صمود وانتصار

سوريا تستنجد من تحت الأنقاض إرفعوا العقوبات

سوريا تستنجد من تحت الأنقاض إرفعوا العقوبات

الصمود../

ضحايا الزلزال هم شهداء سوريون يصرخون تحت الحطام ومن بين سياج العقوبات الأمريكية وأنياب الوحشية السياسة الغربية، هو زلزال سورية الذي يضرب قيصر بحائط الإجرام واللإنسانية.

وأمام هذه الصرخات من تحت الأنقاض تحطمت اصنام الغرب الانسانية واسقطتها في شروخ الانسانية أيضاً، لذلك واكثر كان الزلزال في سورية قادرا على تحطيم ما تبقى من هذا النظام العالمي الذي تكبله واشنطن بعقوبات إن هو تحرك لانقاذ أطفال ونساء ومسنين ورجال تصرخ تحت الأنقاض طالبة الحياة، ويجزع من تقديم علبة حليب وضماد لضحايا بكارثة طبيعية كشفت درجات الوحشية السياسية لواشنطن واوروبا التي ربما تفجر كل المقاييس اذا هي وضعت تحت اختبار من عيار حادثة الزلزال في سورية.

اليوم ومن بين اصوات الاستغاثة وزيادة وتيرة الدعوات لرفع الحصار عن سوريا تتعرى الكثير من الدول من جانبها وواجبها الانساني الذي يتلطى تحت شعارات حقوق الحيوان والمثلية في ايحاء بانهم قمة في الديمقراطية فتنهار قيمهم بزلزال يشرخ النظام العالمي الحالي بينما يترك الالاف من السوريين يموتون قهرا تحت حطام الابنية ولؤم الحصار الذي يمنع وصول الوقود الى آليات البحث عن ضحايا الزلزال.

وتفرض دول غربية على رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية صارمة على سوريا منذ اندلاع النزاع الذي تشهده البلاد منذ نحو 12 عاماً.

وبدوره طالب الهلال الأحمر السوري الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن بلاده وتقديم مساعدات في أعقاب الزلزال المدمر الذي تسبب باستشهاد أكثر من ألف شخص في أنحاء البلاد.

وقال رئيس المنظمة خالد حبوباتي خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر المنظمة في دمشق “أناشد جميع بلدان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا”، مضيفاً “آن الآوان بعد هذا الزلزال” لفعل ذلك. وتابع “رجاء أوقفوا وأرفعوا العقوبات الاقتصادية”.

وناشد حبوباتي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن تقدّم في ظل “الوضع الصعب الذي نعيشه مساعدات إلى الشعب السوري”.

وتأتي دعوة حبوباتي غداة مناشدة وزارة الخارجية السورية في بيان الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها والمنظمات الدولية “مدّ يد العون” لدعم جهود السلطات في مواجهة تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد ومقره تركيا المجاورة.

وأعرب وزير الخارجية فيصل المقداد عن استعداد حكومة بلاده “لتقديم كل التسهيلات المطلوبة للمنظمات الأممية في سبيل تقديم المساعدات الإنسانية”.

وبعد الضجة التي احدثها قانون القيصر الأمريكى، قال المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية سامويل ويربيرج، إن واشنطن ستقدم كل المساعدات دون أي قيود أو حدود للشعب السوري.

وأضاف إن قانون قيصر لا يتضمن عقوبات أمريكية؛ تمنع إرسال مساعدة إنسانية أو طارئة أو الأدوية، وكل الاحتياجات التي يحتاجها الشعب السوري، وتقديم المساعدة في هذه الكارثة.

الكذب في هذا التصريح الأمريكي الرسمي تكشفه العقبات التي لاتزال تمنع وصول كامل المساعدات، وتكشفه صرخات المستغيثين من السوريين، فأرض الواقع تتكلم والأرض تعكس صدى الأوجاع السورية وتعكس الكذب والنفاق الأميركي.

حيث تحدثت المنظمات الدولية عن مدى فداحة الموقف في الأراضي السورية وسط المساعدات العالقة ولا تجد سبيلا للوصول لمحتاجيها، بسبب قانون القيصر الذي تفرضه أمريكا على النظام السوري ويفرض عقوبات على الأنظمة والشركات التي تتعاون مع دمشق.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أن انتقال المساعدات عبر الحدود من تركيا إلى سوريا لا يزال متوقفا.

وادعت الأمم المتحدة، في تصريحات لها، أن هناك أمورا لوجيستية تعرقل وصول المساعدات إلى سوريا من مناطق الحدود التركية.

وأضافت إن انتقال المساعدات عبر الحدود من تركيا إلى سوريا لا يزال متوقفا ومن غير الواضح متى سيُستأنف بسبب قضايا لوجستية، لافتا إلى أن المساعدات الدولية لمتضرري الزلزال في سوريا عالقة على الحدود التركية.

هذا الزلزال كارثة اختار فيها بعض العرب أن يبقى في عروقهم دماء ونخوة من الجزائر وتونس والعراق والاردن ومصر ولبنان والامارات وغيرها من الدول الصديقة بينما يتبين ان ما يجري في العروق السياسية للكثير من البقية وللامم المتحدة هي دماء ملوثة اميركيا حين ترتجف هذه الدول والمنظمات خوفاً من غضب قيصر بينما يريق المشهد السوري ما تبقى من مياه وجهها الانسانية. فرغم تلك المعاناة إلا أن يد العرب امتدت لسوريا وغمرتها بسخاء العطايا، حيث راحت كل دولة تتحدى العقوبات الدولية لتنقذ دولة شقيقة تعاني كارثة انسانية غير آبهه بالعواقب.

فها هي الطائرات المُحمّلة بفرق الإنقاذ والأغذية والمعونات الطبيّة تتدفّق على سورية، وتكسر حِصار “قيصر” وتُهشّمه، من العواصم العربيّة والإسلاميّة والعالميّة الشّريفة، من الجزائر، من لبنان، من تونس، من العراق، من إيران، وها هو رئيس مِصر يُهاتف نظيره السوري للاطمئنان والتّعزية، وللمرّة الأولى بعد قطيعة استمرّت 11 عامًا، نقل سامح شكري، وزير الخارجية المصرية، إلى نظيره السوري قرار الحكومة المصرية بإرسال مساعدات إغاثية عاجلة، تضامناً مع الجمهورية العربية السورية في مواجهة تداعيات تلك الكارثة.

وها هو الرئيس الجزائري يُصر على أن تكون طائرات مُساعداته التي تحمل ما يزيد على مئتيّ طن الأولى التي تهبط في مطارات دمشق وحلب وحمص وعلى متنها أكثر من مئة من رجال الإنقاذ.

والشّيء نفسه يُقال عن سلطنة عُمان، وعن الأردن حيث بادر السّلطان هيثم بن طارق وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني بالاتّصال بالرئيس السوري الذي لم يَستجدِ المُساعدات رُغم آلام وعُمق جُرح المأساة.

وها هو لبنان أيضاً يتحدّى أمريكا وقانون قيصرها، ويفتح كُل موانئه ومطاره لاستقبال المُساعدات الإنسانيّة، ويُرسل فريقًا للإنقاذ، ولو رمزيًّا، إلى دِمشق عاصمة العُروبة مُتضامنًا، ومُشاركًا، في عمليّات الإنقاذ جنبًا إلى جنبٍ مع كُل أشقائه الآخرين.

فرغم المعاناة التى يواجهها لبنان، إلا أن وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال اللبنانية علي حمية، أعلن أنّ “هناك شركات لبنانية أبدت استعدادها لارسال حفارات وآليات على مختلف أنواعها، للمساعدة في رفع الانقاض في سوريا”، مشددًا على “أننا إن لم نقف إلى جانب سوريا اليوم، فمتى نقف الى جانبها”.

وأشار إلى أنّ “مرافئنا ومطارنا بخدمة الشعب السوري في محنته اليوم”، كاشفًا “أننا نعلن بالتشاور مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن مطار بيروت ومرفأي بيروت وطرابلس واجواءنا كلها ستكون مفتوحة، لهبوط الطائرات والسفن المحملة بالمساعدات الانسانية على انواعها الى سوريا، ومعفاة من كامل الرسوم والضرائب”.

وقال “حتى في ظل الاوضاع الاقتصادية فرق الاغاثة اللبنانية ستقف الى جانب اخوتهم السوريين، في المناطق المنكوبة”.

كما أنه أطلق العديد من الصحفيين العرب صرخاتهم وشددوا على أن أمريكا تتحدث عن مساعدات فقط؛ دون أن تُقدّم خطوات جدية على الأرض واستنكروا وجود حصار على سوريا والرئيس السوري، حيث تقوم أمريكا بفرض عقوبات بينما يموت السوريون.

هذا الزلزال مزق الأقنعة عن الوجوه المُتوحّشة التي ترقص طربًا على جثامين الضّحايا السوريين، وأظهر أنيابهم الصّفراء، وفضح أحقادهم المسمومة، وكُل أكاذيبهم حول قيم العدالة والإنسانيّة أو حُقوق الإنسان التي يُتاجرون فيها، ويُدمّرون البُلدان وشُعوبها تحت راياتها فهم إذا اعتبروا أن الوضع في سوريا كما كان قبل الزلزال ، فهذا يعني جريمة بحق هذا البلد وشعبه ، والآن وبصوت مرتفع يقولها الجميع وكل من يحمل ضميره الإنساني يجب رفع العقوبات حتى تصل المساعدات التي يحتاجها الشعب السوري في ظل هذه الكارثة.

*المصدر : موقع الوقت التحليلي