قرار نزع سلاح المقاومة في لبنان.. خضوع للخارج أم انتحار سياسي..؟
الصمود||تقرير||منصور البكالي
بالتزامن مع التصعيد المتواصل من قِبل كيان العدو الصهيوني ضد لبنان، فجَّر قرار الحكومة اللبنانية بمحاولة نزع سلاح المقاومة جدلاً واسعًا حول خلفياته وتوقيته الخطير.
وبين التعري والانكشاف للحكومة اللبناني وخضوعها للإملاءات الأمريكية والسعودية، وتحذيرات المقاومة والنخب الاكاديمية والشعبية من الانزلاق نحو فتنة داخلية، يؤكد محللين سياسيين وإعلاميين ومنهم رئيس التيار الوطني الحر في لبنان جبران باسيل، والإعلامي خليل نصر والنائب السابق نزيه منصور، بوصفهم هذا القرار بأنه “وصمة عار” على جبين السلطة السياسية في بيروت، وإقرار لورقة أمريكية، ومؤشر خطير على تآكل السيادة والميثاقية الوطنية.
باسيل يقول في تصريح له اليوم: “من المعيب أن تجتمع الحكومة اللبنانية لإقرار ورقة أمريكية”.
فيما يعتبر الإعلامي خليل نصر، في حديثة لقناة المسيرة، الليلة، قرار الحكومة اللبنانية، ليس إلا نتاجًا لضغوط أمريكية وسعودية، يسعى من خلفها كيان العدو الصهيوني لتفجير الوضع الداخلي في لبنان بعدما فشل عسكريًا في تحقيق أهدافه.
وما يجرى – بحسب نصر الله – هو انقلاب على الميثاقية الوطنية، إذ اتُّخذ القرار خارج التوافق السياسي والطائفي، وتجاوز الإرادة الشعبية. اللافت أن الطروحات المقدَّمة جاءت وفق “ورقة أمريكية” لا تراعي المصلحة اللبنانية، بل تخدم مشروعًا أكبر لتجريد المقاومة من سلاحها، وإعادة صياغة ميزان القوة لمصلحة كيان العدو.
ويردف “المقاومة التي حرّرت الجنوب عام 2000، وتصدّت لعدوان تموز 2006، وشاركت في محاربة الإرهاب، أصبحت اليوم في مرمى سلطة تمثل فئة سياسية مرتبطة بالخارج، لا تراعي أن أي استهداف للمقاومة في هذا التوقيت لا يعني فقط المواجهة مع حزب الله، بل انقسامًا داخليًا لن يخرج منه أحد منتصرًا.
ويواصل “القرار ليس لبنانيًا، بل جاء استجابة لأوراق أمريكية مقدمة مسبقًا، وهو بمثابة إشارة خضوع واضحة، الحكومة الحالية تجاوزت الميثاقية الوطنية، وفتحت الباب أمام مزيد من التوتر، رغم إدراك الجميع أن أي اشتباك داخلي لن يكون فيه رابح سوى كيان العدو الصهيوني”.
ويشدّد على أن مكونات الشعب اللبناني، السياسية والشعبية، لا يمكن أن تقبل بجرّ البلاد إلى فتنة داخلية خدمة لأجندات خارجية، مشيرًا إلى أن مثل هذه القرارات سيتم التعامل معها وكأنها “لم تكن”.
في السياق يحذّر النائب السابق نزيه منصور من فشل الرهان على الجيش اللبناني لتطبيق القرار، إذ لن تقبل المؤسسة العسكرية التحول إلى أداة قمع ضد شعبها ومقاومتها.
ويشير إلى تاريخ انقسام الجيش في السبعينيات والثمانينيات، مؤكدًا أن أي صدام مع المقاومة مغامرة سياسية تقوض تماسك الدولة.
ويؤكد منصور أن سلاح المقاومة ليس ترسانة عسكرية فحسب، بل نتاج إرادة شعبية و”بيئة حاضنة” رافضة للخضوع ومصممة على حماية لبنان من أطماع العدو.
ويصف منصور القرار بـ”وصمة عار للحكومة الحالية بقيادة جوزيف، مشيرًا إلى أنها خاضعة للوصاية الأمريكية ولا تمثل الإرادة الشعبية.
ويُبرز أن الحكومة تضم أكثر من 15 وزيرًا يحملون الجنسية الأمريكية، وتُدار بأجندة خارجية تتنفيذ توجيهات أمريكية–صهيونية صرفة.
ويلفت إلى تناقض صارخ: فبينما يمنع كيان العدو عودة اللبنانيين لقرى الجنوب المدمرة، وتغيب مطالب الحكومة بإعادة الإعمار والانسحاب الصهيوني، تتبنى الأخيرة مباشرة إملاءات الخارج.
يُعتبر سلاح المقاومة الضمانة الوحيدة للدفاع عن لبنان في ظل عجز الجيش – رغم احترامه – عن المواجهة مع العدو، ويُحذَّر من أن دفع الجيش لمواجهة المقاومة رهان خاسر، حيث يدرك الجيش خطورة “الكأس المر” ولن يصطدم ببيئته الشعبية.
ويؤكد المحللون أن القرار لا يمثل إرادة اللبنانيين، ويرجحون تورط أنظمة عربية (خاصة السعودية) في تمويل الضغوط لتفجير الساحة الداخلية، كما يُنتقد موقف رئيس الحكومة والجمهورية والجيش لتحويل الحكومة إلى أداة تصفية المقاومة.
في السياق نفسه، يشير إلى أن مثل هذه القرارات لن تمرّ على الأرض، ولن تجد قبولًا من الشعب اللبناني، الذي اختبر المقاومة في كل المراحل، ويدرك أنها الضمانة الوحيدة للبقاء والكرامة والسيادة.
ويضيف “أي محاولة لتصفية سلاح المقاومة، سواء بالضغوط أو بالقرارات الحكومية، ستكون مقامرة خطيرة بمستقبل لبنان، ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام والتفكك، وهو بالضبط ما يسعى إليه كيان العدو الصهيوني… لكن اللبنانيين وطنيون بما يكفي لإفشال هذه المخططات، كما أفشلوها في كل مرة سابقة”.
موقف حزب الله والمقاومة من الجلسة تعكس مستوى التعقل ، كما هو تصريح أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال بانه سيتعامل وكأنه لم يكن هذا القرار من الحكومة، كما يعكس الانزعاج الشعبي المقاومة والتيارات المقاومة وقياداتها، أن الأيام القادمة تحمل مفاجئات، كففيلة بأفشال مخطط العدو الصهيوني ومن يقف خلفة من الخونة والعملاء في الداخل.
وبالتالي، فإن أي محاولة لنزع هذا السلاح بالقوة أو عبر القرارات السياسية لن تؤدي إلا إلى تعميق الانقسام الوطني، في وقت لا تزال فيه قرى الجنوب تحت مرمى النيران الصهيونية، وملف إعادة الإعمار غائب عن أولويات الحكومة.
في ظل هذا الواقع المرتبك، تُطرح تساؤلات مصيرية: هل تستطيع الحكومة اللبنانية، بكل مكوناتها، تحمل مسؤولية قرارٍ يفتح أبواب الجحيم الداخلي؟ وهل ينجح كيان العدو الصهيوني، عبر أدواته الإقليمية والدولية، في تحقيق ما عجز عنه عسكريًا عبر المفاوضات والضغوط؟ أم أن الوعي الشعبي والتمسك بالمقاومة سيُفشل مرة أخرى مشاريع الإخضاع والتفكيك، كما أفشلها في السابق؟
الأسابيع المقبلة ستكشف إن كان لبنان على مشارف انفجار داخلي، أم أنه سينجو مرة أخرى بفضل وعي أبنائه وقوة مقاومته.
نقلاً عن موقع المسيرة نت