الصمود حتى النصر

ذكرى الوحدة..أم الوحدة ذكرى؟!

ذكرى الوحدة..أم الوحدة ذكرى؟!

الصمود../

 

مجلس احتلال وانفصال يلقي رئيسه خطابا بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين للوحدة. ليس هناك من غرابة في شيء، سوى أن «الخطاب» كان من الأهمية بحيث لم يدخر العليمي شيئا من عبارات الشكر والثناء إلا وكالها لدول تحالف العدوان والاحتلال، متنصلا من تحميل ذلك التحالف وسلطات الارتزاق التابعة له مسؤولية ما حدث ويحدث لليمن شمالاً وجنوباً من جرائم ومآسٍ وحرب وانقطاع مرتبات وخدمات وغيرها مما يستهدف اليمن منذ سبع سنوات.

 

كشفت الذكرى الثانية والثلاثون للوحدة اليمنية 22 أيار/ مايو، حجم الخلافات بين أدوات الاحتلال، تبعا لتضارب الأجندات والمشاريع الخارجية التي تتبعها تلك الأطراف، وهو ما ينسف كل دعاوى الاصطفاف الأخيرة التي لقيت رواجا كبيرا في وسائل الإعلام التابعة لتحالف الاحتلال ومرتزقته.

 

وحلت، أمس الأول (الأحد)، الذكرى الثانية والثلاثون للوحدة اليمنية، فاضحة ما حاول تحالف الاحتلال في المحافظات الجنوبية إبداءه من دعاوى الاصطفاف في أعقاب تشكيل ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي، الذي جمع فيه توليفة من مختلف أطراف الارتزاق وقادة التشكيلات العسكرية الموالية له والمقاتلة تحت قيادته، يجسد حجم الصراعات التي حرصت قوات الاحتلال السعودي والإماراتي على زرعها وتغذيتها بين هذه الأطراف خلال السنوات الماضية، وفقا للمشروع التمزيقي الذي ترعاه الدولتان، والذي برزت شواهده على مدى عقود.

 

حالة التوتر والانقسام بين أدوات الاحتلال في عدن وبقية المحافظات الجنوبية المحتلة أثارتها الذكرى الثانية والثلاثون للوحدة، حيث انقسمت قيادة هذه الأطراف المشاركة في مجلس احتلال وانفصال شكلته الرياض وأبوظبي مؤخرا، بين مؤيد لإحياء المناسبة رسميا ولو من باب التظاهر بالحرص على «وحدة اليمن»، ورافض لأي مظهر احتفالي في هذه المناسبة، بناء على ما يدعو إليه، وهو الانفصال أو ما يطلقون عليه فك الارتباط بين شطري اليمن، وفقا لحدود ما قبل 22 أيار/ مايو 1990، بل واستباق المناسبة بمناسبة نقيضة تحت مسمى «ذكرى فك الارتباط»، وهي ذكرى إعلان الانفصال في 21 أيار/ مايو 1994.

 

وبحكم سيطرته على عدن وبعض المحافظات المجاورة لها، نجح ما يسمى المجلس الانتقالي، الموالي للاحتلال الإماراتي، في كبح أي مساعٍ من شركائه في السلطة الموالية لتحالف الاحتلال لإحياء المناسبة، في محاولة منه للاستمرار في فرض أمر واقع حيال ذكرى الوحدة اليمنية، كما درج عليه في السنوات الماضية منذ انفراده بالسيطرة على عدن وبقية المحافظات المحتلة، فيما بدت بقية الأطراف في موقف لا يؤهلها لانتزاع موافقة مرتزقة الإمارات على الاحتفال، حيث بدت مرتبكة وغير ممتلكة لأي قرار، بل حتى إعلان يوم ذكرى الوحدة إجازة رسمية خضع لشد وجذب وأثير حوله المزيد من اللغط.

 

وحاول رئيس ما يسمى المجلس الرئاسي، المرتزق رشاد العليمي، في خطاب له بالمناسبة، أن يبدو متوازنا وهو يتحدث عن الوحدة وعن عدن وعن القضية الجنوبية بكلمات ممجوجة هي ذاتها التي سُمعت ممن كان قبله على الكرسي ذاته.

 

وبحسب محللين، فإن كلمة العليمي تضمنت وعوداً لطالما أطلقها من سبقوه ولم يتحقق منها شيء، بإيلاء الاقتصاد الأهمية، وتنشيط الصادرات التي تهيمن عليها قوات الاحتلال السعودي والإماراتي التي فرضت مجلسه وترفض إطلاقها، ووجه حكومة الارتزاق المشكّلة من «التحالف» ذاته بالعمل على استيعاب منحة الـ3 مليارات المقدمة من السعودية والإمارات التي لم تزل متعثرة حتى اللحظة، وما تبقى من المنحة السابقة التي كشفت تقارير أممية عن فساد كبير طالها من قِبل حكومة الارتزاق وبنكها المركزي وأدى إلى استنزافها دون أن تحقق شيئاً مما خُصصت له.

 

وباستثناء الوعود التي أطلقها العليمي، فإن خطابه بمناسبة الوحدة جاء كأنما لإزجاء عبارات الشكر والثناء على تحالف العدوان والاحتلال، وعدم تحميله أي مسؤولية لما حدث ويحدث لليمن شمالاً وجنوباً من جرائم ومآسٍ وحرب وانقطاع مرتبات وخدمات وغيرها مما يستهدف اليمن منذ سبع سنوات.

 

وبالرغم مما حاوله العليمي من الإشادة بعدالة القضية الجنوبية، متحدثاً عن مظلومية كبيرة حدثت لأبناء الجنوب، إلا أن طرحه اعتُبر استفزازيا من قبل «الانتقالي»، الذي أصبح هو وسيده الإماراتي المتحدث باسم القضية الجنوبية.

 

وفي أول تعليق لمرتزقة الإمارات على خطاب العليمي بخصوص القضية الجنوبية، قال الصحفي والمحلل السياسي الجنوبي صلاح السلقدي إن «كلمة العليمي بشأن القضية الجنوبية وبشأن ما سماها المرجعيات، كانت استفزازية إلى أبعد الحدود للجنوبيين، وللانتقالي بالذات».

 

وأضاف السقلدي في منشور على «فيسبوك» أن العليمي ما يزال يتمسك بالخطابات المتجاهلة للقضية الجنوبية، وبحلول تعسفية عفا عليها الزمن.

 

وتابع: «أكد العليمي من عدن بكلمته بمناسبة الوحدة اليمنية ما ظلت تؤكده تلك الأحزاب وتلك القوى مِن أن القضية الجنوبية قد تم حلها بمخرجات الحوار الوطني عام 2013، بقوله إن القضية الجنوبية العادلة شكلت قضية محورية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والتوجه نحو السلام العادل والشامل والمستند على المرجعيات المتفق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً».

 

وأوضح: «هذا التأكيد على أن القضية الجنوبية ستكون في خبر كان مستقبلا، وألا حل لها خارج إطار مخرجات حوار صنعاء، يأتي هذا التأكيد من رأس هرم مجلس القيادة الذي يضم في صفه المجلس الانتقالي. وينسف هذا التصريح حكاية إلغاء المرجعيات الثلاث التي بشّرنا بها الانتقالي غداة مشاورات الرياض»، بحسب السقلدي، الذي أشار إلى أن «المجلس الانتقالي معني اليوم للناس بتوضيح صريح لا خداع فيه ولا تضليل ماذا يجري بالضبط في عدن، وإلا فالسكوت علامة الرضا والرضوخ، فقد بلغت القلوب الحناجر من التذمر والسخط لدى عامة الناس المسحوقة جراء تراجع القضية الجنوبية سياسيا، وتدهور الخدمات وسوء الحال والتردي. فمن حق الناس على الانتقالي أن تعرف إلى أين يمضي بها وإلى أين ستفضي بهم شراكته مع تلك القوى التي كانت سببا في مأساتهم».

 

وفيما تتصاعد حدة التوتر الذي أثارته ذكرى الوحدة، بين أطراف الارتزاق، يبدو الشارع الجنوبي في منأى عن الخوض في هذه المعمعة من الجدل العقيم الذي تحاول هذه الأطراف حشره فيه، حيث أصبح الخروج من المعاناة التي يعيشها جراء تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية، هو همه الأول والأخير، وهو يرى تواطؤ هذه الأطراف على استمرار تلك الأوضاع المأساوية، وأصبح متيقنا من أن تحالف الاحتلال وجميع أدواته هم سبب الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه المحافظات الجنوبية المحتلة وتدهور الخدمات المختلفة والانفلات الأمني وغير ذلك من مظاهر التردي التي أثرت على حياة الملايين من سكان هذه المحافظات.

 

(صحيفة لا)

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com