أمريكا في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي
الصمود||تقرير||عباس القاعدي
لا تزالُ الخطاباتُ الأسبوعيةُ للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظُه الله- المسانِدةُ لغزةَ تشكِّلُ نقطةَ الارتكاز التي يلتقي حولها أحرارُ العالم الرافضون لسياسات الاستكبار العالمي الأمريكي والصهيوني.
وبعيدًا عن التحليلات والأسئلة والجدل يواصل اليمن فرض الحصار البحري والجوي على كيان العدوّ الإسرائيلي، متكئًا على صلابة موقف السيد القائد عبد الملك الحوثي، ومعه الشعب اليمني، وكل فئات المجتمع، والذين يستمدون عزيمتهم من الثقة بالله، والمشروع القرآني الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-.
وعلى الرغم من جسامة الأحداث في المنطقة، فقد بات اليمنيون قادرين على التمييز بين الصديق والعدوّ، ولديهم دراية كاملة لفهم عوامل القوة والضعف، وما هي الأولويات التي يجب أن يركزوا عليها، وكيف يواجهون أية تحديات طارئة أَو متغيرات مفاجئة، سواءٌ أكانت داخليةً أَو خارجية.
في الوقت الراهن، كُـلّ ما يحدث من وقائع يُعد شاهدًا ودليلًا واضحًا على عظمة المشروع القرآني وصحته، وكذلك على مكانة الشهيد القائد –رضوانُ الله عليه– العظيمة؛ ولهذا، ونحن في هذه المرحلة من المواجهة ضد العدوّ الأمريكي والإسرائيلي، وبعد أن سقطت كُـلُّ الوسائل والوكلاء، وأصبحت الولايات المتحدة تواجه المشروع القرآني بشكل مباشر، يصبح من الضروري العودة إلى مفكر هذا المشروع، ومؤسّس هذه الأُمَّــة، والنهضة القرآنية العربية والإسلامية المباركة، وهو الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، لنطلع على رؤيته تجاه أمريكا، والمسار الذي حدّده للمواجهة، وكيف صاغ التقييم الصحيح للواقع من خلال الثقافة القرآنية، التي تمثل سر القوة والنجاح والتمكّن الذي يظهره اليمن اليوم، رغم أنه كان يُصنف سابقًا كدولة فقيرة ومهمشة.
يستقي الشعب اليمني قوته وثقته وشجاعته في مواجهة أعداء الله والإنسانية في هذا الزمان من القرآن الكريم؛ فالشهيد القائد كان يشكو من الجديد “الدخيل”، داعيًا إلى أن نحوِّلَ القرآنَ الكريمَ إلى سلوك وموقف، وعقيدة حقيقية وثقة عالية بالله -سبحانه وتعالى-.
من تجليات الثقافة القرآنية، والثقة بالله تعالى، أن الله يدافع عن الذين آمنوا، وهذا ما يؤكّـده الواقع من خلال دخول اليمن في خَطِّ المواجهة ضد العدوّ، وإسناد غزة، حَيثُ كانت النتيجة بإرادَة الله أن المجرم ترامب هو من يقرّر ويرى أن الحل مع الشعب اليمني هو التراجع والانسحاب، وهذا يشير إلى التجليات الواضحة لمعنى الثقة بالله، وكيف أن الله يدافع عن الذين آمنوا.
كُلُّ العبارات والأكاذيب التي يطلقُها ويروِّجُها الأعداء والمنافقون ليست نتيجةَ جهلٍ بهذا المشروع القرآني؛ إذ إنهم على دراية تامة به، بل تهدفُ إلى التشويهِ والسطو وعرقلة انتشار الثقافة القرآنية بحيث لا تتوسع ولا تصلُ إلى الشعوب والمجتمعاتِ العربيةِ والإسلامية.
لقد تصرف المنافقون والخونةُ على هذا النهج منذُ بداية انطلاقة هذه المسيرة، حَيثُ سعَوا إلى حصرِ المشروع في صعدةَ فقط؛ منعًا لتعريف بقيةِ محافظات اليمن بالقائد الشّهيد -رضوان الله عليه- وفكره ومنهجه المستنِد إلى القرآن والثقافة القرآنية، التي تجعل من المؤمن فردًا مفعمًا بالوعي واليقظة والثبات، بحيث لا يتأثر بالعدوّ ولا ينخدعُ بأساليب الترهيب والتخويف والترويع، ولا بأساليبِ الإغراء أَو المساومة والخداع.
أمريكا -التي يخافُها العالمُ ويخضعُ لها، وتنهزمُ أمامها الجيوشُ الجرارة، ويخشى الوقوفَ في وجهها الأكاسرة والأباطرة- أصبحت أمامَ الشعب اليمني لا تساوي شيئًا.
وحول سببِ الخوف والوهن والتراجُعِ في مواجهة أمريكا وأعداء الله كما قال الشهيد القائد هو الضَّعْفُ في الثقة بالله، والذي يصبحُ المسلمُ نتيجةَ هذا الضعف يعتقدُ أن اللهَ لا يثبِّتُه أمامَ الأعداء والمستكبرين والمعتدين أمامَ أمريكا و(إسرائيل).
ماذا تعني كلمةُ (لا إله إلا الله) في سلوكِ المسلم المؤمن، وما هو الأثرُ الذي يجبُ أن تصنعَه في النفوس، وكيف تصنعُ قوةً تقهرُ من يبرزون في هذا العالم كآلهة لناس ممن هم عبيدٌ وضعفاءُ أمام الله تعالى القهار جبار السماوات والأرض.
عندما يكون الموقف خالصًا لله، وينطلق أصحابه من واقع تقبُّلِ الله وتحمُّلِ المسؤولية، تكون للأشياء البسيطة فاعلية كبيرة، وهذا ما نلمسه ونعيشه في موقف اليمن حَـاليًّا؛ ولذلك نجد عندما يتحدث بعض الخبراء والمختصين هذه الأيّام، مثلًا، وهم يجرون مقارنة بين سلاح اليمن وسلاح أمريكا و(إسرائيل)، يقولون: سلاح اليمن، طائرات وصواريخ تكلفتها المادية بسيطة مقارنة بقيمة وتكلفة سلاح أمريكا و(إسرائيل).
في إطار المقارنة، تجد الولاياتُ المتحدةُ الأمريكية نفسَها مضطرَّةً لإطلاق عدة صواريخَ تبلغ تكلفة الواحدِ منها أكثرَ من مليون دولار، وكذلك الحال بالنسبة للعدو الإسرائيلي الذي يطلقُ صواريخَ اعتراضيةً تكلفتُها عشرات اُلملايين من الدولارات؛ مِن أجلِ محاولةِ صَدِّ صاروخ يمني صُنِعَ بكُلفة زهيدة، ورغم ذلك يتمتعُ هذا الصاروخُ بقدرة كبيرة على التدمير، ويترُكُ أثرًا بالغًا على الصعيدَينِ السياسي والإعلامي. وفي النهاية، النصرُ كلُّه بيد الله -عزَّ وجل-.
إنها الثقة بالله -سبحانه وتعالى-، والعملُ بموجب المسؤولية الدينية والإنسانية التي يفرضُها علينا كتابُ الله كمؤمنين، وهذه إشراقاتٌ موجزةٌ من فكر الشهيد القائد –رضوان الله عليه-، الذي نعودُ إليه اليوم في ظل الموقف اليمني التاريخي، وبناءً عليه نقولُ للشهيد القائد: أنتَ معنا، وأنتَ بيننا، وأنتَ مَن صنعتَ هذا الإنجاز وهذا الشرفَ والعزَّ والفخرَ للأُمَّـة كلها؛ فسلامُ عليك يوم وُلِدتَ، ويوم جاهدت، ويوم استُشهدت، ويوم تُبْعَثُ حَيًّا.
نحن الآن أمامَ تجربةٍ وأمام نموذجٍ حيٍّ يجسِّدُه اليمنُ، والمسيرةُ القرآنيةُ المباركة لكل المسلمين، للأُمَّـة بكلها، تؤكّـد أهميّة عودتها إلى دينها، إلى أصالتها، إلى هُويتها الحقيقية القرآنية الصافية الأصيلة.