ثورة “21 سبتمبر”.. من إسقاط الوصاية إلى قيادة معركة الأمة
الصمود||تقرير||
لم تكن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر مجرد محطة سياسية في تاريخ اليمن، بل مثلت ولادة جديدة لشعب ظل لعقود رازحًا تحت قيود الوصاية والتبعية.
فجّرت هذه الثورة المباركة ينابيع القوة الكامنة في الوعي اليمني، وأعادت صياغة علاقة الشعب بدينه وهويته ومستقبله، ليصبح أكثر يقينًا بأن التحرر من الداخل هو المدخل الطبيعي لتحرير الأمة بأسرها من قبضة المستكبرين.
ومنذ انطلاقتها، ترافقت الثورة مع رؤية شاملة ترتكز على المسيرة القرآنية كمنهج حياة، لتعلن أن اليمن لم يعد ساحة ضعيفة مستباحة، بل قاعدة صلبة في وجه المشاريع الاستعمارية، ورافعة حضارية لقضايا الأمة، وفي طليعتها القضية الفلسطينية.
ثورة التحرر وبداية الانتصار
في عام 2014، كان اليمن على وشك أن يُبتلع بالكامل في مستنقع التبعية والهيمنة الخارجية، بعد أن تحوّل إلى ساحة مفتوحة للمخابرات الأمريكية والسعودية والإماراتية، وتحوّل الجيش إلى أداة بيد الفاسدين، فيما جرى التمهيد لتقسيم البلد إلى ستة أقاليم تخدم أجندة الاستعمار.
في تلك اللحظة المفصلية، نهض الشعب اليمني بثورته المباركة، مدفوعًا بعقيدته القرآنية ووعيه التاريخي، ليعلن إسقاط الوصاية الخارجية، وإعادة القرار الوطني إلى صنعاء الحرة.
لم تكن ثورة مدعومة من الخارج كما حاول الأعداء تصويرها، بل كانت ثورة يمنية أصيلة، جسّدها الشعب بدمائه وإيمانه وصموده.
التصنيع العسكري.. معجزة الثورة
على مدى سنوات من الحصار والعدوان، لم تكتفِ ثورة 21 سبتمبر بالصمود، بل حوّلت التحديات إلى معجزات، فاليمن الذي حُرم من استيراد أبسط المعدات، استطاع أن يبني ترسانة عسكرية وصاروخية ومسيرات تفوق التوقعات.
لقد كان التصنيع العسكري اليمني ثمرة مباشرة لنهج المسيرة القرآنية التي جعلت جهاد البناء جزءًا من معركة التحرير، إلى جانب الزراعة والتصنيع الغذائي والدوائي، وهكذا أصبح اليمن قوة ضاربة، قادرة على كسر هيمنة قوى العدوان وإرباك العدو الإسرائيلي نفسه.
اليمن وفلسطين.. وحدة المعركة والمصير
ما يميز ثورة 21 سبتمبر أنها لم تُغلق على الشأن الداخلي فقط، بل حملت منذ يومها الأول هوية الأمة الواحدة، مؤكدة أن فلسطين هي القضية المركزية، وأن معركة غزة هي معركة اليمن كما هي معركة كل الأحرار.
لقد جعلت صنعاء من دعم المقاومة في فلسطين واجبًا عقائديًا وسياسيًا، تجسد في المسيرات الشعبية المليونية، وفي المواقف الثابتة، وفي الضربات العسكرية التي أغلقت ميناء “إيلات” وأربكت مطار “بن غوريون”، بهذا أثبت اليمن أنه ليس مجرد مؤيد، بل رأس حربة في معركة الأمة ضد المشروع الصهيوني الأمريكي.
رسالة الردع اليمني للعدو
العمليات اليمنية في البحر الأحمر، وضربات الصواريخ والطائرات المسيرة داخل الأراضي المحتلة، لم تكن مجرد استعراض قوة، بل رسائل استراتيجية للعدو مفادها أن اليمن بات لاعبًا رئيسيًا في معركة التحرير.
وقد أجبرت هذه الضربات الكيان الصهيوني على الاعتراف بفشله الاقتصادي والعسكري، حيث تراجعت حركة الملاحة والتجارة في موانئه، وتزايد القلق داخل جبهته الداخلية من اتساع دائرة النار.
الثورة والموقف الشعبي
إلى جانب الميدان العسكري، برز الشعب اليمني كقوة حاضرة بوعيه وإيمانه واندفاعه، ليجسد صورة الثورة الحقيقية، فمنذ الأيام الأولى، كانت الساحات اليمنية تضج بالمسيرات المليونية، التي لم تكن مجرد حشود بشرية، بل مبايعة جماعية للمسيرة القرآنية وتجديد عهد دائم لفلسطين.
وفي كل جمعة، ومع كل مناسبة، يتدفق مئات الآلاف من مختلف المحافظات حاملين الشعارات واللافتات، مرددين الهتافات التي تفضح الاستكبار وتؤكد وحدة المعركة مع العدو الصهيوني، إن هذا الحضور الشعبي لا يمثل مظاهر شكلية، بل يعكس حالة وعي جمعي جعلت من ثورة 21 سبتمبر مسارًا حضاريًا حيًا، يزرع في الأمة الأمل ويعيد لها هويتها ومشروعها التحرري.
لقد أثبت اليمنيون أن الثورة ليست فعل نخبة محدودة، بل هي فعل أمة بكاملها، تتحرك بروح واحدة ورؤية واحدة، وتربط حاضرها بمصير الأمة الكبير في معركة التحرر والاستقلال.
21 سبتمبر.. بداية النصر الكبير
اليوم، وبعد سنوات من الانطلاقة المباركة، يقف اليمن على أعتاب مرحلة جديدة من المواجهة، أكثر قوة وصلابة، وأكثر وضوحًا في الموقف: لا تراجع عن نصرة فلسطين، ولا عودة إلى التبعية، ولا قبول بوصاية الخارج.
إن ثورة 21 سبتمبر لم تُسقط فقط الوصاية عن اليمن، بل أسست لمرحلة جديدة من التاريخ العربي والإسلامي، جعلت من اليمن قوة محرّكة في محور المقاومة، وأكدت أن النصر الكبير لفلسطين قادم، طالما في الأمة شعب يمني يرفع راية المسيرة القرآنية، ويقاتل على درب الحرية حتى آخر مدى.