الصمود حتى النصر

كيف !! أستشهد السيد حسين بدرالدين الحوثي ..؟

 

في الأيام الأخيرة من الحرب الأولى عام 2004 حوصر الشهيد القائد ومعه أطفاله ونساؤه
داخل (جرف سلمان) في منطقة مران بمحافظة صعدة،
وجرى ضخ البنزين إلى داخل الجرف وإشعال النيران فيه
خرج
(الشهيد القائد) حسين بدرالدين الحوثي من (جرف سلمان) وهو مثخن بالجراح،
ومعه أطفاله ونساؤه، ثم قاموا بإطلاق الرصاص عليه من كل جهة
وأعلنوا قتله في الـ 26 من شهر رجب 1425 للهجرة، الموافق الـ 10 من سبتمبر 2004م

 

لحظاتُ الوداع

في الأيامِ الأخيرةِ للحرب واصلت القوات العسكرية هُجُوماً على مران وتحديداً في آخر قرية سلمان وفي بعض المغارات التي كان بداخلها أَكْثَـر من خمسين جريحاً، حيث قامت القوات العسكرية بضرب بوابة الكهف بوابل من الرصاص، وألقوا عليها عشرات القنابل المسيلة للدموع وغازات الأعصاب والقنابل الحية المتفجرة، قُتل على إثرها ما يقارب عشرة جرحى، ونتيجة لتساقط الصخور جراء القصف على مَن بداخله خرج خمسة آخرون من الجرحى إلى بوابة الكهف، وإذا بالجنود يملأون المكان، وقاموا بإطلاق النار عليهم وتم إعدامُهم مباشرة، ولم ينجُ من هؤلاء الخمسة إلا شخص واحد.

وقبل استشهاد السَّـيِّـد القائد حُـسَيْن بدر الدين الحوثي، كان ثلاثةٌ من أنصاره يقاتلون أعلى الجرف الذي بداخله، حيث قاتلوا حتى نفدت الذخيرة، وكانوا عاطشين جداً؛ لأن لهم يومين بدون ماء، فاقترب منهم الجنود، وتم إلقاؤهم مباشرة إلى أمام الجرف وهو أحياء، كجزءٍ من الترهيب النفسي للسيد حُـسَيْن، واستشهد الثلاثة الأبرار بوحشيةٍ لا نظيرَ لها.

لقد قاتَلَ السَّـيِّـد حتى الرمَـق الأخير.. ولم يستسلمْ أبداً حتى استشهد.. وباستشهاده توقّفت حربُ صعدة الأولى، وظن النظامُ أنه قضى على المنهجِ الفكريِّ القُــرْآني للسيد القائد الشَّـهِيْد، غير أن المشروعَ استمر، ومضت الأيامُ والسنون، وبعد 12 عاماً من استشهاد السَّـيِّـد القائد ها هم اليمانيون على درب الحُـسَيْن.

وبحسب روايات الجنود الذي شهدوا اللحظات الأخيرة “تم قتل الـ 10، الذين قالوا إنهم آخر من تبقّى في الداخل، ليخرج السيد حسين الحوثي مسنوداً باثنين من أتباعه، والجروح بادية في رأسه وقدمه”.
يطلب الأسير السيد حسين الحوثي  إستعداده للمثول لمحاكمة علنية. يخرج العميد جواس هاتفه، ويجري اتصالاً بالجنرال محسن:
-“آلوووه… يافندم حسين الحوثي ومن معه في الجرف بين أيدينا”.
– محسن: “تخلّص منه”
– جواس: “يا فندم هو أسير وجريح ”
– محسن: “أقلّك تخلّص منه. فخامة الرئيس سيعفي عنه مثلما عفا عنك”.
إمتثالاً لأمر الجنرال محسن، أخرج جواس مسدّسه وأطلق الرصاص على رأس حسين الحوثي. سقط “السيد” أرضاً مضرّجاً بالدماء، لينقل جثمانَه الجنود إلى المروحية الرابضة في القمّة، ويقتادون 15 أسيراً إلى مروحية أخرى. أطلقت زخّات الرصاص معلنة  حسب كلامهم “إخماد الفتنه”. ونزلت نسوة من مران لمواراة جثامين من قتلوا في محيط الجرف، من رفاق السيد الشهيد حسين بدرالدين  الحوثي.

 

وباستشهاد السيد المجاهد حسين بدر الدين الحوثي
توالت الانتصارات المذهلة لمشروعه القراني وانتشرت الثقافة القرانية بفضل الله لتعم مناطق جديدة لم تكن وصلتها من قبل ، ومع كل هزيمة تجرعها نظام الطغيان والعمالة كان يوقف الحرب مجبرا وليس حرصا منه على حقن الدماء ، حتى اذا استجمع قواه عاد النظام العميل لشن حربا جديدة على انصار الله
ظنا منه انه قادر على الثأر لهزائمه وخسائره العسكرية ، فكانت النتيجة وبفضل من الله هي النصر لانصار الله والهزيمة والعار لجحافل النظام العميل لامريكا واسرائيل حتى الحرب السادسة التي شارك فيها نظام ال سعود الى جانب جيوش عملائهم في اليمن فلم يغني عنهم من الله شيئا وكانت الهزيمة للجيشين السعودي وجيش عملائهم في اليمن والنصر المؤزر من الله كان لعباده المؤمنين انصار الله تلامذة السيد المجاهد الشهيد
حسين بدر الدين الحوثي عليه السلام.

 

حياته الجهادية

 

هكذا بدأ السيد حسين بدر الدين الحوثي مشروعه التجديدي القراني بتأسيس تنظيم انصار الله مطلقا صرخته التي كشفت زيف ديمقراطية امريكا وعمالة النظام الحاكم للامريكا واسرائيل , الذي قرر شن الحرب على السيد حسين وانصار الله
نيابة عن امريكا واسرائيل فكانت الحرب الاولى عام 2004م التي استخدم فيها النظام العميل كل انواع الاسلحة الثقيلة والخفيفة ضد شباب مؤمنين بربهم وبواجب التصدي للمعتدين والتضحية من اجل مشروعهم القراني الاسلامي الصحيح انطلاقا من تحصين الشعب اليمني المسلم وخلق ثقافة المقاومة لمخططات امريكا واسرائيل الرامية الى السيطرة على بلاد المسلمين ونهب خيراتها وثرواتها وتمييع شباب المسلمين بابعادهم عن منهج الحق والدين القويم وسنة سيد الانبياء والمرسلين محمد الصادق الامين .
لقد حمل السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي مسؤولية مواجهة المشروع الامريكي والاسرائيلي على عاتقه فقام بتعميم الثقافة القرانية ونشر ثقافة المقاومة بالطرق السلمية والدعوة الى الحق بالحكمة والموعضة الحسنة حتى قام عملاء امريكا واسرائيل حكام اليمن في صنعاء بشن حربهم العدوانية على السيد الشهيد المجاهد حسين بدر الدين الحوثي عام 2004 م ، فما كان من السيد الا ان دافع عن نفسه ودينه ومشروعه القراني بصبر وايمان منقطع النظير حتى استشهد في 26 رجب عام 2004 م .

قبلَ الحديثِ عن واقع اليوم وما آلت إليه حركة أنصار الله، سواء على المستوى المحلي أو المستوى العالمي، يجب أن نعود قليلاً إلى الماضي، فالذاكرة مليئة بالأحداث الكبيرة ومشوار الكفاح الطويل للأبطال المناضلين، وفي مقدمتهم القائد الشَّـهِيْد حُـسَيْن بدر الدين الحوثي.

قبل 14 سنة، كان السَّـيِّـد القائد يلقي أول درس ارتعد منه البيت الأبيض في واشنطن واهتز النظام الرئاسي في الـيَـمَـن آنذاك، على الرغم أن المكان كان في مران في محافظة صعدة، القرية التي كان يصعب الوصول إليها؛ بسبب التضاريس الوعرة والجبال الشاهقة.

قال السَّـيِّـدُ القائدُ حُـسَيْن بدر الدين الحوثي مخاطباً الحاضرين في تاريخ 17/1/ 2002: (أيها الإخوة، اصرخوا، ألستم تملكون صرخة أن تنادون “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسْلَام”، أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها، بل شرف عظيم لو نطَقَها).

كان الحاضرون منصتين، لم يستشعروا بعدُ ما هي الصرخة، وكيف بالإمكان أن يصرخوا، فهي جديدةٌ في حياتهم، لكن الحافز كان موجوداً، وثقتهم بالسَّـيِّـد حُـسَيْن كبيرة جداً، ولهذا صرخوا.

ولأن القائد حُـسَيْن كان يستشرف المستقبل ويعي جيداً: ما معنى أن تصرخ في وجه المستكبرين، بدأ يخاطب الحاضرين ويطمئنهم بأن هذه الصخرة لن تظلَّ محصورة هُنا في هذه المدرسة وهذا المكان، وسوف تجوب مناطقَ شتى، لذا واصل حديثه بكل ثقة قائلاً: (ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل في أماكن أخرى وستجدون من يصرخ معكم إن شاء الله في مناطق أخرى)، ثم يصرخ السَّـيِّـد القائد قائلاً: (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسْلَام)، ويتبع الصرخة بتساؤل: “أليست سهلة، كُلّ واحد بإمكانه أن يعملَها وأن يقولها”.

ولكن السؤال الأبرز: لماذا الصرخة؟ ولماذا في ذلك الوقت بالتحديد؟

والحقيقة أنه قبل عام 2002 لم يكن المجتمع الـيَـمَـني يردد الصرخة، لكن في تلك السنة كان الوطن العربي والإسْلَامي يتعرض لحملةٍ شرسةٍ من أمريكا، ودعوات متكررة للبيت الأبيض لاحتلالِ الشعوبِ تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وقد دشنت أمريكا هذا السيناريو باحتلال أفغانستان في 7 أكتوبر 2001 ومن ثم احتلال العراق في 20 مارس 2003 وكانت هناك مؤشرات كبيرة لاحتلال الـيَـمَـن.

ولهذا بدأ السَّـيِّـد حُـسَيْن بدر الدين الحوثي القائد الشَّـهِيْد بالتحرك لمواجهة أمريكا، ليس بالصرخة فقط، وإنما بدعوة الناس للتحرك الفعلي ضد أمريكا، فجاءت دعوته لمقاطعة البضائع الأمريكية موازية أيضاً لشعارِ الموت لأمريكا، مؤكداً أن المقاطعةَ حربٌ حقيقية لشدة تأثيرها، وأن عدم المقاطعة قد يصل بالأمة إلى ما لا يحمد عقباه، وفي هذا يقول السَّـيِّـد القائد: (أعتقد فعلاً رفع الشعار، والمقاطعة الاقتصادية، تعتبر من الجهاد في سبيل الله، ولها أثرها المهم فعلاً، بل قد يكون هذا الجهاد أشدَّ على الأمريكيين مما لو كنا عصاباتٍ نتلقى لهم ونقتلهم فعلاً).

حركة فكرية.. توجُّهٌ جديد

في الواقع، كانت حركة السَّـيِّـد القائد الشَّـهِيْد حُـسَيْن بدر الدين الحوثي مغايرةً تماماً لما اعتاد عليه علماء ذلك الزمان، الذين كان كُلّ همهم تقديم الإرشاد ووعظ الناس في أمور دينية كالصلاة والزكاة والحج وما إلى ذلك، بمعنى كان رجل الدين لا يتدخل في أمور السياسة، لكن السَّـيِّـد حُـسَيْن جاء ليكسرَ هذا الحاجز وبدأ يتحدث في أمور تخص الناس ومقارعة الظالمين، كما كان لديه أسلوبٌ خاصٌّ، فهو يلقي محاضراته بالعامية البسيطة، بدون تكلف.

كان السَّـيِّـد حُـسَيْن ينظر إلى دخول الأمريكان إلى الـيَـمَـن مصيبة كبرى، لهذا بدأ يتحرك من منظور قُــرْآني، فيرى أن دخول الأمريكان الـيَـمَـن والسكوت عن ذلك سيجعل كُلّ واحد منا يرى أن السلام سيتحقق من خلال السكوت، وأن الصمت وَالجمود هو وسيلة السلام، لا لا إن هذا ليس منطلق القُــرْآن أبداً، ومن هو الذي يمكن أن نسمي قراره بأنه قرار صحيح، من يتخذ قراراً من عند نفسه، فيقول لنا بأن السلامة في ذلك الذي اتخذه والحكمة التي وضعها، أم من يعود إلى القُــرْآن الكريم ليبحث عن سبل السلام التي يهدي إليها.

ويستغرب السَّـيِّـد من طرح بعض العلماء أو الناس الذين يقولون: (إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب)، فيقول: سكت الفلسطينيون فإذا بهم يرون أنفسهم ضحايا لعصابات اليهود وإذا بهم يرون أنفسهم أيضاً غرباء تحت ظل دولة يهودية، وإذا بهم في الأخير يرون أنفسهم كما نراهم اليوم على شاشات التلفزيون).

في ذلك الوقت بدأ نظام الرئيس السابق علي عَبدالله صالح يستشعرُ خطورةَ هذا التحرك، فبدأ محارَبَةَ هذا المشروع، فحرَّكَ أولاً مشايخ السلطة، سواء من علماء الزيدية أو السلفية أو غيرهم لمواجهةِ السَّـيِّـد حُـسَيْن بدر الدين الحوثي، لكن السَّـيِّـدَ حُـسَيْن كان يركّزُ بشكل كبير على ضرورة المحافظة على الوَحدةِ وضرورة اعتماد الحوار الهادئ القائم على تقديم مصلحة الشعب وتحقيق العدل والرد إلى الله ورسوله.

إنزعاجٌ أمريكيٌّ للبدايات الأولى لتحرك المجاهدين

بدأتِ محاضراتُ السَّـيِّـد الشَّـهِيْد القائد حُـسَيْن بدر الدين الحوثي تُثمِرُ في المجتمع، فأعقبها التحرك الجاد والمسؤول في الميدان، فبدأ طلابُهُ برفع الشعار المناهض لأمريكا وإسرائيل خلال تلك الفترة على جُدران المباني والمؤسسات الحكومية، وفي وسائل المواصلات المختلفة وفي البيوت والشوارع، وأصبح الطلاب يردِّدونه في العديد من المدارس بأمانة العاصمة، فضلاً عن غيرها من المناطق.

وهنا قَرَّرَ السفيرُ الأمريكي في الـيَـمَـن آنذاك أدموند هول زيارة محافظة صعدة ليتفاجأَ به المواطنون في سوق الطلح يرافقُه بعضُ المشايخ في المنطقة، حيث قام بجولةٍ ميدانيةٍ في السوق ولمعرفة ما يباع من الأسلحة، وعلى خلفية هذه الزيارة نظّم مجموعة من التجار لجمع السلاح الثقيل والمتوسط من السوق وقام السفير الأمريكي بشرائه بمبالغ مغرية شجّعت التجار على إخراج كُلّ ما لديهم من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وبيعها، ومن ثم عاد السفيرُ الأمريكي إلى مبنى المحافظة وعقد اجتماعاً مغلقاً مع المحافظ العمري، وقامت السلطاتُ المحلية بالمحافظة بعدها بتكليفِ حملة عسكرية لمسح الشعارات وإزالتها من السيارات والبيوت والطرقات كما قامت السلطة باعتقال كُلِّ مَن يردِّدُهُ.

لم يتوقفْ طلابُ السَّـيِّـد حُـسَيْن بدر الدين عن نشاطهم في نشر الملازم في القرى والمجالس على الرغم من امكانياتهم البسيطة، وخلال الفترة من عام 2002 إلى 2004 أصبح شعار السَّـيِّـد حُـسَيْن منتشراً بشكل كبير وواضح في محافظة صعدة ومحافظات أخرى، وبدأ العديد من المواطنين يرددون الصرخة بعد صلاة الجمعة في المساجد.

وواجه طلابُ السَّـيِّـد مضايقاتٍ كثيرةً في بداية الأمر أثناء ترديد الصرخة، فهددهم مديرُ الأمن السياسي بتسجيل أسمائهم وسجنهم وكذا قطع مرتباتهم، وقد كان البعض يعارضون ترديد الشعار في المساجد، حينها اتصل البعض بالسَّـيِّـد حُـسَيْن يخبره بما حصل، فأجابه السَّـيِّـد حُـسَيْن: بأنه إذا كان المواطنون يعارضون أن ترفعوا الشعار فاخرجوا إلى جامع آخر ولو كان صندقة وارفعوا الشعار وإذا كانت الدولة هي التي تمنع هذا الشعار أو أَي شخص يرتدي زياً عسكرياً فارفعوا الشعار وسلّموا أنفسكم وقولوا لهم (نحن نكبر الله.. ونلعن اليهود).

ونتيجةً للخلافات الكبيرة حول الشعار وتردده، حاول أنصار السَّـيِّـد حُـسَيْن بدر الدين الحوثي الانعزالَ في مساجدَ أخرى حتى لا يحدث شجارٌ، لكن البعض اعتبر ذلك شقاً للصف ومخالفة للجماعة، فأرسل بعضُ المجاهدين رسالةً إلى العلامة بدر الدين الحوثي والد الشَّـهِيْد القائد يستفتونه حول ما يحدُثُ فرد عليهم قائلاً ” (الجمعة تقام لرفع كلمة الحق فيجبُ الاجتماعُ على رفع الشعار والخطبة المفيدة لرفع راية الحق والجهاد في سبيل الله، ومن خالف ذلك فهو المشاق وعليه أن يصليَ مع أهل الحق ويترك الشقاق ويرفع الشعار).

وواصلت سلطةُ محافظ صعدة آنذاك يحيى العمري محاصَرة المكبّرين، ومضايقة كُلّ من يرفع الشعار أو يردده، وفي ظل الاجراءات التعسفية التي مارستها السلطات الحكومية في محافظة صعدة خلال تلك الفترة لم ترصد حالة واحدة من أتباع السَّـيِّـد حُـسَيْن واجهوا تلك الممارسات باستخدام السلاح، بل لجأوا إلى الطرق السلمية في كُلّ ما يحدث.

واعتقلت السلطاتُ الأمنية 800 شخصاً من المكبرين الذين كانوا يرددون الصرخة عقب صلاة الجمعة في جامع الإمام الهادي بصعدة والجامع الكبير بصنعاء، كما أغلقت السلطة بمحافظة صعدة 6 مدارس حكومية وورّدت مرتبات 15 معلماً إلى البنك؛ بسبب رفعهم شعارات منددة بأمريكا وإسرائيل.

وتعرض المعتقلون للتعذيب الوحشي في سجون النظام السابق، فقد استخدمت التجويعَ والحربَ النفسية إلى جانب التعذيب، حتى أن السجانَ كان يضع الخمسة من هؤلاء الشباب في زنزانة واحدة تبلع مساحتها مترين في متر واحد، لا يتسنى لهم النوم فيها جميعاً ليقوم منها اثنان وثلاثة ينامون، ثم يكررون ذلك بالتناوب، كما لم يكن يسمح لهم بالخروج إلى الحمام لقضاء الحاجة إلا مرات قليلة جداً في اليوم الواحد.

ضغوطاتٌ وترهيبٌ وتضليلٌ إعلامي تسبِقُ الحربَ على السَّـيِّـد القائد

أظهر الرئيسُ السابقُ علي عَبدالله صالح انزعاجاً كبيراً لما يحدث في صعدة وتبلور الوعي الجمعي ضد الخطر الأمريكي، فاستدعى في عام 2003 يحيى بدر الدين الحوثي والشيخ فارس مناع والنائب عَبدالكريم جدبان، وقال صالح مخاطباً يحيى الحوثي: (قل لأخيك يترك هذا الشعار وإلا والله لأسلطن عليكم مَن لا يرحمكم)، فحاول يحيى بدر الدين توضيحَ مقاصد السَّـيِّـد حُـسَيْن من هذه الحركة، لكن صالح لم يهتم؛ كونه كان يتعرَّضُ لضغوط أمريكية كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ النظامُ تدشينَ مرحلة الحرب، لكن سبقها تضليل إعلامي كبير.

وادعت السلطاتُ الرسميةُ آنذاك أن السَّـيِّـدَ القائدَ حُـسَيْن بدر الدين ادعى النبوة، ثم تم اتهامه بادعاء أنه المهدي المنتظَر وبأنه لقّب نفسَه بأمير المؤمنين ورفع علَم حزب في دولة أجنبية، والحقيقة أن كُلّ هذا الادعاءات لا أساسَ لها من الصحة، غير أن الحقيقةَ التي شنت لأجلها الحرب هي إسكات طلاب السَّـيِّـد حُـسَيْن والمواطنين من ترديد شعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسْلَام).

الحرب الأولى

قبلَ يومَين من نزول الحملة العسكرية بدأ الخبرُ يأتي يقيناً إلى مسامع أهالي مران وأتباع السَّـيِّـد حُـسَيْن بدر الدين بأن هناك حملةً كبيرةً تستعدُّ لشن هجوم على مران، وبالذات السَّـيِّـد حُـسَيْن بدر الحوثي.

وفي ليلة الأحد الموافق 17 / 6/ 2004 وبعد مضي منتصفها رأى أهالي مران عدداً هائلاً من السيارات تظهَرُ بنورها المضيء الصاعدة من سهل تهامة (الملاحيط) وتحديداً وادي ليه، وحين كانت الساعة تشيرُ إلى الواحدة ليلاً جاء اتصالٌ إلى الشيخ حسن حمود غثاية يؤكد عليه ضرورة لقاء قائد المنطقة الشمالية الغربية بحرض، حينها عزم الشيخ على المغادرة للقاء القائد، محاولاً الصلح، ومضت تلك الليلة وظهرت شمس يوم الأحد 17 / 6/ 2004 وفي تمام الساعة العاشرة صباحاً بدأت الحملة العسكرية بتوجيه أوامرها لكتيبة الدبابات بإطلاق قذائفها، وكذا إطلاق مجموعة من الصواريخ على مران.

ومع استمرارِ القصف وفي الأيام الأولى لبدء الحرب صعد جنود وضباطٌ إلى إحدى التباب للتسلل إلى مواقع أنصار السَّـيِّـد حُـسَيْن بدر الدين الحوثي، وهنا استطاع أنصارُ السَّـيِّـد أن يأسروا هؤلاء الجنود دون أَية خسائر بشرية من الطرفين، فاتصل أنصارُ السَّـيِّـد حُـسَيْن به وأخبروه أن هناك أسرى، فسألهم هل هناك ضحايا، فقالوا: لا، فقال: أطلقوا سراحَهم، وقولوا لهم: نحن إخوة ولا نريد القتال معكم، نحن نكبّر الله ونلعن اليهود، وأوصاهم بألا يأخذوا عليهم أَي شيء.

وللتأكيد على أن الحملة المرسلة أمريكية بامتياز، ما صرَّحَ به السفيرُ الأمريكي أدموند هول في مقابلة مع صحيفة 26 سبتمبر 22 يونيو 2004، حيث قال بالحرف الواحد: (إن ما يقوم به الحوثي هو تمرُّد مجموعة محدودة ضد الحكومة، ومن المهم السيطرة عليها، وما تقوم به الحكومة واضح ومقبول، وإن تواجد مجموعة مسلحة تقف خارج القانون وخارج سيطرة الحكومة أمر مرفوض والحكومة الـيَـمَـنية تستحق فعلاً دعماً من المجتمع الدولي).

لقد فوجئ السَّـيِّـد حُـسَيْن بالحملة العسكرية في يومها الأول وهي تطلق القذائف وهو في سطح منزله، فقد كان من المستغرب لديه ولدى جميع أبناء مران أن تشن الدولة حرباً عسكرية لقمع نشاط ثقافي يرون أنه غير مجرّم لا في الدين ولا في القانون، مستغرباً في الوقت ذاته: لماذا لا توجّه إليه تهمة من قبل الحكومة، ولماذا لا يتم طلبُه عن طريق النيابة والقضاء، معتبراً أن مشروعَه سلمي، ويهدفُ لتوضيح الخطر الحقيقي للـيَـمَـنيين من أمريكا التي تحتلُّ الشعوب وتسعى للسيطرة على ثرواتها.

ومع استمرار الاشتباكات والتكتيم الإعلامي لهذه القضية بدأ الصحفيون بإنزال الحملة العسكرية الضخمة وضرب المنطقة بمختلف أنواع الأسلحة، وهنا سألت المذيعةُ في إذاعة BBC البريطانية عن الأوضاع التي تعيشها مران في تلك اللحظات، فأجاب السَّـيِّـد بالقول: “الحرب مستمرة في الليل والنهار، ضرب بالطائرات وبالصواريخ وبالمدافع وبالدبابات وبالرشاشات بمختلف أنواع الأسلحة وبشكل مكثف في الليل وفي النهار، الحرب مستمرة، الحصار الحصار).

اهتزت أرضُ مران وما جاورها جراء قصف القوات العسكرية بالأسلحة الثقيلة وقصفها المدفعي وقصف الدبابات والكاتيوشا، بالإضافة إلى الغارات الجوية، ومع دوي تلك الأسلحة كانت مران تعُجُّ بصراخ الأطفال والنساء، فهناك طفل يبحث عن أمه وسط الغبار، وهنا أخرى مغشي عليه، وهذه الأم تبحث عن مأوىً لها، ولأطفالها، وبعضُ الأسر تحاول أن تتوارى عن القصف وتحتمي منه بكهف أو ببرك المياه، التي كانت تستخدمُ لاستقبال مياه الأمطار، أو صخرة كبيرة تأويهم من نيران القوات العسكرية.

في اليوم الأول للزحف الذي أتى بعد القصفُ المتواصل طولَ الليل ومع بزوغ الفجر كان الجنود يزحفون تحتَ غطاء كثيف من الصواريخ والمدفعية على كُلِّ شبر في مران وما جاورها، أما أنصارُ السَّـيِّـد حُـسَيْن كانوا يصدون الزحف.

وبدأت المعاركُ الشرسةُ والداميةُ في الاتجاه الغربي والاتجاه الشرقي، وقد استمرت على هذا المنوال وقامت القواتُ العسكريةُ بملاحقة المواطنين.

أثناءَ الاشتباكات أصيب العديد من أنصار السَّـيِّـد حُـسَيْن بجروح بليغة، وكان العلاج في بداية الحرب يتوفر بكميات قليلة جداً، حيث كان عبارة عن مهدئٍ للألم وبعض المغذيات وبعض الإبر والمضادات والقطن الذي كان متوفراً في بعض الصيدليات الأهلية، ولم يكن هناك وجود لشيء آخر مثل التخدير أو غرف العمليات وغيرها، إلا أنه مع الحصار الشامل الذي فرضته القوات العسكرية نفدت تلك الكميات، وكانت تُجْرى العمليات الجراحية للمصابين من أنصار السَّـيِّـد حُـسَيْن بدر الدين بوسائلَ بدائيةٍ تحت إشرافِ طبيب شعبي من أسرة معروفة بالتجبير والعلاج الشعبي والذي يُطلق عليهم لقب (الحماس).

 

https://www.youtube.com/watch?v=1rWYVMe1qEY

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com