الصمود حتى النصر

“الحرب البيولوجية” شكل أخر من أشكال الإبادة الجماعية في غزة

الصمود||تقرير|| هناك في غزة حيث يفتقر الإنسان لأبسط مقومات الحياة، يتم تسجيل أمراض لم يشهد لها العالم مثيلاً، نتيجة الحرب البيولوجية التي تنفذها آلة القتل الصهيونية ضمن حرب الإبادة الشاملة على أبناء غزة. ويبدو أن العدو الإسرائيلي قد هيأ كامل الظروف المناسبة لاكتمال أهداف حرب الإبادة الجماعية في غزة، وعلى أمل الهروب من المساءلة عن […]

الصمود||تقرير||

هناك في غزة حيث يفتقر الإنسان لأبسط مقومات الحياة، يتم تسجيل أمراض لم يشهد لها العالم مثيلاً، نتيجة الحرب البيولوجية التي تنفذها آلة القتل الصهيونية ضمن حرب الإبادة الشاملة على أبناء غزة.

ويبدو أن العدو الإسرائيلي قد هيأ كامل الظروف المناسبة لاكتمال أهداف حرب الإبادة الجماعية في غزة، وعلى أمل الهروب من المساءلة عن إحداث أكبر عدد من الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين في غزة، عمل العدو الإسرائيلي على منع دخول المستلزمات الطبية الضرورية إلى القطاع، بغرض إحداث أكبر عدد من ضحايا القتل غير المباشر بين الأهالي، باستخدام آلية مركبة متعددة الأسباب، منها استخدام أسلحة كيميائية محرمة دوليا، بعد إصابة القطاع الصحي بحالة من الشلل يعجز على إثرها عن إنقاذ الضحايا، ولا يتمكن في نفس الوقت من تشخيص سبب الوباء، وإيجاد التشخيص المناسب للتعامل مع الجائحة.

بكتيريا البتر والموت تنتشر

الأنباء الواردة من قطاع غزة، كشفت عن نوع جديد من البكتيريا مقاوم للمضادات الحيوية، يصاب به الجرحى، تضطر معه الطواقم الطبية إلى بتر أطراف الجرحى، إلى جانب وفاة أعداد من المرضى نتيجة الإصابة بهذه البكتيريا داخل المستشفيات المكتظة بأعداد هائلة من الجرحى والمرضى تفوق بكثير القدرة الاستيعابية للمستشفيات القليلة المتبقية في قطاع غزة.

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قالت إن مراكزها الصحية تستقبل في المتوسط 10300 مريض أسبوعيًا يعانون من أمراض معدية (معظمها الإسهال الناجم عن المياه الملوثة)، وذلك في ظل موجة الحر التي تؤثر على غزة وتعرض إمدادات المياه للضغط، وفق تقرير لوكالة “أسوشيتيد برس” الإخبارية.

بلغة الأرقام نكشف الكارثة: (452) حالة التهاب سحايا، (103) آلاف حالة جرب وقمل، (65) ألف حالة طفح جلدي، نحو(11) حالة جدري مائي، (71,338) حالة التهاب الكبد الوبائي “أ” (167) حالة إسهال مصحوب بدم، (490) ألف إصابة بالجهاز التنفسي، (116) ألف حالة حمى شوكية، (64) ألف حالة إصابة بمتلازمة رايه، بينها 3 وفيات.

الجريمة المركبة

يبدو أن كامل أسباب الموت قد توافرت للقضاء على أهل غزة: قصف، تجويع، حصار، وسط ضعف في تقديم الرعاية الصحية للضحايا، ما يجعل فرص موت أهالي غزة، بالنسبة للعدو الصهيوني، تصبح حتمية لا يمكن تجاوزها، في ظل الحصار المفروض على القطاع.

فقد عمل العدو الإسرائيلي على خلق جملة الأسباب المركبة لتقليل فرص البقاء على قيد الحياة في قطاع غزة، من خلال العمل على انهيار المنظومة الصحية، إضافة إلى تدمير قدرات المناعة لدى المدنيين الفلسطينيين في غزة، بسبب التجويع وسط بيئة تتفشى فيها الأوبئة، بما يجعل البقاء على قيد الحياة أمرا شبه مستحيل في غزة.

وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” قالت إن أكثر من 540 طفلاً يُقتلون شهريًا في قطاع غزة منذ خمسة أشهر متواصلة، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع. وأكدت أن آلاف الأطفال الآخرين يواجهون مخاطر العجز والإصابة بصدمات نفسية عميقة نتيجة فقدان ذويهم وتدمير منازلهم، لافتة إلى أن المدارس والملاجئ التابعة لها لم تعد قادرة على استيعاب أعداد النازحين.

المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كاظم أبو خلف تحدث عن تدهور الوضع الإنساني بشكل خطير في قطاع غزة، مشيرا إلى أن معدل دخول الأطفال في دوائر سوء التغذية بلغ 112 طفلا يوميا. ولفت إلى أن الأزمة لا تقتصر على الأطفال فقط، بل تطال أيضا النساء الحوامل، حيث إن الكثير منهن يعانين من سوء تغذية حاد، ما يؤدي إلى ولادة أطفال بظروف صحية حرجة منذ لحظاتهم الأولى.

كما لفت إلى أن حالات الإجهاض ووفيات الأجنة بين الأمهات قد ارتفعت بنسبة تتراوح بين 200 إلى 300 بالمئة عما كانت عليه قبل العدوان، مشيرا إلى حدوث وفيات بين أصحاب الأمراض المزمنة من كبار السن بسبب غياب العلاج.

الإعدام بمنع دخول المساعدات الطبية

مكتب الصحة في قطاع غزة أفاد في تصريحات صحفية، الثلاثاء، أن مواد الفحص المخبري نفدت بشكل شبه كامل، مضيفا أن مواد الفحص الأكثر استخداما في المرافق الصحية بالكاد تكفي لأيام محدودة فقط، ما ينذر بتوقف خدمات التشخيص الروتينية، كما أن العديد من مواد الفحوصات الأساسية في أقسام العمليات أو العناية المركزة قد نفدت أو على وشك النفاد.

بينما أوضح مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش أن 70 بالمائة من الأدوية الأساسية غير متوفر في غزة، وقال البرش إن “صور الجوع في غزة أبلغ من أي دعاية إسرائيلية”، مضيفا أن 40 ألف رضيع إلى جانب 250 ألف طفل مهددون بالموت البطيء خلال ستة أشهر بسبب سوء التغذية. مشيرا إلى أن وزارة الصحة في غزة سجلت 320 حالة إجهاض لنساء نتيجة سوء التغذية، بالإضافة إلى ما يقارب 19 ألف حالة إسهال حاد، نصفها للأطفال، نتيجة التلوث وانعدام المياه الصالحة للشرب.

وأوضح البرش في تصريحات سابقة أن عدد المستشفيات العاملة تقلص إلى 15 فقط وبصورة جزئية، من أصل 38 مستشفى كانت تقدم الخدمات الصحية في القطاع. وأشار إلى أن العدو الإسرائيلي استهدف الطواقم الصحية بشكل مباشر، ما أدى إلى مقتل 1590 من العاملين في القطاع الطبي، بينهم نحو 200 طبيب، فضلًا عن اعتقال 1360 من الكوادر الصحية، من بينهم الدكتوران حسام أبو صفية ومروان الهمص.

وقال البرش أيضا إن العدو الإسرائيلي يقوم بإبادة الغزيين حتى على المستوى النفسي، فأكثر من مليون طفل يعانون صدمات نفسية عميقة، و50% من الأطفال لديهم الأعراض بشكل واضح. فيما تؤكد الأرقام أيضا وجود 44 ألف يتيم، وأن 52% من الأدوية بات رصيدها صفرا.

وكان مكتب الإعلام الحكومي في غزة قد أفاد بأن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت إلى قطاع غزة لم يتجاوز 1937 شاحنة من أصل 13200 شاحنة كان يفترض أن تدخل خلال 22 يوما الماضية، بينما تشير الإحصائيات إلى أن غزة تحتاج يوميا إلى 600 شاحنة مساعدات مختلفة  لتلبية احتياجات 2.4 مليون انسان.

المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فيليب لازاريني، قال -في تصريحات سابقة- إن عمليات الإنزال الجوي تكلف ما لا يقل عن 100 ضعف تكلفة الشاحنات التي تحمل ضعف كمية المساعدات التي تحملها الطائرات. ويرى، أن إسقاط المساعدات على قطاع غزة عبر الجو مجرد تشتيت للانتباه، ودخان للتغطية على حقيقة الكارثة الإنسانية في القطاع.

حتى صيد البحر محرم على الغزيين

حسب اتحاد لجان العمل الزراعي، فإن عدد الشهداء من الصيادين تجاوز 210 منذ بداية حرب الإبادة، بينما تحول البحر إلى ساحة مطاردة لا تهدأ بطائرات مسيّرة وزوارق حربية.

البحر -الذي كان ذات يوم مصدر رزق لعشرات آلاف العائلات في غزة- بات اليوم مصدرًا للخطر والموت، يقول زكريا بكر، مسؤول لجان الصيادين، إن أكثر من 95% من البنية التحتية لقطاع الصيد تضرّرت، بما في ذلك الموانئ الستة التي كان الصيادون ينطلقون منها، مثل ميناء غزة المركزي. ويضيف أن من أصل 4500 صياد مسجل قبل الحرب، لا يعمل اليوم سوى 450 فقط، معظمهم يمتهنون الصيد بواسطة شباك قديمة استخرجت من تحت الأنقاض.

ويؤكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن ما يجري في غزة ليس نتاج الصراع فحسب، بل “حرب تجويع ممنهجة” تمارسها “إسرائيل” عبر تدمير المرافق الغذائية والاستهداف المباشر للصيد والزراعة والطاقة. المعابر مغلقة، وشبكات التوزيع والتخزين محطمة، و90% من الأطفال يعانون من مشاكل صحية غذائية.

ووفق تقرير سابق صدر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فقد شكل قطاع الصيد البحري قبل الحرب مصدر رزق رئيسي لنحو 6,000 صياد، بينهم 4,200 صياد مسجل، وكان يعيل قرابة 110 آلاف نسمة في المجمل. وتؤكد المنظمة أن الصيادين يواجهون قيودا مشددة حتى قبل بدء حرب الإبادة المتواصلة منذ 7 أكتوبر 2023، إذ كانت المناطق التي يسمح بها الصيد تقتصر على ستة أميال بحرية شمالا و15 ميلا جنوبا. أما اليوم، فأصبح حتى الصيد على بعد أمتار قليلة من الشاطئ ثمنه حياة الصيادين.

نقلاً عن موقع أنصار الله