اليمن يشيّع شهداءه على طريق القدس.. لا مجال للتراجع عن الانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني
الصمود||تقرير||
شيّع اليمن، اليوم الاثنين، في موكب جنائزي مهيب، رئيس الحكومة وعدداً من وزرائه الذين استشهدوا في غارات العدو الإسرائيلي التي استهدفت العاصمة صنعاء الخميس الماضي في محاولة لإركاع الشعب اليمني وكسر موقفه الثابت في مساندة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
ورغم فداحة الخسارة باستشهاد رئيس الحكومة وتسعة من أعضاء مجلس الوزراء، أكّد اليمن قيادةً وشعباً تمسكه بخيار المقاومة، ومواصلة العمليات العسكرية في العمق الصهيوني. وأجمعت المواقف الرسمية والشعبية على أنّ الغارات لن تُضعف عزيمة اليمنيين، بل ستزيدهم إصراراً على مواجهة العدو الإسرائيلي إلى جانب الشعب الفلسطيني.
وفي حضرة الشهداء جدد اليمن موقفه الواضح والثابت بأنّ لا مجال للتراجع عن الانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني، حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة. فما يقدمه الشعب من تضحيات جسام إنما يعكس قناعة راسخة بأن ثمن الموقف أقل بكثير من ثمن السكوت أمام جرائم العدو.
الحشود الجماهيرية التي حضرت مراسم التشييع عبّرت عن حالة الإجماع الوطني على الاستمرار في طريق الدعم والمساندة، معتبرةً أنّ الدماء التي سالت في صنعاء امتزجت بدماء الفلسطينيين في غزة، لتؤكد وحدة المصير والعدو والقضية.
وأكد مشاركون في التشييع أنّ العدو الإسرائيلي أخطأ في حساباته، مشددين على أنّ الشعب اليمني الذي صمد في وجه سنوات من الحصار والغارات لن تنال منه ضربة عابرة، بل سيواصل التحدي بالتحدي، ويصعّد عملياته حتى تحقيق أهدافه.
وتؤكد مشاهد التشييع والفعاليات الشعبية أنّ الشعب اليمني بات أكثر تماسكاً وصلابة أمام العدوان، وأنّ دماء الشهداء ستتحول إلى قوة دفع جديدة في مسار مواجهة العدو الإسرائيلي، حتى تحقيق الانتصار لفلسطين ورفع الحصار عن غزة.
وكان في مقدمة مراسم التشييع عضو المجلس السياسي الأعلى محمد النعيمي، والقائم بأعمال رئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح، ومفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، وأمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري، وأمين عام رئاسة الجمهورية حسن شرف الدين، ونائب رئيس مجلس الشورى ضيف الله رسام، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى، ومشايخ اليمن وقيادات مدنية وعسكرية وأمنية، وشخصيات اجتماعية.
وانطلقت مراسم التشييع من ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، حيث أُُدِّيت صلاة الجنازة على جثامين الشهداء التي لُفت بالعلم الجمهوري، يتقدمها حرس الشرف، ليتم مواراة الجثامين الثرى في روضة الرئيس الشهيد صالح الصماد.
أسماء الشهداء:
الشهيد المجاهد أحمد غالب ناصر الرهوي رئيس حكومة التغيير والبناء.
الشهيد المجاهد القاضي مجاهد أحمد عبدالله علي – وزير العدل وحقوق الإنسان.
الشهيد المجاهد معين هاشم أحمد المحاقري ـ وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار.
الشهيد المجاهد الدكتور رضوان علي علي الرباعي ـ وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية.
الشهيد المجاهد جمال أحمد علي عامر – وزير الخارجية والمغتربين.
الشهيد المجاهد الدكتور علي سيف محمد حسن ـ وزير الكهرباء والطاقة والمياه.
الشهيد المجاهد الدكتور علي قاسم حسين اليافعي ـ وزير الثقافة والسياحة.
الشهيد المجاهد سمير محمد أحمد باجعالة ـ وزير الشؤون الاجتماعية والعمل.
الشهيد المجاهد هاشم أحمد عبدالرحمن شرف الدين ـ وزير الإعلام.
الشهيد المجاهد الدكتور محمد علي أحمد المولد ـ وزير الشباب والرياضة.
الشهيد المجاهد محمد قاسم الكبسي ـ مدير مكتب رئاسة الوزراء.
الشهيد المجاهد زاهد محمد العمدي ـ سكرتير مجلس وزراء.
القائم بأعمال رئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح أكد خلال تشييع رئيس حكومة التغيير والبناء، أن الشعب اليمني يواجه أعتى أمبراطوريات الاستخبارات في العالم. مشيرا إلى أن المنظومة الصهيونية بالكامل من الإدارة الأمريكية إلى الكيان الصهيوني إلى صهاينة العرب، هي من استهدفت الحكومة في سياق الاستهداف لكل من يقف في وجه مشروع الهيمنة الصهيونية على المنطقة.
وقال: “يا أبناء شعبنا وأمتنا، نخاطبكم من صنعاء التي شرفها الله بأعظم وأشرف وأعز موقف في الوقت الذي خنعت البشرية جمعاء عن نصرة المظلومين في فلسطين. اليمن اليوم يقدّم رجاله وأهله واقتصاده وموقفه في نصرة الحق، لسنا نادمين بل متشرّفون ومفتخرون ومقتنعون وراضون تمام الرضا، ونشعر بالتقصير، ولكن هذا ما في إمكاننا”.
كما أكد العلامة مفتاح أن الجهاز الحكومي للدولة متكامل، ويعمل بروح الفريق الواحد، يسانده الالتفاف الشعبي العظيم، والإرادة اليمنية بحكمة القائد العظيم. وأضاف: “لا قلق على أداء الجهاز الحكومي، بل سيتقوى، لأن دماء الشهداء تعطينا الحافز والمعنوية والإصرار، وأؤكد أن ما تسمعونه عمّا يسمى بدولة المؤسسات، دولة المؤسسات فعلاً قائمة، وما تم بناؤه خلال 11 عاماً بعد ثورة 21 سبتمبر هناك دولة مؤسسات، ولن يتأثر واقع الأداء الحكومي في مواجهة العدوان والتصدي له، وإدارة الشأن اليومي للشعب اليمني”.
وقال: “دخلنا في حرب كبيرة ليست سهلة ولا بسيطة، حرب قوية وكبيرة ومؤثرة، واشتبكنا مع الأمريكي، وهذه الحرب لم تكن عسكرية فقط، بل حرب على الاقتصاد والاتصالات والكهرباء والنفط، وكل مرافق البلد لم يبق شيء إلا وكان هدفاً للعدوان”. وأضاف: “كان العدو يريد خنق اليمن، باستهداف الموانئ بالكامل، والحمد لله، الأمر لم يصل إلى ما أراد العدو، بل الموانئ تعمل وتستقبل احتياجات اليمنيين، ولم تحدث أزمة غذاء ولا دواء ولا وقود، رغم أن العدو راهن على إحداث أزمة بكل الوسائل”.
وقال: “بصفتي رئيس لجنة الطوارئ العليا أؤكد لكم أن الوضع التمويني وتدفق السلع ممتاز، وأن العدو فاشل، والقوات المسلحة تضرب العدو، وآخرها سفينة النفط الإسرائيلية صباح اليوم”. وأضاف: “كنا مع بعضنا نقيّم عمل الحكومة، ونراجع خطة العام القادم، ونفكر في مشاريع استراتيجية مهمة في توطين الصناعات المهمة، وخاصة المرتبطة بالخامات اليمنية في التعدين وأمور كبيرة جدًا، وكنا نجهز ونعد، وسترى هذه الخطط النور”.
من جانبه أكد مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين أن الشعب اليمني ثابت على موقفه المساند للقضية الفلسطينية والداعم للمجاهدين في غزة مهما عظمت التضحيات وبلغت التحديات. وأشار إلى أن استشهاد رئيس الوزراء ورفاقه الوزراء، لن يزيد الشعب اليمني إلا مزيداً من الثبات والصمود في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب وشريكه الأمريكي، ومواصلة إسناد القضية الفلسطينية والمجاهدين في غزة.
وأوضح أن ديننا يقضي بأن نكون شهداء بالقسط، إذا علمنا أن أحدًا من أقاربنا يتعامل ويتخابر مع العدوان، فالواجب علينا ديناً أن نسارع في الإبلاغ عنه، حتى نحفظ الكثير من الدماء والأرواح، ونحافظ على وحدتنا وقوتنا ومبدئنا وموقفنا الثابت مع غزة وفلسطين”.