الصمود حتى النصر

مسلسل تراجع قيمة الريال(3)

الصمود / 6 / فبراير

أقلام حرة /

بقلم / د. هشام الجنيد

بسم الله الرحمن الرحيم

شهدت فترة الشهيد الزعيم الحمدي استقرارا في قيمة العملة الوطنية ، وقد كان سعر الصرف : (4,56) ريال لكل دولار أمريكي ، ليبدأ مسلسل تراجع قيمة الريال على إثر تطبيق برنامج التكييف الاقتصادي لصندوق النقد الدولي خلال الفترة من (1983م – 1986م) ، واستمرت قيمته تتراجع ووصلت إلى (214,89) ريال لكل دولار في العامين 2013م و 2014م .

وتعزى أسباب مسلسل تراجع قيمة الريال أمام العملات الأجنبية إلى نقطتين رئيسيتين وهما : الأولى : غياب عدالة النظام السياسي بتنفيذ مسئولياته الدينية والوطنية (التخلي عن اتباع سبيل الهدى). والثانية : اتباع تلك القيادات توجيهات الأنظمة الرأسمالية العدوانية وتطبيقها برامج الصندوق والبنك الدوليين (اتباع سبل الضلال) . قال الله تعالى في سورة الأنعام (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) الآية (153) .

 

لقد ظلت الأوضاع الاقتصادية والمالية اليمنية هزيلة ومستمرة في دائرة التدهور طيلة فترة العقود الماضية . والأمر الذي زاد الطين بله هو غياب العدالة التوزيعية للثروة . وتجسدت تلك الأوضاع في تدني مستوى دخل الفرد ، وتدني حاد لقيمة العملة الوطنية ، وضرب القدرة الشرائية للمواطنين ، وغيرها من الأوضاع السالبة . وتلك الأوضاع هي من الأهداف التي سعى إليها العدوان ، وهي امتداد لأهداف أعداء الأمة عبر التاريخ في مختلف المجالات ، غير أن الأدوات والوسائل تطورت مثل وجود المنظمات الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ، وكذلك تطوير الأسالبب التجارية والوسائل الإعلامية وغيرها من الوسائل والأدوات التي ظاهرها تأتي بلباس الإنسانية والمساعدات ودعم التنمية ، بينما هي في عمقها وباطنها تحمل خطط وأساليب تضليلية هادفة إلى ديمومة ضعف الحركة الانتاجية المحلية وضعف الصادرات الوطنية ، وهادفة إلى الفقر ونهب ثروات البلاد ، وهادفه إلى استمرار التعويل والاعتماد على الأخرين .

وكذلك الأمر في أهداف الأعداء السياسية ، يتخذون أساليب تضليلية هادفه في ظاهرها إلى الديمقراطية والوحدة وإلى السلام والأمن ، وهي في حقيقتها وجوهرها ترمي إلى استمرار التبعية والتفرقة ، وترمي إلى التدمير والفتن واستمرار الصراعات المحلية وتحت سقف النظام الحاكم . إذ وصل العدوان إلى هذه الأهداف من خلال تولي أمر معظم الشعوب الإسلامية – ومنها الشعب اليمني – عناصر موالية له ، عناصر غير محصنه بالثقافة القرآنية ، عناصر معادية للعناصر الملتزمة بالسير على منهجية الصراط المستقيم .

 

ولكن وإن نفذ الأعداء مخططاتهم التضليلية في الدين في تحريف المضمون الحقيقي للإسلام الأصيل وتعتيم الصورة الحقيقية لمكانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العظيمة ، وتعتيم وإخفاء مكانة رموز الإسلام التاريخية والمعاصرة للحيلولة دون الاقتداء بهم .. لغاية عدم معرفة المضمون الحقيقي للدين الإسلامي ، ولغاية عزل نظام الدولة عن اتباع سبيل الهدى في تنفيذ مسئولياته في مختلف المجالات ، ومنها تهميش تطبيق مبادئ وأسس القرآن الكريم السياسية والاقتصادية والمالية المؤدية حتما إلى بناء دولة عادلة قوية ، إلى بناء اقتصاد وطني قوي يعمل على رفع قيمة العملة الوطنية ورفع القدرة الشرائية للمواطنين .

 

إن العامل الأساسي الذي ساعد أعداء الإسلام الوصول إلى مخططاتهم ، ومنها جعل مستويات الأوضاع الاقتصادية والمالية هزيلة وضعيفة جدا ، هو هيمنة عناصر الشر على النظام السياسي ، عناصر تخلو منها صفات الإرادة والصدق والإخلاص في ترجمة مسئوليات الدولة وفقا لمنهجية الدستور الإلهي . وهو ما كان واقعا في بلادنا منذ الستينات من القرن الماضي وحتى إعلان الاستقلال في القرار السياسي في سبتمبر 2014م – باستثناء فترة حكم الشهيد الزعيم الحمدي – وقد تغاضت قيادات الأنظمة السياسية المتعاقبة عن نشر أعداء الإسلام الإسلام المنحرف . ومن مضامين هذا الأخير طمس وتجهيل الأمة عن أهمية القرآن الكريم في وجوب تطبيق مبادئه الاقتصادية والمالية .

الأمر الذي أدى إلى هجر المبادئ الاقتصادية والمالية المثالية ، وفي المقابل ، اتبعت تلك القيادات سبل الأعداء . وقد كانت النتيجة الطبيعية تسليط الله الكافرين والمنافقين معا على تدهور الشأن العام اليمني الذي من مظاهره استمرار ضعف الأوضاع الاقتصادية والمالية التي عانى منها الشعب اليمني ، وما زال يعاني منها في أوضاعه الاجتماعية نتاجا لاستمرار تراجع قيمة العملة الوطنية ، وضرب القدرة الشرائية وفق مخطط معد له ضمن أهداف العدوان السعودي الصهيوني الأمريكي البريطاني . وهذه الأهداف هي امتداد لأهداف أعداء الإسلام التايخية .

 

إن إهمال سلطات النظام الإخلاص في أمر الشعب اقتصاديا وماليا ، وفي المقابل غياب انتفاضة الشعب عن استمرار استبداد تلك الحكومات طيلة تلك الحقبة الزمنية ، إنما يؤكد غياب الإيمان العملي المؤدي إلى تحريك وترجمة مضمون القرآن الكريم لتغيير وتصحيح الأوضاع الناتجة عن اتباع سبل الأعداء . إن الشئ الذي يجب الوقوف عنده هو في أيدينا الدستور الإلهي وباللغة العربية وطرق الهداية والنصر والاستقلال واضحة فيه ، ومع ذلك لم نلتزم به . أليس هذا هو الضياع بعينه ؟ . زد على ذلك أن العرب يمتلكوا كل مقومات القوة والتطور .

إذن غياب الإلمام بالثقافة القرآنية الصحيحة ، هو الأمر الذي أدى إلى غياب معرفة أهمية القرآن في وجوب ارتباط توجهاتنا في كل مناهج الحياة على أساسه . ومنها على سبيل المثال كيفية التعامل مع الأعداء . فغياب إدراكنا بمعرفة من نحن ، وغياب إدراكنا بمعرفة من هم (الأعداء) ، أدى إلى غياب إدراكنا بكيفية مواجهة الأعداء وأذنابهم المنافقين ، أدى إلىغياب إدراك مخططاتهم التضليلية الاقتصادبة والمالية ، ومنها مخططات نهب الثروات السيادية النفطية والغازية ، ومخططات تراجع قيمة العملة الوطنية وضرب القوة الشرائية للمواطنين .

 

ما يجب علينا الاستفاده والإقتداء بفكر الشهيد القائد رضوان الله عليه قولا وعملا بوجوب ارتباطنا بالقرآن الكريم ، لنعرف من نحن ومن هم . وبالتالي اتباع التعليمات والتوجيهات الإلهيه الموضحة في نصوص الدستور الإلهي في واقعنا الأخلاقي والإنساني والقانوني والسياسي والعلمي والاجتماعي والعسكري والأمني والاقتصادي والمالي في كل مجالات الحياة . فالإرتباط العملي بالدستور الإلهي يجسد الثقة بالاعتماد على الله سبحانه وتعالى ، ويرشدنا كيف نتعامل مع الأعداء ، ونستطيع كشف مخططاتهم بسهولة ، ويوصلنا أمام الأعداء إلى واقع القوة ، تلك القوة بمفهومها الشامل عسكريا وأمنيا وعلميا واقتصاديا وماليا و.. و.. ، يوصلنا إلى أمة موحدة ، يوصلنا إلى جعل الأعداء في نفوسنا ضعاف ، يوصلنا إلى العزة والكرامة ، إلى واقع العدالة الاجتماعية والعيش الكريم .

 

لقد كان لغياب التزام النظام بمسئولياته الدينية والوطنية لناحية تقاعسه عن ترجمة مبدأ الجزاءات ، كان لهذا المسار آثار سيئة شجعت الفاسدين على إهمال الجوانب الاقتصادية والمالية ، وساهمت في إضعاف كيان الدولة ، ومنها استغلال الشركات النفطية والغازية الأجنبية موارد النفط والغاز الوطنية تحت مسمى الاستثمار والاتفاقيات والعقود – حتى العقود مضمونها تنازل سحيق عن الثروة النفطية والغازية لأعداء الإسلام اليهود – إضافة إلى فساد المنافقين المتنفذين على هذه الثروة . ولا يختلف الأمر بالنسبة للثروة المعدنية والسمكية ، وربما استفادة الشعب من تلك الثروات المستغلة لا تتعدى (15%) . وغالبية تلك الشركات الأجنبية إن لم تكن جميعها تابعة لتجار يهود وبجنسيات دول غربية (أو بحبل من الناس) ، وهم ما يسموا بالقتلة الاقتصاديين . إذن نحن الأن أمام طرفين عدويين لدودين للإسلام وأهله ، عدوين للإنسانية ، هما الفاسقون من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمنافقين .

ولا يحصد الشعب من ورائهما إلا الشر والفقر ، فطريقهما ومبدأهما في الحياة (ظاهريا) دائما قائم على مبادئ السلام (اليهود والنصارى الفاسقين) ، وعلى مبادئ الإسلام (المنافقين) ، في حين أنهما يحاربان السلام باسم السلام ، ويحاربان الإسلام وباسم الإسلام (المنحرف) ، طريقهما دائما محاربة الإخلاص والصدق وباسم القيم النبيلة ، طريقهما دائما تصفية العناصر الوطنية خصوصا العناصر الدينية المخلصة في مسئولياتها الوطنية ، طريقهما دائما إقصاء وتصفية العناصر الوطنية خصوصا المؤثرة في الوسط البيئي الذي تعمل فيه : إدريا ، سياسيا ، اقتصاديا ، طريقهما دائما تصفية العناصر العلمية ، نزعتهم وطبيعتهم التلقائية هي محاربة الخير وعناصر الخير .

ألم يحذرنا الله سبحانه وتعالى في نصوص القرآن الكريم من عدم اتباع أهل الكتاب اليهود والنصارى الفاسقين ؟. ألم توضح النصوص القرآنية عن كراهية الكفار والمشركين والمنافقين وبأنهم لا يريدون الخير للمؤمنين ؟ . قال الله تعالى في سورة البقرة (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) الآيه (105) .

والدولة وفقا لمفهوم ولاية الأمر تسعى إلى الخير وتأمر بالعروف وتنهى عن المنكر . ومن مظاهر الخير توفير الاستقرار المعيشي للمواطنين ورفع القدرة الشرائية ورفع قيمة العملة الوطنية . فهل بعد كلام الله سبحانه وتعالى يأتي الخير من هؤلاء الكفار والمشركين ؟ . لن يأتي منهم سوى الشر ، ومنها الفتن والفقر وغلاء المعيشة . وهو ما وقع جراء تدخلاتهم في القرار الاقتصادي والمالي واتباع إملاءاتهم .

 

لقد اتبع النظام الظالم رؤى وتوصيات برامج مؤسسات التمويل الدولية في التوجهات الاقتصادية والمالية ، وكانت النتائج غياب التوازنات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي أثرت سلباعلى حياة الشعب في مستوى معيشته . كل تلك المعطيات السالبة شكلت الأسباب الرئيسية لاستمرار الفقر وضرب القوة الشرائية للمواطنين وتراجع مستمر لقيمة الريال وبشكل ممنهج طيلة فترة نظام ذلك الحكم الظالم . على سبيل المثال خلال فترة الحرب التي شنّها النظام في العام 1994م والتي استمرت (60) يوما ، كانت حرب ليست لها صلة في الجهاد في سبيل الله ، بل هي حرب عبثية وعدوانية على إخواننا في جنوب الوطن ، وقد ارتفع فارق سعر صرف الريال مقابل الدولار من (50) إلى (130) ريال للدولار .

وتدني قيمة العملة هنا ليس له مبررات سياسية أو اقتصادية حقيقية . والقيمة (130) ريال في منتصف التسعينات من القرن الماضي تساوي (4,56) ريال في فترة الشهيد الزعيم الحمدي . وامتدادا لغياب مسئولية النظام الوطنية ، فقد صرف النظام خلال فترة الحرب المشار إليها (17) مليار دولار ، بينما النظام القائم صرف على الأكثر من ميزانية البنك المركزي ما يقابل مليار ونصف المليار دولار ولقرابة أربع سنوات في حرب دفاعية جهادية في سبيل الله ضد أنظمة محور الشر العالمية لسلامة الدين ولحماية البلاد وثرواتها ولنشر الحرية والعدالة . فهل هناك وجه للمقارنة ؟ .

 

رجال الله المخلصين الجهاديين بقيامها ، لكانت أوضاع البلاد تمر في منزلقات خطيرة وكارثية .ومن أهداف هذه الثورة الاستقلال والوحدة الإسلامية والنهوض بالإصلاحات والتنمية الوطنية الشاملة الذي سيفضي حتما إلى بناء دولة عادلة ، وبالتالي عودة الريال اليمني إلى مكانته بقوته الاقتصادية والمالية ، بل وأفضل مما كان عليه . والله ولي النصر والتوفيق. نسأل الله أن ينصر إخواننا المجاهدين الجيش واللجان الشعبية على أعداء الإسلام والوطن والإنسانية بقيادة مولانا المجاهد العلم السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي ، إنه سميع الدعاء .

 

إن صرف النظام الظالم (17) مليار دولار يصب في ذات مخططات الأعداء في إبقاء مالية الدولة في حالة ضعف وعجز مالي مستدام . وهذا التوجه يتلاقى مع مضمون برامج الصندوق والبنك الدوليين التي منها الخصخصة في تفويت عدد من منشآت القطاع العام وتقديمها بصحون من ذهب للقطاع الخاص بمبالغ زهيدة ، لإبقاء الدولة ضعيفة اقتصاديا وماليا ، وعدد كثير من مباني الجهات الحكومية ليست مملوكة للدولة ، وتدفع الدولة إيجارات شهريه ، وقد كانت أيضا تستأجر مولدات لتوليد الكهرباء من القطاع الخاص وبمبالغ كبيرة ، زد على ذلك تقديم الدولة تسهيلات في الوقود لملاك هذه المولدات ، وكذلك تسديد الدولة فوائد كبيرة للمقرضين نتيجة الإكتتاب العام مع الجمهور بسندات أذون الخزانة ، إضافة إلى رصد الدولة في الميزانيات العامة السنوية مبالغ كبيرة للمتنفذين وهي مصروفات ترف وبذخ ، ورصد الدولة مخصصات لتسديد فوائد الديون الداخلية والخارجية ، وغيرها . وجميعها تفوق ما يرصد للنفقات الاستثمارية (الاقتصادية) التي ظلت مهمشه عمدا من سلطات الدولة ، لما يترتب عليها في المدى المتوسط والبعيد اقتصاد وطني قوي .

 

وهذه الأساليب والطرق هي التي كانت تؤدي إلى استنزاف وتآكل مالية الدولة بشكل ممنهج ومخطط ، وهي جزء من منظومة فساد مالية وإدارية كبيرة هي التي أدت إلى عجز مزمن في الميزانيات العامة السنوية ، وهي التي أدت سنويا إلى بقاء حجم احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية زهيدا . وهذه الأوضاع بلا شك ، هي التي أدت إلى استمرار مسلسل تراجع قيمة الريال وإلى ضرب القدرة الشرائية للمواطنين في ظل اقتصاد مفكك وضعيف جدا .

 

لقد وصل الفساد المالي والإداري والتلاعب والإسراف بأموال الدولة إلى ذروته في فترة الدنبوع بأوامر صرف من البنك المركزي وغيرها من أساليب استنزاف المال العام لغاية وصول الدولة إلى حالة الإفلاس والإنهيار ، تمهيدا لتنفيذ مخططات أخرى للأعداء ، ومنها إحداث فوضى في الحانب الأمني والذي نفذ في عدة عمليات باغتيال عناصر وطنية وأكاديمية وقتل عشوائي ، كما وقع في مشفى العرضي ، لإدخال العاصمة وبقية المدن اليمنية والمديريات في نفق مظلم من الحروب المدنية والطائفية والمذهبية ، وسيطرة التنظمات الإرهابية على السلطة . وقد أفشل بعون الله ورحمته هذا المخطط رجال الله المؤمنين المجاهدين في سبيل الله لنصرة الدبن المحمدي وتحقيق الخير للشعب اليمني .

ومن صور الخير التي تسعى إليها الثورة السبتمبرية العظمى : تقوية الاقتصاد الوطني ورفع قيمة العملة والقوة الشرائية للمواطنين . ولأجل هذه الأهداف الإسلامية والوطنية ، شن العدوان السعودي الصهيوني الأمريكي البريطاني الحرب على اليمن وأبنائه عدوانا وظلما وضد قيادة الثورة التي تحمل مشروع تنموي ووطني وعلى أساس الإسلام الأصيل .

 

وبناء على ذلك ، فإن استمرار ضعف الاقتصاد الوطني الموروث من النظام السابق ، كان هو الأساس في انشار ظاهرة الفقر وضعف قيمة العملة الوطنية وضرب القوة الشرائية لعامة الشعب . وهذه الأوضاع هي من أحد الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة السبتمبرية العظمى . وقد ترتب على إعلان اليمن الاستقلال في قراره السياسي ، ترتب اتخاذ أنظمة محور الشر العالمية قرار الحرب على بلادنا في مارس 2015م ، لإنهاء التوجه والعزيمة والإرادة الصادقة والمخلصة لدى قيادة الثورة السبتمبرية العظمى القائمة على مشروع المسيرة القرآنية . ولولا هذه الثورة وتدارك العام في حدود من (7%) إلى (9%) .

فكيف يمكن لمثل هذا الحجم الإنفاقي الاستثماري الهزيل من إجمالي إنفاق عام زهيد أن تقوم الدولة – بافتراض وجود خطط وطنية – بتمويل برامج و مشاريع تنموية واستثمارية تؤدي فقط على المدى المتوسط وليس البعيد إلى زيادة النمو الاقتصادي وإلى تحسين قاعدة الصادرات الوطنية وإلى زيادة احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية التي يترتب عليها رفع مستوى المعيشة ورفع قيمة الريال والقدرة الشرائية ؟ .

 

إن غياب الاستقلال في القرار الاقتصادي والمالي ، وغياب المسئولية الوطنية (الإرادة الصادقة والمخلصة) لدى قيادة النظام السابق في بناء المشروع الوطني ، واتباعها توجيهات الأنظمة العدوانية في تدبير الشأن الاقتصادي والمالي ، أدى إلى عجز مزمن في الميزانية العامة ، عجز مزمن في الميزان التجاري ، انخفاض دخل الفرد ، ارتفاع التكلفة الاجتماعية (عجز حاد في التوازنات الاجتماعية) ، تدني حاد لاحتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي . ويمكن بسهولة التحقق من صحة تلك المعطيات الاقتصادية والمالية المتدهورة من خلال ضعف القدرة الشرائية للمواطنين ومن خلال ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية قياسا بالعملات الأجنبية كمرآة حقيقية لاقتصاد ضعيف ، لا يعكس الثروات الطبيعية المستغلة ، نظرا لاستشراء الفساد المالي والإداري . لقد كانت تلك المسارات اللاوطنية الناتجة عن قيادة غير وطنية التي ترتب عليها أوضاع اقتصادية ومالية سيئة ، لقد كانت على إثر مسلسل مدروس ومخطط له إلى أن وصلت قيمة العملة في العام 2013م والعام 2014م إلى (214.89) ريال مقابل واحد دولار أمريكي .

 

وبمعزل عن الثروات الطبيعية التي يمتلكهااليمن . كان يفترض بالنظر فقط إلى الثروات المستغلة وإلى الإيرادات التي يتوجب تحصيلها ، كان يفترض وجود توازن اقتصادي كنتاج للنشاط الاقتصادي الذي كان يفترض أن تقوم به الدولة وبمشاركة الفاعلين الاقتصاديين من مكونات القطاع الخاص والمختلط في عمليات البناء والتنمية ، بحيث يفضي إلى تحسين الناتج المحلي الإجمالي وانتعاش التنمية الاقتصادية ، ويفضي إلى تقليص أو إنهاء العجوزات المالية السنوية وتحسين مستوى الدخل الفردي ، وبالتالي ارتفاع القدرة الشرائية وقيمة العملة الوطنية أمام أسعار العملات الأجنبية كإمتداد طبيعي لمستوى الاقتصاد الوطني . ولماذا لم تتوفر هذه المعطيات والأوضاع الإيجابية ؟ . نظرا لغياب قيادة مخلصة ووطنية .

ولذلك عندما كان سعر صرف الدولار الأمريكي يساوي (4.56) ريال في فترة الشهيد الحمدي ، فإن السبب الرئيسي يعزى إلى وجود قيادة وطنية مخلصة (هذا هو جوهر الموضوع) . ومسار التوجه الاقتصادي الوطني في تلك الفترة ، كان حتما سيفضي إلى تقليص فارق سعر الصرف بين الريال والدولار ، إن لم يتساوى معه ، أو يصبح قيمة الريال أقوى من الدولار في سعر الصرف ، رغم أن في تلك الفترة القصيرة لم تستغل الدولة موارد النفط والغاز .

 

وعلى هذا الأساس ، كان يفترض أن يكون سعر صرف العملة الوطنية في العام 2014م لا يقل عن قيمة الدولار إن لم يكن أقوى منه في سعر الصرف ، وكان يفترض أيضا أن يكون احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي عشرات التريليونات وبالعملة الأجنبية ، وليس الأمر هنا مبالغا فيه بالنظر إلى ما يمتلك اليمن من ثروات مقارنة مع الدول الخليجية التي لديها هذه الاحتياطيات ومواردها الطبيعية لا تضاهي موارد اليمن الطبيعية من حيث الموارد الزراعية وتنوع المناخ ، والمياه الجوفيه ، وأنواع المعادن والأحجار ، والثروة النفطية والغازية ، والثروة السمكية والحيوانية ، وحركة ونشاط القوى العاملة ، ناهيك عن الكوادر العلمية والمهنية والفنية ، ومستويات الإبداعات المتنوعة والمهارات والقدرات الإنتاحية لليمنيين وطموحاتهم وتطلعاتهم ، وغيرها من العوامل .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com