صمود وانتصار

منظمات حقوقية تطالب الرياض بوقف تسريح موظفين يمنيين.. العنصرية السعودية تتجلى في أبها صورها

الصمود:
كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن عشرات الآلاف من اليمنيين العاملين في السعودية يواجهون إجراءات متتالية، بدءا من تسريحهم من أعمالهم، مرورا بمنعهم من تلقي فيروس كورونا، وصولا إلى الترحيل القسري لهم من أراضي المملكة. ومنذ شهري يوليو وأغسطس، بدأت الحكومة السعودية حملة تسريح ضد المئات من المهنيين اليمنيين، بينهم أكاديميون وأطباء ومعلمون، إذ أنهت عقود العمل مع جامعات واقعة جنوب المملكة. وكان رئيس الوفد الوطني “محمد عبدالسلام” استنكر، منتصف الشهر الجاري، ما يتعرض له المغتربون من مضايقات غاية في السوء دون أي سبب سوى أنهم يمنيون، مؤكداً أن قضية المغتربين اليمنيين قضية إنسانية بامتياز. وتشن السعودية منذ 2015 عدوانا غاشما على اليمن راح ضحيته آلاف من الاطفال والنساء كما تم تشريد مئات الالاف وتدمير كامل البنية التحتية في البلاد اثر العدوان كما تفرض السعودية بالتعاون مع الامارات وامريكا وبريطانيا حصارا على الشعب اليمني حيث يموت طفل يمني بسبب الجوع والمرض كل 3 دقائق بحسب الامم المتحدة.

وفي هذا السياق، ذكرت بعض المصادر الاخبارية، أن القرار السعودي بإنهاء عقود موظفين يمنيين في مناطق جنوب السعودية (عسير والباحة ونجران وجازان)، من بينهم 106 أساتذة جامعيين وأطباء وغيرهم في القطاعين العام والخاص، جاء بشكل عنصري ومفاجئ. ولفتت تلك المصادر إلى أن السلطات السعودية وجهت إنذارات نهائية لجميع المنشآت السعودية في الجنوب، التي لديها عمالة يمنية، حصرا بإنهاء عقودهم وإنهاء كفالتهم، تمهيدا لترحيلهم إلى اليمن خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر. وهذه القرارات أحدثت موجة استياء واسعة بين أوساط اليمنيين، لكونها ستكون لها تداعيات كبيرة على العمالة اليمنية هناك، وكذلك على أسرهم في اليمن. وحول هذا السياق، دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية يوم الثلاثاء الماضي السعودية إلى تعليق قرار تسريح موظفين يمنيين من وظائفهم، ما قد يجبرهم على العودة لبلادهم التي تشهد حسب الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وحسب تقدير الحكومة اليمنية حتى العام 2020، يعيش ويعمل نحو مليوني يمني في السعودية المجاورة وتشكل تحويلاتهم المالية شريان حياة لآلاف اليمنيين واقتصاد بلادهم المتداعي.

وطالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” غير الحكومية السعودية بوقف تسريح موظفين يمنيين الأمر الذي قد يدفعهم للعودة إلى بلادهم المنكوبة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. وقالت المنظمة غير الحكومية الدولية في تقريرها، إن “السلطات السعودية بدأت منذ تموز/يوليو الفائت إنهاء أو عدم تجديد عقود موظفين يمنيين وهو ما قد يجبرهم على العودة إلى الأزمة الإنسانية في اليمن”. ودعت المنظمة السلطات السعودية إلى “تعليق هذا القرار والسماح لليمنيين بالبقاء في السعودية مع القدرة على العمل”. وتشكل التحويلات المالية للموظفين والعمال اليمنيين في السعودية شريان حياة لآلاف اليمنيين واقتصاد بلادهم المتداعي. وقدر البنك الدولي في 2017 قيمة هذه التحويلات بنحو ثلاثة مليارات دولار سنويا. وشكلت التحويلات المالية الواردة من السعودية 61 بالمئة من التحويلات الخارجية في 2018، بحسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية.

وذكرت “هيومن رايتس” أن وسائل إعلام سعودية أفادت في تموز/يوليو أن منصة قوى التابعة لوزارة الموارد البشرية أصدرت “بيانا حول قواعد جديدة تطالب الشركات بالحد من نسبة عمالها من جنسيات معينة بما في ذلك 25 بالمئة للمواطنين اليمنيين”. وبحسب تقديرات هذه المنظمة الحقوقية حتى العام 2020، يعيش ويعمل نحو مليوني يمني في السعودية المجاورة، بعضهم ولد منذ سنين في المملكة الغنية بالنفط ولم يزوروا اليمن قط. وأوضحت المنظمة الحقوقية أن العمال الذين لا يجدون صاحب عمل آخر ليقوم بدور الكفيل بحسب نظام العمل السعودي “يُجبرون على مغادرة البلاد أو يواجهون الترحيل وهو ما قد يعني بالنسبة لليمنيين خطرا على حياتهم”.

وفي هذا السياق، قالت باحثة اليمن في المنظمة “أفراح ناصر” إن “السلطات السعودية فعليا تسرح وتهدد بإعادة مئات وربما الآلاف من الموظفين اليمنيين قسرا إلى النزاع المستمر والأزمة الإنسانية في اليمن”. وأشارت إلى أن “السعودية تسعى دائما إلى الحصول على إشادة على مساهماتها الإنسانية في اليمن لكن هذا القرار يعرض العديد من اليمنيين لخطر جسيم”. وأجرت المنظمة مقابلات مع 15 يمنيا يعملون في القطاعين الصحي والتعليمي في المملكة أكدوا أن الوزارة السعودية المعنية أنهت عقود عملهم أو أوقفت تجديدها. وقال جميع المهنيين اليمنيين الخمسة عشر كل على حدة، إن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية قررت سرا إنهاء أو منع تجديد عقود العمال اليمنيين. وذكروا أن اليمنيين هم الوحيدون المستهدفون، وأن العمال الآخرين لم يتأثروا، مشيرين إلى أن عددًا متزايدًا من اليمنيين الذين يعرفونهم أُبلغوا بأن عقودهم قيد الإنهاء أو رُفض تجديدها.

ولفتوا أيضا إلى أنهم كانوا على علم ببعض حالات إنهاء الخدمة بين يمنيين مولودين في السعودية أو يمنيين متزوجين من سعوديات. وفي منتصف أغسطس، قالت جمعية الأطباء اليمنيين المقيمين بالخارج، وهي شبكة دولية من العاملين الطبيين اليمنيين تعمل على زيادة الوعي بحقوق العاملين الصحيين اليمنيين، إن مئات العاملين الصحيين اليمنيين في السعودية اتصلوا بالجمعية ليقولوا لها: تم إخطارهم بأن عقودهم ستنتهي أو لن يتم تجديدها، مما يعرضهم لخطر الترحيل إلى اليمن. ونحو نصف العمال اليمنيين الذين تمت مقابلتهم قالوا إن أصحاب عملهم السعوديين اتصلوا بهم وأخبروهم شفهياً أن عقودهم لن تُجدد. وأكدوا أن فقدان وظائفهم سيمنعهم أيضًا من إعالة عائلاتهم في اليمن التي تعتمد عليهم ماديًا. وعلى نفس هذا المنوال، لفتت “رايتس ووتش” إلى إنه على الحكومة السعودية التوقيع والتصديق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، والاتفاقية الدولية لعام 1990 بشأن حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. وأضافت “يجب أن تسن قانونا للاجئين يتوافق مع المعايير الدولية، وأن تضع إجراءات لجوء عادلة للمواطنين الأجانب الذين قد يتعرضون لخطر الاضطهاد في بلدانهم الأصلية”. وأكدت أن على السعودية أن تسمح لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بممارسة تفويضها لتحديد وضع اللاجئ لطالبي اللجوء وتسهيل الحلول الدائمة لأولئك المعترف بهم كلاجئين، بما في ذلك، عند الاقتضاء، الاندماج في المملكة.

وهنا، يلفت الصحفي “فهد سلطان” إلى أن الإجراءات أو القرارات السعودية الأخيرة بخصوص العمالة اليمنية في المناطق المحادية لليمن، كانت قد بدأت في عام 2017 بالحدة نفسها، لكنها خفتت وعادت الآن من جديد. وأضاف “سلطان”، أن “الإجراءات السعودية الجديدة جاءت بطريقة مختلفة عن سابقاتها”. وأوضح أنه “في الإجراءات السعودية السابقة كانت السلطات هناك تصدر تعميمات رسمية بهذا الشأن، وتستهدف من خلالها المخالفين بشكل عام، لكن في الإجراءات الأخيرة لم يصدر من السلطات أي إعلان رسمي بشأن هذه الإجراءات”. وأشار إلى أن “هناك ثلاث جامعات سعودية أبلغت جميع اليمنيين العاملين فيها بإنهاء أعمالهم خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر”. وأردف: “هناك ما يقارب 106 أساتذة جامعيين يمنيين في جامعة نجران في جميع التخصصات أُبلغوا رسميا من قِبل المؤسسات، التي يعملون فيها، بإنهاء خدماتهم خلال أربعة أشهر”. وأكد الصحفي “سلطان” أن “هذه الإجراءات تستهدف بدرجة أساسية العمالة اليمنية بشكل خاص”، موضحا أن “هذه القرارات لم تستهدف عمالة الجنسيات الأخرى”. وعن حجم الضرر الذي سيلحق بالعمالة اليمنية جراء القرارات السعودية، وضح “سلطان”، أن “القرارات الجديدة مقسمة إلى مراحل، وستستهدف في مرحلتها الأولى المناطق الجنوبية السعودية التي يتواجد فيها بحدود مليون يمني”. وأفاد أن “الضرر الذي سيلحق باليمنيين هناك سيكون كبيرا وبالملايين، كونهم سيضطرون إلى بيع محلاتهم وممتلكاتهم بثمن بخس والعودة إلى اليمن التي تعيش حالة حرب”. الصحفي “سلطان” يرى أنه “كان يتوجب على السعودية عدم اتخاذ مثل هذه القرارات بحق العمالة اليمنية، كونها تدخلت في الحرب اليمنية”.

بدوره، يقول رئيس منظمة “سام” للحقوق والحريات، “توفيق الحميدي”، إن “الإجراءات السعودية الجديدة التي تطال العمالة اليمنية في المملكة تكشف عن السلوك الاستعلائي، والتمييزي الذي تمارسه السعودية ضد العمالة اليمنية بشكل عام”. وأوضح أن “هذه الإجراءات أو القرارات السعودية ضد العمالة اليمنية تشكل انتهاكا فاضحا لاتفاقيات حقوق الإنسان العالمية”. ولفت إلى أن “منظمة سام أصدرت بيانا أكدت من خلاله أن ما يمارس ضد العمالة اليمنية في السعودية هو نوع من التمييز المخالف للكرامة الإنسانية وللاتفاقيات الدولية”. وأفاد أن “هذه الإجراءات نوع من السلوك الممنهج، كون السلطات السعودية أوكلت لرؤساء الأقسام في الجامعات القيام بهذه الممارسات هروباً من وقوعها كدولة في شراك التنديد الدولي”. وفي هذا السياق، يقول”أحمد عبدالعزيز”، أحد المتضررين من القرارات السعودية، إن “الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات السعودية هي إجراءات تمييزية عنصرية ضد العمالة اليمنية”. وأفاد “عبدالعزيز”، أن “السعودية تعمل على التضييق على اليمنيين على أراضيها، وتتعامل معهم بطريقة استعدائية، وتستهدف كل شيء يمتّ لهم على كافة الجوانب”.