الصمود حتى النصر

التصعيد الجماهيري يتخطى 1300 ساحةً .. اليمن يواصل الإسناد المتكامل بالمَسيرات والمُسَيّرات

الصمود||تقرير||نوح جلاس

 بعدَ أقلَّ من 24 ساعةً على دعوة القائد بالخروج غير المسبوق، هبّ الشعبُ اليماني في صنعاء والمحافظات الحرّة، إلى الساحاتِ بشكل غير مسبوق؛ لنصرةِ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إزاء ما يعانيه من جرائم إبادة جماعية، يرتكبها العدوّ الصهيوني بتجويعِهم وتعطيشِهم وحصارهم، وقتل المجوّعين عمدًا إذَا ما خاطروا بالقدوم لاستلام المساعدات “الملغَّمة” التي يشرف على توزيعها، القاتلُ نفسُه وراعيه الرسمي.

اليمانيون جدّدوا التأكيدَ أنهم رهن إشارة القائد المؤمن الواثق، وخرجوا إلى أكثر من 1300 ساحة حملت شعار “لن نتهاونَ أمام إبادة غزة واستباحة الأُمَّــة ومقدَّساتها”، وهو رقم غير مسبوق، فضلًا عن الكثافة الجماهيرية “التاريخية” التي استنفرت في العاصمة وساحات المحافظات المركزية.

الحشدُ التاريخي رسّخ الموقفَ اليمني، وفتح صفحةً جديدةً من الإسناد لغزة، والتصعيد ضد العدوّ الصهيوني، وأثبت مجدّدًا أن اليمنَ سيظلُّ الكَفَّةَ الراجحةَ، في ظل الحراك العالمي المندّد بالإجرام “الإسرائيلي”، وما يقابلُه من صمتٍ وخنوعٍ وجمودٍ لدى الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية، باستثناء رقم لا يُذكر.

مليونية تاريخية “سبعينية”:

من صنعاء، احتضن ميدانُ السبعين مليونية تاريخية وغير مسبوقة، أكّـدت للجميع استعدادَ الشعب للخيارات التي بشّر بها القائد والتي ستدخُلُ خَطَّ المعركة في الفترة المقبلة؛ ما يثبّت حقيقةَ انتهاج اليمن – الدائم – للتصعيد الشامل.

الميدانُ البشري المقدسي الأكبر على وجه المعمورة، فاض بالحشود، فامتلأت المربعات المستحدثة والشوارع المتفرّعة منه، وتوشّح الحشدُ بعَلَمَي فلسطين واليمن، وشعار البراءة، لكن الزئير الشعبي هذه المرّة دوَّى في كُـلّ الأرجاء بهُتافات الصخب والاستنفار والاستنكار.

وفي الجانب المقابل، كانت مديرياتُ صنعاء الغربية البعيدة على الموعد، واحتشدت إلى 29 ساحة لإقامة المسيرات التضامنية، بالتزامن مع 95 وقفة احتجاجية (خارج الأرقام المذكورة)، عبّرت عن مدى الاستجابة الشعبيّة لداعي الدين والإنسانية ودعوة القائد.

ملامحُ النفير.. تصعيدٌ شامل:

أما في بقية المحافظات؛ فالتصعيد كان العنوان الثابت والأبرز؛ إذ شهدت الساحات المركزية نفيرًا جماهيريًّا هو الأكبر منذ بداية الطوفان، فضلًا عن ارتفاع أعداد الساحات في عددٍ منها، وعلى رأسها المحافظات المطلة على سواحل اليمن في البحر الأحمر وباب المندب، والتي تشير إلى أن النفير اليماني لا يقتصرُ على الكم الجماهيري فحسب، بل التأكيد على الاستعداد لكل الخيارات.

تعز “المندب” احتضنت 87 ساحةً حاشدة، بفارق 7 ساحات عن الأسبوع الفائت، فيما زادت الحديدة 4 مسيرات ليتوسَّعَ النفيرُ إلى 252، وهو رقمٌ قابلٌ للزيادة في الأسابيع المقبلة، بعد أن اعتاد الجميعُ على إصرار واندفاع حرّاس البحر الأحمر.

وفي اللواء الأخضر، تقاطر الأحرارُ إلى 227 ساحة على امتداد كافة مديريات وعزل محافظة إب، بفارق 7 ساحات عن الجمعة الماضية، فيما زاد العدد ذاته في محافظة عمران التي توسّع النفير فيها إلى داخل 113 ساحةً.

البيضاء بدورها واكبت التصعيد الشامل وأضافت 6 ساحات إلى حراكها الجماهيري، لتحتضنَ هذا الأسبوع 36 مسيرةً، أكّـدت – بجلاء – أن الشعب حَيثُ يرى القائدُ المستبصر، فيما ارتفع عددُ المسيرات في صعدة الثورة إلى 40، شهدت الساحةُ المركزية منها حشدًا تاريخيًّا غير مشهود، لتؤكّـدَ أنها ستظلُّ القلبَ النابض بالقضية الفلسطينية في كُـلّ المراحل.

وبالعودة إلى السواحل الغربية، عاود أحرارُ حجّـة الخروج في 265، لتواصل تصدُّرَها لكافة المحافظات من ناحية عدد المَسيرات الأسبوعية، فيما تجّدد الخروج في الضالع بواقع 15 مسيرة، وذمار 48، وريمة 77، والمحويت 94، والجوف 50، ومأرب 18، ومسيرتين في لحج.

أرقام الساحات في المحافظات المذكورة وإن كان ثابتًا عن خروج الأسبوع الفائت، إلا أن الكثافة الجماهيرية داخل الساحات كانت حاضرةً بقوة، وأكملت الرسالةَ ذاتَها في الاستجابة الشعبيّة السريعة للقائد الذي دعا لتلبية داعي الدين والأخلاق والإنسانية.

زئير هادر بصوت واحد:

وعلى وقع الاستنفار الشعبي التاريخي، زأر المشاركون بهُتافات موحّدة، وجّهها اليمانيون إلى العرب والمسلمين شعوبًا وأنظمةً: “غزة يا أعراب تنادي.. من منكم يطعمُ أولادي”، “غزة أوجعها الخِذلان.. أكثر من ظلم العدوان”، “يا عرب يا عرب.. أين الغيرةُ والغضب”.

وواصل هديرُ اليمانيين مخاطبًا أبناء الأُمَّــة: “في غزة شعب موجوع.. تركته الأُمَّــة للجوع”، “غزة يا أُمَّـة تعنيكم.. ما فيها اليوم غدًا فيكم”، “أمتنا للغرب أسيرة.. ينقصها وعيٌ وبصيرة”، “يا أُمَّـة غزة تعنيكم.. عاقبة الصمت ستخزيكم”.

وتوجّـه الأحرار بهُتافهم صوبَ غزة العزة التي باتت قبل الشموخ والكبرياء في هذا الكوكب: “في غزة لله رجال.. معجزة في الاستبسال”، “يا غزة يا جند الله.. معكم حتى نلقى الله”.

كما أكملت الهُتافاتُ رسائلَ الحشد بالتأكيد على أن: “موقفنا مِن أجلِ الله.. وجهادًا في سبيل الله”، “مع غزة يمن الأنصار.. بجهوزية واستنفار”، “الجهاد الجهاد.. حيَّا حيَّا على الجهاد”، “يا غزة واحنا معكم.. أنتم لستم وحدكم”، “فوَّضناك فوَّضناك.. يا قائدنا فوَّضناك”.

الحشود المليونية تقول الكلمة بلسان واحد:

وكما توحّدت الهُتافات، كان البيانُ مشتركًا في عموم الساحات، وقال فيه أحرار اليمن بلسان واحد:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ورضي الله عن أصحابه الأخيار المنتجبين.

قال اللهُ -سُبحانَه وتعالى-: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ، إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ، وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ، وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا). صدق الله العظيم.

استجابة لله -سُبحانَه وتعالى-؛ وجهادًا في سبيله؛ وابتغاء مرضاته، خرجنا اليوم في مسيراتنا المليونية؛ نُصرةً للحق؛ ووقوفًا في وجه الطغاة الظالمين المستكبرين، أمريكا وَ(إسرائيل)، الذين يرتكبون بحق إخواننا في غزة أبشعَ جرائم الإبادة الجماعية، قتلًا وتجويعًا وحصارًا، في ظل صمت وتخاذُلٍ عربي وإسلامي وعالمي مخزٍ ومشين.. ونؤكّـد على الآتي:

أولًا: خرجنا هذا الأسبوع وقلوبنا تعتصرُ ألمًا على أهلنا الأعزاء في غزة، الذين يتعرَّضون لأسوأ جرائم القتل والترويع، ويفتك بهم التجويع الممنهج من الداخل وتحاصرهم الخيانات من الخارج، ويحزننا بُعْدُ المسافة بيننا وبينهم الذي ينهكُ شعبُنا بالقهر والألم، ونشعرُ معه بالحزن والأسى؛ لأَنَّ الأنظمة الخانعة التي تفصل جغرافيًّا بيننا وبين غزة تحولُ دون وصولنا لنصرتهم؛ فلا هي التي نصرتهم، ولا هي التي فتحت الطريقَ للمجاهدين الأحرار للزحف إلى فلسطين والاشتباك مع اليهود الصهاينة مباشرة لتطهير الأرض من رجسهم وخبثهم الذي لا مثيلَ له في الدنيا، ويزيدنا ألمًا صمتُ وتخاذلُ، بل وتكبيلُ الأُمَّــة، وهي ترى شعبًا مسلمًا هو جزء منها وفي وسطها يُقتَل بأفتك أسلحة الإبادة، ويُمنَع عنه الماء والغذاء ليُقتَل جوعًا وعطشًا أمامَ أعين العالم بأكمله، ومئات الملايين من العرب والمسلمين تُحِيطُ به من كُـلّ جانب دون أن تحَرّك ساكنًا، بل تنتظر من يكون الضحية التالية.

ثانيًا: نحمِّل قادة أمريكا والكيان الصهيوني مسؤوليةَ جرائم الإبادة، واستخدام التجويع سلاح إبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، في جريمة نكراء تسقط كُـلّ أكاذيب المزايدين بشعارات وعناوين الحقوق والحريات، وكل ادِّعاءات الأخلاق والقيم، وتسجّل باسمهم أبشعَ جريمة في التاريخ يشاهدها العالم بالصوت والصورة، وتلطّخ بها تاريخهم الإجرامي الأقبح والأشنع، كما نحمِّل الصامتين والمتخاذلين من حكام الأنظمة العربية مسؤولية تشجيع العدوّ على الاستمرار والتمادي في هذه الجرائم، ونرحِّبُ ونعتزُّ بإعلان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) دراسةَ مزيد من الخيارات لاتِّخاذها ضد العدوّ الصهيوني، ونثق كُـلّ الثقة بأن قيادتنا الصادقة والمخلصة لا يمكن أن توفِّر أي جُهد في النصرة لغزة والدفاع عنها، ونؤكّـد جاهزيتَنا واستعدادنا لأية تبعات تترتب على أية قرارات لمواجهة العدوّ والتخفيف عن غزة وأهلها.

ثالثًا وأخيرا: نجدّد التأكيد على تمسكنا وثباتنا على الموقف الرسمي والشعبي الداعم لغزة وفلسطين كجزء من انتمائنا الإيماني بالله -سُبحانَه وتعالى-، وبكتابه العظيم، وبرسوله الكريم؛ وتنفيذًا لتوجيهاته بالجهاد في سبيله، والصبر في هذه الطريق، وثقتنا بالنتائج العظيمة والثمار الإيجابية الواعدة لهذا الخيار هي نابعة من ثقتنا بوعود الله للمتقين بالنصر والفلاح، وللمجرمين بالبوار والخسارة، وكل تاريخ الأمم شاهد على ذلك، قال الله تعالى: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا، إِنَّ الأرض لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). صدق الله العظيم.

نسأل الله -سُبحانَه وتعالى- أن يعجِّل بالفرج والنصر للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم ومجاهديه الأعزاء، وأن ينصُرَنا بنصره، وأن يرحَمَ الشهداء، ويشفيَ الجرحى، ويفرِّجَ عن الأسرى، إنه سميعٌ مجيبُ الدعاء.

صادر عن مسيرة: “لن نتهاوَنَ أمامَ إبادة غزةَ واستباحةِ الأُمَّــة ومقدَّساتها”.

بتاريخ ٣٠ محرم ١٤٤٧هـ الموافق ٢٥ / يوليو / ٢٠٢٥م

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام.

عملية جديدة تتوّج الخروجَ الأوسع.. الإسناد يتكامل

وبعد هذا الاستنفار الجماهيري على مسار التصعيد الشعبي، أعقب اليمنُ الجزءَ الآخر من إسناده لغزة، ونفّذ عمليةً نوعيةً في عمق الاحتلال الصهيوني، رسمت مفارقاتٍ ليست عجيبة، لكنها جدّدت التأكيدَ على تكامل الموقف اليمني جماهيريًّا وناريًّا.

صاروخ يمني جديد دَكَّ عمقَ الاحتلال، حاملًا معه أصوات الهُتافات التي زأر بها ملايين اليمنيين، فأجبر ملايينُ الصهاينة – كالعادة – على التزام الملاجئ؛ كون الأمن لم يعد متاحًا لأحدٍ منهم.

العملياتُ اليمنية الجديدة تواصلُ تضييق الحصار الجوي على كيان العدوّ؛ ردًّا على حصاره الخانق بحق غزة، ليقفَ اليمنُ موقفَ الحَكَم العَدل، بل وأكثر من ذلك؛ باعتبَاره ينفّذُ الحُكمَ على المذنب، وبقاعدة “الجزاء من جنس العمل” الذي يقترفُه العدوّ، والقادم أعظم.

نقلاً عن موقع المسيرة نت