لماذا تحول المولد النبوي الشريف في اليمن إلى رعب للمتصهينين والمرتزقة؟
الصمود||تقرير||طارق الحمامي
تحوّلت مشاهد الاحتفالات المليونية الهادرة والغير مسبوقة على مستوى العالم التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء، ومعها عشرات الساحات في مختلف المحافظات، بمناسبة المولد النبوي الشريف، إلى تظاهرة شعبية كبرى جمعت بين الولاء الإيماني والانتماء الوطني، وبين الرفض السياسي للمشاريع الخارجية، وعلى رأسها المشروع الصهيوني والأمريكي وأدواته الإقليمية.
هذه الحشود التي خرجت رغم الحرب والحصار والمعاناة، لم تكتفِ بإحياء المناسبة الدينية، بل وجهت رسائل سياسية حاسمة إلى الداخل والخارج، عبّرت فيها عن موقف جماهيري رافض للتطبيع والاحتلال والوصاية، ومؤكد على أن اليمن بات رقمًا صعبًا في معادلة الصراع في المنطقة.
وقد أثار هذا الحراك الشعبي الضخم قلق العدو الإسرائيلي والدول المطبعة وعلى رأسها السعودية، كما كشف عن حالة ارتباك وغضب في أوساط المرتزقة والمتصهينين المحليين، الذين وجدوا في هذا الاستفتاء الشعبي تهديدًا مباشرًا لمشاريعهم وتوجهاتهم الموالية للهيمنة الغربية.
المولد النبوي .. استفتاء جماهيري هادر يرفض المشروع الصهيوني والارتهان للخارج
تحوّل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هذا العام في اليمن إلى ما يمكن وصفه بـ “استفتاء شعبي صريح”، عبّر من خلاله ملايين اليمنيين عن موقفهم الحازم ضد المشروع الصهيوني والاستعماري، ورفضهم القاطع لأي شكل من أشكال الارتهان للقرار الخارجي، سواء أكان سياسيًا أم دينيًا أم اقتصاديًا.
رغم الظروف الصعبة التي يعيشها اليمنيون منذ ما يقارب عقدًا من الحرب والحصار، خرجوا عن بكرة أبيهم إلى الساحات، رافعين رايات خضراء وشعارات الولاء للرسول الكريم، وأخرى تؤكد التمسك بالهوية المستقلة ورفض الاحتلال والتطبيع، وقد اعتبر الكثير من المراقبين هذه الحشود رسالة تحدٍّ صارخة لكل القوى التي راهنت على إضعاف الشعب اليمني أو تدجينه.
ويرى محللون أن هذا الاصطفاف الشعبي، في ظل الظروف الصعبة، يؤكد أن اليمن لم يعد فقط جزءًا من معركة الصمود، بل أصبح نقطة ارتكاز في معركة الوعي والمواجهة مع المشروع الصهيوني – الأمريكي وأذرعه في المنطقة.
لماذا أثار الاحتفال غضب “المتصهينين من المرتزقة”؟
ردود الفعل الغاضبة التي صدرت من شخصيات ووسائل إعلام تابعة المرتزقة المدعومة سعوديًا وإماراتيًا، كشفت عن حالة ارتباك وانزعاج بالغ من هذا الاحتشاد الكبير، فالمرتزقة المحليون الذين راهنوا على إضعاف الروح المعنوية للشعب، فوجئوا بملايين اليمنيين يحتشدون في صورة موحدة خلف قيادة وشعار واحد، ما اعتُبر بمثابة صفعة مدوية لمشروعهم المدعوم خارجيًا.
ووفقًا لمحللين، فإن هذا الغضب يعود إلى إدراكهم أن الحشود الجماهيرية ليست فقط دينية، بل تحمل مضمونًا سياسيًا يهدد مستقبل وجودهم كأدوات رخيصة في مشروع إقليمي ودولي أكبر، وأن المرتزقة قد فشلوا في فهم هذا البعد ما دفعهم إلى الهجوم لأنهم يعلمون أن كشف حقيقتهم أمام جمهورهم .
ففي حين أن أنظمتهم الداعمة تسعى لترويج التطبيع مع الكيان الصهيوني، خرج اليمنيون ليؤكدوا أن فلسطين لا تزال في وجدانهم، وأن العداء مع العدو الإسرائيلي عقيدة لا مساومة فيها.
في المقابل، عبّر ناشطون وإعلاميون محسوبون على حكومة المرتزقة، عمّا وصفوه بـ”الاستعراض الطائفي”، في محاولة لتقليل أهمية الحدث، بينما اعتبر مراقبون هذه المواقف انعكاسًا لحالة الارتباك والانزعاج داخل المعسكر الموالي للتطبيع والهيمنة الأمريكية.
ويرى مراقبون أن السبب الرئيس وراء غضب المتصهينين من المرتزقة من الاحتفال المليوني في صنعاء والمحافظات، يعود إلى فشلهم في كسر الإرادة الشعبية رغم عقد من الحرب والتضليل الإعلامي، ومحاولات دؤوبة لطمس الهوية الإيمانية والوطنية لليمنيين.
فالاحتفال الضخم الذي نُظم بإمكانات داخلية بسيطة، مقارنة بما تملكه دول العدوان من دعم مالي وإعلامي، كشف عجز الأدوات المحلية الموالية للتطبيع عن التأثير في الوعي الجماهيري، وهو ما شكّل لهم صفعة معنوية أمام جمهورهم الهش.
وأكثر ما أثار سخط المتصهينين، وفقًا لتحليلات سياسية، هو أن المناسبة جمعت بين البعد الديني والبعد السياسي المقاوم، ما يجعلها قوة ناعمة لا يمكن مجابهتها بالسلاح أو المال أو الخطاب الطائفي، وهو ما أربك حساباتهم، ودفعهم إلى شنّ حملات إعلامية محمومة لتشويه المناسبة والتقليل من أثرها.
رسالة أربكت العدو الإسرائيلي والدول المطبعة
العدو الإسرائيلي، الذي ظل ينظر إلى اليمن كـ”طرف ضعيف ومنهك”، فوجئ بالتغطية الإعلامية الواسعة وبالحشود الشعبية التي خرجت من كل الفئات والأعمار والشرائح، تهتف ضده وترفض وجوده.
وقد نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين في الاستخبارات الصهيونية قلقهم من تحول اليمن إلى جبهة عقائدية وشعبية رافضة للمشروع الصهيوني، خاصة في ظل العمليات المتواصلة التي تنفذها القوات اليمنية دعمًا لغزة، ومواقف صنعاء الصريحة من التطبيع والاحتلال.
كما أن هذا الحدث مثّل إحراجًا كبيرًا للدول العربية المطبعة، حيث بدا أن الموقف الشعبي اليمني يتفوق أخلاقيًا وسياسيًا على مواقف أنظمتهم الرسمية، ويكشف زيف الشعارات التي يرفعونها عن “السلام والاستقرار”.
خاتمة .. اليمن في قلب معركة الوعي والهوية
لم يعد المولد النبوي في اليمن مجرد مناسبة دينية، بل أصبح منبرًا سنويًا لتجديد العهد والهوية، والتأكيد على خيار المقاومة والاستقلال. ومن الواضح أن أعداء اليمن، من الكيان الصهيوني إلى أدواته المحلية، باتوا يدركون أن هذه الفعاليات تمثّل تهديدًا إستراتيجيًا على مشاريعهم الناعمة والخشنة على السواء.
وفي ظل استمرار الحرب والعدوان، وتفاقم الأزمات في المنطقة، يُثبت اليمن مجددًا أنه ليس فقط حاضرًا في ميدان المعركة، بل في طليعة معركة الوعي والموقف، وأنه لن يكون تابعًا أو مطبعًا مهما اشتدت المؤامرات وتكاثفت الضغوط.
نقلاً عن موقع يمانيون