استراتيجية الهدن والمهادنة
الصمود – بقلم/ الدكتور فاضل الشرقي
استراتيجية العدو الصهيوني في جنوب لبنان وغزة هي: أنه لا يريد العودة للحرب المشتركة مجددا ولم يعد قادرا على تحملها وتحمل تبعاتها، ولكن يريدها من طرف واحد فقط، من طرفه هو ليحقق بها كل أهدافه، ولكن كيف له ذلك، وما هي خططه؟
هو يرى أن الطرف الآخر يظهر ويؤكد تمسكه بالإتفاق والسلام، وأنه لا يريد الحرب والقتال، ولن يعود إليها أبدا، فيظهر للجميع ما يوهم أنه يريد العودة للحرب ويسعى لها لو لا ظروف الإتفاق والوسطاء والتزام الطرف الآخر وتمسكه بوقف إطلاق النار، وسدّ الذرائع، ليدفعهم جميعا للتمسك أكثر وأكثر بجهود السلام واتفاق وقف إطلاق النار والإصرار على عدم العودة للحرب أو توفير ذرائعها وأسبابها مجددا.
فيوفر لنفسه بمساعدة وتعاون الجميع الفرصة والحماية والأمان، وينطلق في عدوانه بكل أريحية وهدوء -فيما يسميه الآخرون والوسطاء بالخروقات- ليقتل ويدمر ويستهدف من أراد وكيفما أراد ومتى ما أراد دون أن يتلقى أي ردود أو يتحمل أي خسائر، بينما يبقى الآخرون يعدون الخروقات ويقدمون الإحصاءات ويطلقون النداءات والمناشدات، وحينها تحضر أمريكا وحلفاؤها ويؤكدون ويطمئنون الجميع بأن الحرب قد توقفت وانتهت ولن تعود أبدا، وأن وقف إطلاق النار صامد والهدنة مستمرة.
فيما هو مستمر في إجرامه وعدوانه بأقل الكلف والخسائر التي لا تتجاوز كلفة الإطلاق ولإقلاع والهبوط، والجميع يقولون: الحرب توقفت وجهود السلام مستمرة، وإنما هي مجرد خروقات أمنية يجب أن تتوقف، وعلينا تفوية أي فرص يستغلها العدو لإشعال نيران الحرب من جديد؛ التي لا يعدم مبرراتها وذرائعها والتي لا يحتاج إليها أصلا، فيكون الكل قد وفر له فرصة الإستمرار في تنفيذ خططه العدوانية وتحقيق أهدافه الإجرامية، وفرصة التفلت من تبعات السخط والإثارة والإدانة والمساءلة.