العرب يدقون ناقوس الخطر: دعوة عاجلة للمجتمع الدولي للتحرك
الصمود||تقرير||وديع العبسي في 22 سبتمبر 2023 استَدعى المجرم نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة موروثه التلمودي لتبرير نواياه التوسعية التي تهدد دول المنطقة وتقوض السلم الإقليمي والدولي، وهناك عرَض مجرم الحرب خريطة لما سماها بـ”إسرائيل الكبرى”، وتوعد بتجاوز عقدة الثمانين، وقيادة كيانه غير القانوني إلى ما سماه “القرن المئوي”. والأسبوع الماضي -وفيما لم ينته بعد […]
الصمود||تقرير||وديع العبسي
في 22 سبتمبر 2023 استَدعى المجرم نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة موروثه التلمودي لتبرير نواياه التوسعية التي تهدد دول المنطقة وتقوض السلم الإقليمي والدولي، وهناك عرَض مجرم الحرب خريطة لما سماها بـ”إسرائيل الكبرى”، وتوعد بتجاوز عقدة الثمانين، وقيادة كيانه غير القانوني إلى ما سماه “القرن المئوي”. والأسبوع الماضي -وفيما لم ينته بعد تتابع المواقف التي أعلنت رفضها تصريحاته بشأن إعادة احتلال غزة- فجر النتنياهو مرة أخرى القنبلة في وجه جميع المُحابين والمتواطئين معه، بحديثه عن ما سماها بـ”رؤية إسرائيل الكبرى”، وهو -كما يبدو- الرد الذي واجه به كل تلك الانتقادات.
لم ينتظر النتنياهو وجوقته طويلا، ففي خضم فوضى البلطجة يسير بنظامه المتطرف إلى فرض الأمر الواقع، تاركا الآخرين يَصُفّون كلمات التنديد كما يشاؤون. يواجهونه بأن ما يرتكبه يعد مخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بينما يزيد هو من الكشف عن ما دُبر بليل، دون مراعاة أو اعتبار لكل البيانات والتنديدات التي عجّت بها المنصات الإعلامية لقادة وشخصيات ومنظمات على مستوى العالم.
إثر ذلك لم تهدأ منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي، إذ أظهر نتنياهو ضآلة الكثير ممن كانوا امتهنوا تزييف الحقائق تقربا من أمريكا و”إسرائيل”، فأكد -صراحةً- عدم اكتراثه لأي مواقف، ولا حتى لمصالح “الأصدقاء”. واعتبر متابعون -حسب ما نقل موقع المركز الفلسطيني للإعلام- أن تصريحات نتنياهو تمثل رسالة تهديد مباشرة إلى الدول العربية، و”صفعة” جديدة في وجه رعاة التطبيع ودعاته، وأيضا لأولئك المطالبين بنزع سلاح المقاومة، وقالوا بقوة: “هل تنتظرون أوضح من ذلك؟! إسرائيل تعلن مشروعها صراحة، فهل سيبقى الصمت سيد الموقف؟!”.
في غير كلمة حذر السيد القائد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، مرارا من محاولة العدو تكريس معادلة الاستباحة لدول الأمة وشعوبها، والسيطرة عليها ونهب ثرواتها، وما لم يتحرك العرب والمسلمون لإيقاف هذه الهمجية الصهيونية المسنودة أمريكيا فإن الخطر سيطال الجميع.
تصريح نتنياهو جاء بمثابة إعلان صريح عن هذه الاستباحة، ما يجعل الجميع في مواجهة مع الحقيقة التي لا يريدون التعامل معها. ووفق ما صدر من الدول العربية من مواقف وبيانات، لا يبدو أن رد الفعل في وارد أن يحمل خاصية الحزم والرفض العملي، إما الحديث عن أن تصريحات مجرم الحرب نتنياهو تمثل “تصعيداً استفزازياً خطيراً، وتهديداً لسيادة الدول، ومخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”. أو أنها “تشجع على استمرار دوامات العنف والصراع”، وفي الحالتين فإنه لن يوقف هذه الهمجية. كما ان الحفاظ على الأمن القومي القُطري من هذه الاستباحة لا يمكن أن يتحقق من خلال دعوة المجتمع الدولي إلى “التحرك فوراً لوقف جميع الإجراءات والتصريحات التحريضية الإسرائيلية المهددة لاستقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين”. أبناء الأمة هُم المعنيون بالتحرك ومواجهة العدو بكافة الأشكال المتاحة، وانتظار التحرك من الآخرين أمر يتناقض مع العقل والمنطق، ولا يستقيم مع فطرة الدفاع عن النفس.
ثمان دول-أو أجزاء منها- سيبتلعها الكيان الصهيوني ضمن مشروعه التوسعي الذي يسوّق فيه بأنه “حق إلاهي ينبغي على العالم التعامل معه بإيجابية” كما يروج له الكيان، ويستند فيه على معتقدات تواراتية مشوّهة، ظل قادة الحركة الصهيونية يحملونها منذ أكثر من 120 عاما. وكان زعيم حزب ما يسمى بـ”البيت اليهودي” الصهيوني بتسالئيل سموتريتش قد أعاد إحياء هذا التوجه المبيّت والمعشعش في العقلية الصهيونية المتطرفة، عام 2016، عندما كان الصهيوني “سموتريتش” عضوا في ما يسمى الكنيست، قال إن “حدود إسرائيل يجب أن تمتدّ لتشمل دمشق، إضافة إلى أراضي 6 دول عربية هي سوريا ولبنان والأردن والعراق وجزء من مصر ومن السعودية، لتحقيق الحلم الصهيوني من النيل حتى الفرات”. ثم جدد ذات الطرح في مارس/آذار 2023. إلا أن التفاصيل أوردها طرح النتنياهو مع إضافة الكويت. ووفق الخارطة التي عرضها فإنها تشمل: كامل فلسطين التاريخية، ومساحتها 27 ألفاً و27 كيلومترا مربعا، ولبنان ومساحته 10 آلاف و452 كيلومترا مربعا، والأردن ومساحته 89 ألفاً و213 كيلومترا مربعا. وأكثر من 70 بالمئة من مساحة سوريا البالغة 185 ألفا و180 كيلومترا مربعا، ونصف مساحة العراق البالغة 438 ألفا و317 كيلومترا مربعا، ونحو ثلث الأراضي السعودية البالغة مساحتها مليونين و149 ألفاً و690، وربع مساحة مصر البالغة، نحو مليون كيلومتر مربع، وجزء من الكويت البالغة مساحتها 17 ألفا و818 كيلومترا مربعا.
بدأ الصهاينة تحركاتهم على طريق حلمهم الزائف، ضاربين عرض الحائط بهذا السيل الكبير من الإدانات والرفض لحديث الفاشي نتنياهو. والخميس الماضي أعلن ما يسمى بوزير مالية الكيان الصهيوني بتسالئيل سموتريتش انطلاق برنامج استيطاني في المنطقة المسماة (E1)، لربط مغتصبة “معاليه أدوميم” بمدينة القدس المحتلة، والذي من شأنه فصل القدس عن الضفة الغربية المحتلة (تقطع التواصل العربي بين (مدينتي) رام الله وبيت لحم)، وقال صراحة إن “الضفة الغربية جزء من إسرائيل بوعد إلهي” حسب زعمه. مشيرا إلى أن “الحكومة الإسرائيلية” ستصادر آلاف الدونمات، وتستثمر المليارات بهدف إدخال مليون مغتصب إلى الضفة الغربية. وقد قال ما يعرف برئيس مجلس مغتصبة “معاليه أدوميم” بالمناسبة أن مشروع التوسعة الجديد “سيقضي على حلم الدولة الفلسطينية”، مشددًا على ضرورة “عدم الخضوع للانتقادات الدولية”، ومؤكدا بأنهم “لن يتراجعوا حتى إحلال السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية” حسب قوله.
فيما أقرت “يديعوت أحرونوت” أن المشروع الذي سيشمل بناء (3401) وحدة استيطانية جديدة قرب مغتصبة معاليه أدوميم، و(3515) وحدة في المنطقة المجاورة “يعني أن إسرائيل تدفع نحو ضم الضفة الغربية المحتلة”. واعتبر وزراء خارجية (31) دولة ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 2334. وحذر الوزراء في بيان مشترك من “خطورة النيَّات والسياسات الإسرائيلية الهادفة إلى ضم الأراضي الفلسطينية، واستمرار الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في نهجها الاستيطاني التوسعي في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها من محاولات المساس بالأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى”.
ويدين قرار مجلس الأمن 2334 جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي، والطابع والوضع القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين.
التقاعس العربي عن التحرك الجاد والسريع يعني الاستسلام لهذه المطامع الصهيونية الصريحة، والتي ستخفي معها دولا وأجزاء من دول من على الخارطة، ما يعني أن التهجير لن يكون فقط لأهالي غزة وإنما أيضا مواطني الدول التي سيزحف عليها الكيان، بحيث يصير ما يسمى “الشرق الأوسط الجديد” أمرا واقعا.
يؤكد مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير حسين هريدي أن على كافة الدول العربية -خصوصا المرتبطة مع الكيان باتفاقيات تطبيع- اتخاذ مواقف ترتقي لمسؤولياتها القومية، وإلا فسيكون على الشعوب دفع ثمن هذا التوسع، لأن هذا الكلام يعني الاستيلاء على الضفة الغربية والأردن وقطاع غزة وأجزاء من مصر ولبنان والسعودية.
وكان مفتي سلطنة عُمان الشيخ أحمد الخليلي أكد بأنه “يجدر أن يَعتبِر الذين منحوا ولاءهم لكيان العدو، ودعموه بالمال والسلاح، وحاولوا تجريد المقاومة من سلاحها”. وقال “على الموالين للعدو إدراك أنه لا منجاة لهم إلا بالاعتصام بالحق والوحدة الإيمانية وجمع الكلمة ومساندة الحق الذي خذلوه”.
الكيان الذي يرى نفسه أفضل من الولايات المتحدة، لن يراعيَ دولا يرى فيها أنها تابعة و”أغيار”، لذلك فإن الحقيقة التي تثبتها اليوم المقاومة الفلسطينية هي أنها صمام الأمان الفعلي، والجدار القادر على رد هذه المطامع العبثية، بينما استمرار المراهنة على الحسابات السياسية واللغة الدبلوماسية دون تحركات عملية ضاغطة على العدو والمجتمع الدولي لن تجعل بلدا في مأمن من بطش هذا الكيان، وبرعاية وحماية أمريكية غربية.
نقلاً عن موقع أنصار الله