السيد القائد: ذكرى النكبة ليست عادية فهي مأساة وجرح مفتوح مضرج بدماء وأشلاء الأطفال والنساء على مدى 77 عاماً
الصمود|
سلط السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي- يحفظه الله- الضوء على حجم الإجرام والوحشية التي يمارسها العدو الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، مؤكداً أن هذا العدوان الهمجي يعتمد بشكل أساسي على الدعم الأمريكي والغربي، ويستفيد من التخاذل الرسمي العربي.
واستعرض السيد القائد في خطاب له اليوم الخميس حول مستجدات العدوان على غزة، الدروس والعبر من ذكرى النكبة، منتقداً بشدة الموقف الرسمي العربي واتجاهه نحو التطبيع الذي وصفه بـ”الخيانة الكبرى”.
واستهل السيد القائد حديثه بالوضع المأساوي في قطاع غزة، مشيراً إلى أن العدو الهمجي الوحشي الإجرامي الإسرائيلي يعتمد على الدعم الأمريكي والغربي في عدوانه.
وكشف عن حصيلة مروعة للعدوان الإسرائيلي خلال أسبوع واحد، بلغت أكثر من 1200 شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، مؤكداً أن العدو أباد أسراً نازحة بأكملها في جرائم هذا الأسبوع، منوهاً إلى أن حصيلة الشهداء والجرحى بلغت منذ استئناف العدوان الهمجي الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة أكثر من 1800 شهيد وأكثر من 7700 جريح.
وشدد السيد القائد على أن حجم الإجرام الرهيب من قبل العدو الإسرائيلي ينطبق عليه بكل وضوح أنه “إبادة جماعية”، وأن هذه الإبادة تستمر بين أوساط العالم الإسلامي وبمرأى ومسمع من الجميع.
وأوضح أن العدو الإسرائيلي يستهدف في قطاع غزة كل فئات المجتمع، ويسعى دائماً إلى إنهاء الخدمة الصحية والعمل الإنساني، حيث بلغ عدد شهداء العمل الإنساني والطواقم الطبية في قطاع غزة أكثر من 1400 شهيد، لافتاً إلى أن العدو يستهدف النازحين في مراكز إيوائهم التي عادة ما يحددها كمناطق آمنة قبل ذلك، حيث قصف ما يقارب 250 مركزاً لإيواء النازحين.
وذكر أن الإجرام لم يتوقف عند القصف المباشر، بل يستمر العدو الإسرائيلي في سعيه للإبادة عن طريق التجويع كوسيلة من وسائل الإبادة، منوهاً إلى أن الوضع الإنساني في غزة بات مأساوياً للغاية بعد نفاد ما تبقى من مخزونات الغذاء لدى المنظمات العاملة في مجال الإغاثة وإغلاق جميع الأفران ومعظم المطابخ.
ووصف السيد القائد المشاهد المأساوية المؤلمة التي تظهر صرخات الأطفال وبكائهم وهم يهيمون في الأرض بحثاً عن بقايا طعام، وتقف الأمهات حائرات دون حيلة أمام صرخات أطفالهن الرضع، مشيراً إلى أن بعض الأطفال باتت جلودهم تلتصق على عظامهم بسبب انعدام حليب الأطفال.
ولفت إلى أن العدو الإسرائيلي يستهدف حتى من يحاولون الذهاب إلى البحر بهدف البحث عن الصيد لتوفير القوت الضروري، حيث استشهد الكثير ممن حاولوا جلب الأسماك لإطعام أسرهم. وحتى أوراق الشجر لم يعد الوصول إليها سهلاً بعد تجريف العدو الإسرائيلي لـ80% من الأراضي الزراعية.
وأكد أن 17 وكالة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة غير حكومية أكدت أن الغالبية العظمى من أطفال غزة يعانون من حرمان غذائي شديد.
وخلص إلى أن المأساة في غزة كبيرة جداً وتكشف حجم الإجرام والعدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكياً وغربياً والمستفيد من التخاذل الإسلامي.
وأوضح السيد القائد أن الإجرام الإسرائيلي لم يقتصر على غزة، بل يستمر العدو في اعتداءاته في الضفة والقدس بكل أنواعها وأشكالها، وفي المقدمة الاستباحة لمقدسات المسلمين، حيث ويواصل العدو الإسرائيلي اقتحاماته اليومية للمسجد الأقصى وتدنيسه.
ولفت إلى أن عدد المنازل التي هدمها العدو الإسرائيلي في مخيم نور شمس في الضفة الغربية، وصل إلى أكثر من 400 منزل، موضحاً أن قطعان المغتصبين يستمرون بكل أشكال الاعتداءات الدنيئة والمنحطة والسافلة والبلطجة والسرقات للمواشي والمحاصيل الزراعية.
وأضاف أن الحال وصل بقطعان المغتصبين إلى الاعتداء على النساء الفلسطينيات كما حدث في قرية المغير شمال شرق رام الله.
وفي سياق متصل، أعرب السيد القائد عن أسفه الشديد لاستمرار السلطة الفلسطينية في قمع الشعب الفلسطيني بموازاة ما يقوم به العدو الإسرائيلي، معتبراً أن الممارسات السيئة للسلطة الفلسطينية تصل إلى حد الإجرام ضد الشعب الفلسطيني بالقتل وسفك الدماء، تعاوناً مع العدو الإسرائيلي وتقرباً إليه.
وذكر أنه خلال هذا الأسبوع قامت السلطة الفلسطينية بقتل شاب فلسطيني في مخيم الفارعة بدم بارد، والاعتداء على مسن في الحي الشرقي بمدينة جنين.
دروس من ذكرى النكبة
وتوقف السيد القائد عبد الملك الحوثي – يحفظه الله- عند ذكرى النكبة (1948)، مؤكداً أن فيها الكثير من الدروس والعبر، واصفاً إياها بأنها ذكرى مؤسفة ومحزنة على مدى 77 عاماً، وتذكير بمظلومية كبرى جرى الترتيب لها قبل تاريخها المعروف.
وأشار إلى أن الجرائم بحق الشعب الفلسطيني على مدى أكثر من 7 عقود تحدث أمام مرأى ومسمع المجتمع البشري والمؤسسات الدولية، مشدداً على أن ذكرى النكبة ليست كأي ذكرى عادية عابرة، بل هي مأساة وجرح مفتوح مضرج بدماء وأشلاء الأطفال والنساء على مدى 77 عاماً.
ولفت إلى أن هذه الذكرى تُذكرنا بالحقد والكراهية اليهودية ضد العرب والمسلمين جميعاً، وتتجلى مصاديقها كل يوم في الممارسات الإجرامية للعدو.
واعتبر أن جرائم العدو تنسف كل أفكار ونداءات الاستسلام والتعايش بين العرب والصهاينة كوهم وخدعة كبرى، وفي المقابل، تُذكر ذكرى النكبة بالمجاهدين في فلسطين بصمود أسطوري لم تكسره المآسي والآلام، وبذاكرة وهوية لا تُمحى، كما تُذكر بالهزائم التي منيت بها الجيوش العربية في غضون أيام، عندما سيطر عليها التخاذل والوهن.
وأكد السيد القائد أن ضعف إرادة القتال لدى الجيوش العربية خلال المراحل الماضية من أسباب تمادي العدو الإسرائيلي على المنطقة بأسرها.
ودعا إلى الاستفادة من الدروس والعبر المهمة لذكرى النكبة في إطار العمل الجاد لتغيير الواقع بالاعتماد على الله.
ومن الدروس المهمة لنكبة 48 أن النهج العدواني الإجرامي الوحشي الصهيوني اليهودي لم يتغير على مدى 77 عاماً، وأن المرتكزات للسلوك الإجرامي للعدو الإسرائيلي هي المعتقدات اليهودية القائمة على أساس استباحة غير اليهود، وأن التعبئة اليهودية كلها مشحونة بالكراهية والاحتقار والعداء الشديد جداً، وكل جيل منهم ينشأ يصبح أسوأ من سابقيه.
وأكد أن العدو الإسرائيلي لم يتغير على مدى 77 عاماً، وهذا شاهد على أنه كيان إجرامي لا إمكانية للتعايش ولا للسلام معه، وأنه قائم على الظلم والإجرام، وهو غير قابل للبقاء لأنه في وضع غير طبيعي كبقية المجتمعات البشرية.
وانتقل السيد القائد إلى الحديث عن الدور الغربي والموقف الرسمي العربي، مؤكداً أنه على مدى 77 عاماً لم تتغير السياسة الغربية في بريطانيا وأمريكا وألمانيا وغيرها عن الدعم الكامل والتبني للعدو الإسرائيلي.
واعتبر أن الدول الغربية كانت على الدوام مفضوحة، لأنها لم تراعِ الشعارات التي ترفعها عن حقوق الشعوب وحق تقرير المصير وغيرها، وأن عنوان الحرية يتردد كثيراً في شعارات الغرب، لكنه يغيب تماماً تجاه الحق الثابت الواضح للشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن الدول الغربية في دعمها للكيان الصهيوني لا تراعي شعاراتها التي دائماً ما تطلقها كأسلوب مخادع للشعوب، ولا تراعي حتى مصالحها الكبرى مع بلدان العالم الإسلامي وفي المقدمة العربية، لافتاً إلى أن الدول الغربية لا تراعي شعوب أمتنا رغم استغلال ثرواتها، وفي المقابل تدعم الكيان الإسرائيلي رغم أنها لا تستفيد منه اقتصادياً.
وأكد أن العدو الإسرائيلي ليس مصدر مصالح للدول الغربية، فهو يأخذ منهم ولا يعطي بعكس الحال مع الدول العربية والإسلامية، وأن الدول الغربية تستفيد بتريليونات الدولارات من بلدان أمتنا لكنها لا تقدر شعوب هذه الأمة ولا تعطيها أي اعتبار أو ذرة من احترام.
وفيما يتعلق بالجانب الرسمي العربي، أكد السيد القائد أن معظمه لم يلتفت بجدية لمعالجة إخفاقاته منذ نكبة 48 وما بعدها، وأن التعاطي الرسمي العربي لم ينجح في تكوين توجه عربي وإسلامي ضمن مسار عملي واضح لدعم القضية الفلسطينية، وأن الحالة العربية ذات تأثير سلبي على المستوى الدولي وعلى مستوى بقية البلدان تجاه القضية الفلسطينية.
وانتقد بشدة اتجاه الجانب الرسمي العربي في تبني أطروحات الاستسلام المذلة والتنازلات المجانية، بالرغم مما يقابلها به العدو من عدوانية، مؤكداً أن النظام العربي في كل المراحل الماضية يصر على الاستمرار بأطروحات الاستسلام، والعدو الإسرائيلي يقابلها دائماً بالمزيد من العدوانية.
وخلص إلى أن الاتجاه الرسمي العربي اتجه نحو الانحدار، ووصلت به تنازلاته إلى التورط الكبير في الخيانة الكبرى فيما يسمونه بالتطبيع.