اليمن وفلسطين: وحدة المصير في مواجهة الطغيان
الصمود||مقالات||أصيل علي البجلي
في زمن تلاطمت فيه أمواج الفتن، وتآمرت قوى البغي، تبقى قضايا الأُمَّــة الكبرى هي المحك الذي يختبر معادن الرجال وصدق الشعوب. إنها القضايا التي تُعظّم النفوس وتُصقل العزائم، وفي مقدمتها تتجلى القضية الفلسطينية كـ “بُوصلة” الشرف و”عنوان” الكرامة. إنها ليست مُجَـرّد أرض محتلّة، بل هي نبض الأُمَّــة، ورمز مقدساتها، وصرخة المظلومين التي يجب أن تُسمع وتُستجاب.
اليوم، يقف اليمن شامخًا، كـ”جبل أشمَّ” في وجه الريح، لا يهزه عصف العواصف ولا تخيفه شدة الخطوب. هذا الصمود الأُسطوري ليس وليد الصدفة، بل هو ثمرة قيادة ربانية واعية، تتجلى في شخص السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي يدرك بعمق أن مسيرة العز والكرامة للأُمَّـة تبدأ من نصرة الحق وقضايا المظلومين. هو الذي جسّد في خطابه وموقفه قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ” فكان التوجيه الصادق، والقُدوة الحسنة، منارة يهتدي بها الشعب اليمني في دروب الجهاد والتضحية.
لقد ارتفعت أصوات “أنصار الله” في اليمن لتعلنَها صريحة مدوية: أن فلسطين ليست مُجَـرّد قضية عربية، بل هي قضية إسلامية وعقائدية لا تقبل المساومة. هذا الإعلان لم يكن مُجَـرّد كلمات، بل تحول إلى أفعال على الأرض، تجلت في مواقف الشجاعة والتحدي التي أربكت حسابات الأعداء وأذهلت الأصدقاء. فاليمن، الذي عانى وما زال يعاني من ويلات العدوان والحصار، لم يتوانَ عن تقديم الدعم والمساندة لإخوانه في فلسطين؛ لأَنَّهم يدركون أن “وحدة المصير” تحتم عليهم الوقوف صفًّا واحدًا في وجه عدو واحد.
إن الإيمان العميق بأن النصر قادم، وأن الحق لا بد أن ينتصر، هو ما يغذي جذوة الصمود في قلوب اليمنيين. هذا الإيمان مستمد من قيادة تحوّل التحديات إلى فرص، والمحن إلى منح، مستندة إلى نصر الله الذي وعد به عباده الصادقين: “وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” فكانت هذه الآيات الكريمة وقودًا روحيًّا يدفعهم نحو المضي قدمًا، غير آبهين بكيد الكائدين ومؤامرات المتربصين.
لقد أثبت الشعب اليمني، بتلاحمه مع قيادته، أن إرادَة الشعوب الحرة لا يمكن قهرها، وأن التضحيات الجسام تثمر عزًا ونصرًا. هذه الملحمة البطولية التي يخوضها اليمن اليوم، هي رسالة واضحة للعالم أجمع بأن القضية الفلسطينية ستبقى حية في ضمير الأُمَّــة، وأنها لن تخبو شعلتها ما دام هناك قادة وشعوب تؤمن بالحق وتسير على نهجه.