منذ اثني عشر عامًا واليمنُ يعيش حربًا ليست كغيرها من الحروب، بدأت عام 2015 كعدوان عسكري، لكنها سَرعانَ ما تحوّلت إلى حرب مركَّبة تستهدف الإنسان اليمني في وعيه وصبره ومعنوياته، لا في جسده فقط.
لقد أراد العالَمُ أن يعرف: كم يمكن لإنسان يمني أن يصمُدَ أمام الحصار، وضغوط العدوان، وتقلبات المواقف الدولية؟ بدا وكأن اليمن أصبح مختبرًا لصمود الشعوب، وتجربة مفتوحة في علم النفس الجماعي، حَيثُ تتقاطع فيها السياسة والإعلام والحرب النفسية.
لكن ما لم يتوقعه العالم، أن هذا الشعب الذي أرادوا منه أن ينهار، قد حوّل المعاناة إلى طاقة صبر، والجراح إلى دروس ووعي.
فقد طوّر اليمنيون آليات نفسية للدفاع عن الذات لا تُدرَّس في جامعات الغرب، من أهمِّها روح التكاتف، والإيمان بعدالة قضيتهم، والسخرية من الصعاب بدلًا عن الاستسلام لها.
اليوم، وبعد اثني عشر عامًا من العدوان، يمكن القول إن الحرب النفسية على اليمن فشلت.
فالمجتمع اليمني – رغم ما عاناه – ما يزال يحتفظ بتوازنه، ويقاوم اليأس، ويرى في الصمود نوعًا من العلاج الجمعي من الإحباط، ووسيلة لحماية كرامته الوطنية والإنسانية.
لقد أرادوا أن يُنهكوا اليمن، فإذا بهم يوقظون فيه أعمقَ معاني القوة.
وأرادوا أن يزرعوا الخوف، فإذا باليمنيين يتعلمون من الألم فنّ التحدي.
وأرادوا أن يُسكتوا صوته، فإذا به يعبّر عن نفسه بالثبات والإصرار.
من قلب صنعاء أقول:
لسنا ضحايا فقط، بل شعب يواجه أعتى حرب دولية بالعقل والإيمان والابتسامة.
وإن كانت المؤامرة ما تزال قائمة، فإن الوعي اليمني أصبح أقوى من أن يُهزم بالحرب أَو يُخدع بالشعارات.
الرحمة للشهداء العظماء..
والشفاء للجرحى..
* أستاذ علم النفس الاجتماعي – جامعة صنعاء
 
			