لا عذر للجميع أمام الله
الصمود||مقالات||بشرى خالد الصارم
نداءات مستغيثة، أصوات مكلومة، دموع مثقلة بخذلان الجار والقريب، قلوب بلغت من وجعها الحناجر، وعقول حُملت على الأكف من هول الخذلان، وأرواحٌ منهكة ومتعبة تخلت عن الأجساد قسراً، قلوب حرى، وأكباد جمرى، وبطون خاوية ناضرة، هذه هي سمات الأوجاع في قطاع غزة، وهذه هي صور الألم المستمر والمتكرر لفئة قليلة مسلمة رفضت الخنوع والاحتلال، رفضت الذل والاستسلام لعدوٍ طالما تربص بها منذ أكثر من 75عام فكان نصيبها أن تدافع بمفردها عن أمة عربية إسلامية مدججة بأعتى الجيوش وأقوى الأسلحة، تدافع عن كرامة الأمة الإسلامية الذي هتكه العدو الصهيوني، تقاتل وتبذل دمها وروحها فداء لأوطان عربية إسلامية، واليوم تقاتل وبطونها خاوية، وأجسادها موجوعة مرهقة، بأعلى صوت بين لفح القصف والجوع نداء ملأ الوجود ياللمسلمين ياللعرب، ولكن لا حياء لمن تنادي.
لأن يجوع قطاع صغير في أرضه ووطنه، لأن يموت أبناؤه وهم يشتهون كسرة من رغيف خبز وسط أمة إسلامية عربية يجاورونه لا يفصلهم عن هذا القطاع سوى حدود تخيلية ذات أبواب مؤصدة ومغلقة من قبل حكامهم لهو الأشد عاراً والأشد ذلاً وخذلان، أمة عربية مسلمة تعاني من التخمة والبعض يعاني من السمنة، والبعض يدفع المليارات لعمليات التخسيس والنحافة بينما هناك قطاع صغير وسط هذه الرقعة الإسلامية يموتون من الجوع، يموتون من الحرمان لأبسط حقوق العيش في هذه الأرض وهو الأكل والشرب، لم نعد نتكلم عن الحرية لم نعد نتكلم عن جرائم القتل والاستباحة، لم نعد نتكلم عن القمع والتهجير والأسر، فالأمر اليوم فاق كل هذه الجرائم، الأمر اليوم حدث غير مسبوق، لم تشهد له البشرية منذ أن أوجدها الله في هذه الأرض، ولم تسبقها أمة من الأمم، ظلم وخذلان طال جميع القوانين، وتعدى جميع منصات الحقوق، وفجر جميع بيانات الإدانة والاستنكار.
أهالي غزة لم يثقلهم جرم العدو بقدر ما أثقلهم سكوت الشعوب العربية والإسلامية، أهالي غزة لم يوجعهم مناظر سقوط البعض بينهم من شدة الجوع والإعياء بقدر ما أوجعهم خذلان الشعوب العربية والإسلامية، لم يكونوا يتصوروا أن أمة محمد صلوات الله عليه وعلى آله ستصم آذانها وتعمي أبصارها وتقفل أفئدتها عن مشاهد التجويع الجماعي الذي يصيب أهالي قطاع غزة دون أن تتخذ موقف جاد وحازم، موقف قوي وصارم أمام هذا الجرم الذي قد وصل إلى حد اللاإنسانية بكل ما يعنيه الوصف من الحديث عنه.
قالها أسد المجاهدين “أبو عبيدة” أنتم خصومنا أمام الله، ورقابكم مثقلة بدماء أطفال ونساء أهل غزة،
فماذا سيكون عذركم اليوم؟؟! كيف ستكون بيانات إدانتكم هذه المرة؟! وبماذا ستجتمعون عليه في قمتكم القادمة؟؟! كيف ستقابلون الله يوم لا يفر من بين يديه المرء من حسابه وعقابه؟؟!
اعلموا بأن لا عذر للجميع أمام الله اليوم، انتهت كل الحجج، ودُحضت كل الشعارات، وانتُهكت كل القوانين، وجار اليوم ماهو أسوء له أن يجور، اليوم هي فرصة للجميع بأن يتحرك يقوم يخرج يندد يناضل، يثأر ويصرخ بالقول والفعل، فرصة لكل الأحرار أن يوقف هذه الجرائم، فقد بلغ الأمر منتهاه، وبلغ الصبر نهايته، فلا سلام دون قتال وجهاد، لا سلام دون قمع العدو وإيقافه، لا سلام دون أن تحمل سلاحك وتصوبه نحو وجه عدوك الصهيوني، من لا يرقبوا فينا إلا ولا ذمة، من لا عهد لهم، من لا مواثيق لهم، هم العدو فاقتلوهم أخرجوهم من حيث أتوكم، إنها فرصة إلهية من الله لتختبر وفاء هذه الأمة وتمتحن قوة عزمها وقوة بأسها أمة أخرجت للناس لتأمر بالمعروف ولتنهى عن المنكر، أما آن الأوان يا أمتي؟؟
أما آن الوقت؟!
فاليوم لا عذر للجميع أمام الله.