صافرات الإنذار في السعوديّة تستعد.. لماذا؟!
الصمود – بقلم/ علي عبدالمغني
الحقيقة أن النظام السعوديّ عدوُّ نفسه، وضحيةُ غروره وأوهامه، فلم تكن اليمن تُشكّل خطرًا عليه أَو على غيره، ولم يكن هناك مبرّر لتدخّله في اليمن، وما ذكره محمد بن سلمان لوسائل الإعلام بدايةَ العدوان على اليمن أنه (لا يريد أن يرى حزب الله بجواره)، لم تكن سوى أوهام، تحوّلت بفِعله وإجرامه ووحشيّته في اليمن إلى حقيقةٍ ثابتة.
هذه الحقيقة لم يُقِرّ بها النظام السعوديّ إلا بصعوبة، بعد أن دفع أثمانًا باهظة. ففي البداية كان يسخر من الصواريخ والمسيرات اليمنية ويقول عنها: مقذوفات حوثية وألعاب إلكترونية، ولم يقتنع أنها صواريخ باليستية إلا بعد أن فقدت السعوديّة نصف إنتاجها من النفط في يومٍ واحد، وخرجت شركة أرامكو عن الخدمة.
هذه الحقيقة لم يقف أمامها النظام السعوديّ بشجاعة، ويتعامل معها بإيجابية، ويدخل في مفاوضات جدّية مع القيادة اليمنية للوصول إلى حلول سلمية، بل تعامل معها بحماقةٍ عجيبة وبطريقةٍ غريبة، كشفت عنها قناة العربية في يوليو 2020م، التي أعلنت أن السعوديّة تمكّنت من إنتاج دهانٍ سحري يمنع كافة صواريخ ومسيرات العالم من الوصول إلى أية منشأة مدنية أَو عسكرية في المملكة.
هذا الاستحمار للمُسَعْوَدين في السعوديّة أبعد النظام السعوديّ عن التعامل مع الملف اليمني بواقعيةٍ وعقلانية. الإدارة الأمريكية أقرّت بهزيمتها في البحر الأحمر، وانسحبت من مواجهة القوات اليمنية بعد شهرٍ من المعركة، والنظام السعوديّ بعد عشر سنواتٍ لا زال يتهرّب من الإقرار بالهزيمة.
الكيان الصهيوني يملك أحدث أنظمة الدفاع الجوي المتعدد الطبقات، ومع ذلك فشل في اعتراض واكتشاف الصواريخ والمسيّرات اليمنية، والنظام السعوديّ يعتقد أنه قد أمَّن المملكة بتركيب صافرات إنذار في الرياض وتبوك وجدة.
لا شكّ أن هذه الصافرات مؤشّر إيجابي إلى أن النظام السعوديّ بدأ يستوعب الحقيقة، ويعترف بالهزيمة، ويتعامل مع الشعب اليمني وقواته المسلحة بواقعية، وهذا يفرض عليه أن يستجيب للمطالب اليمنية المحقّة والعادلة لتجنّب التصعيد بين اليمن والمملكة.
الغريب في الموضوع هو كمية الغباء والبلادة التي يمتلكها المُسَعْوَدُون، وتفاعلهم مع هذه الصافرات المستوردة، وتداولهم لرواية النظام السعوديّ أن هذه الصافرات لمواجهة العواصف الرعدية، ورسائل التطمين التي انتشرت بين المقيمين والمستوطنين عند سماع هذه الصافرات.
من تابع تفاعل هؤلاء سيعتقد أن السعوديّة امتلكت غواصاتٍ نووية ستدمّـر اليمن والمنطقة، ولن يصدق أنها صافرات صهيونية اشتراها النظام السعوديّ من الكيان الصهيوني بعد فشلها في اكتشاف الصواريخ والمسيرات اليمنية.
كل دول العالم تستخدم أجهزةَ الأحوال الجوية لمراقبة درجة الحرارة وهطول الأمطار والعواصف الرعدية وغيرها، فكيف اقتنع المُسَعْوَدُون أن هذه الصافرات للتحذير من العواصف الرعدية؟ وهل هذه الصافرات بعد تجريبها ستتحوّل إلى موسيقى غربية حتى يتبادل المستوطنون والمقيمون رسائل التطمين فيما بينهم؟
لا شكّ أنهم يدركون أن هذه الصافرات ستجلب لهم الويل والثبور إلى يوم القيامة، وكان عليهم أن يطالبوا النظام السعوديّ بالدخول في مفاوضاتٍ جدّية مع الجمهورية اليمنية لتحقيق السلام في المنطقة، أَو على الأقل مساواتهم بالمستوطنين الصهاينة، وتوفير مقلاع داوود ومنظومة حتس وملاجئ واسعة للمقيمين والمستوطنين في السعوديّة.
إلا إذَا كان تركي آل الشيخ قد وعدهم بأن يفتح لهم هيئة الترفيه عند سماع هذه الصافرات، وأن فتاوى ابن باز وابن تيمية ستتصدّى لهذه الصواريخ والمسيرات، فكل الاحتمالات واردة، وخُصُوصًا في السعوديّة.
* أمين عام مجلس الشورى