مفارقات مجرم الحرب “نتنياهو”.. قلق عميق من صنعاء، وطمأنينة متفائلة تجاه الرياض
الصمود||تقرير||علي الدرواني
يقف المجرم اليهودي بنيامين نتنياهو أمام معادلة تبدو للوهلة الأولى متناقضة: تفاؤل ظاهر تجاه الرياض، وقلق متجذر أمام صنعاء. هناك أسلحة متطورة لا تثير خوفه، وهنا إرادة شعبية تقض مضجعه، وكأن طائرات إف-35 المتجهة نحو السعودية أقل خطرا عليه من صرخة يمنية ترتفع من قلب الحصار.
يتعامل نتنياهو مع السعودية بطمأنينة عالية، ليس اعتباطية، بل مستندة إلى وعود وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي يتعهد بأن واشنطن ستضمن التفوق العسكري الإسرائيلي حتى في حال بيع مقاتلات إف-35 المتطورة للرياض، بل إن الكيان يحاول استغلال الصفقة باعتبارها فرصة لانتزاع ضمانات تجعل تلك الطائرات أقل تطورا من نظيرتها لدى الاحتلال، وكأن السماح للسعودية بالتسلح ليس إلا امتدادا لسياسة أمريكية قديمة، تنص على أن تسليح المنطقة لا يمكن أن يكسر قواعد التفوق الإسرائيلي.
فإذاً.. الشعور بالأمان الإسرائيلي يرتكز على سيطرة طرف ثالث، هو الولايات المتحدة، أكثر من الاعتماد على قدرات جيش الكيان ذاته، طالما أنها تقع تحت مظلة واشنطن، الطرف الذي يمسك خيوط اللعبة ويوزع السلاح وفق مقاسات تضمن أمن “إسرائيل” أولاً، وتهدف في جوهرها إلى مراكمة سلاح بلا إرادة في مخازن عواصم مثل الرياض وأبو ظبي.
لكن ما إن يلتفت نتنياهو للحديث عن اليمن، إذا به يبدل خطابه، ويخفت صوته، ويتحول القلق من عسكري إلى حضاري، فلم تعد المشكلة صواريخ أو طائرات مسيرة، ولا قدرات بحرية تثبت حضورها في البحر الأحمر، بل أصبح الخوف من “وعي مقاوم” يتشكل كهوية، ومن ثقافة ترى في المواجهة مع هذا العدو واجبًا يتجاوز الحدود والجغرافيا. في أعماق نتنياهو، تشكل الصرخة اليمنية أكثر من شعار سياسي.. ببساطة لأنها مشروع مقاومة لا يعرف التراجع، ولا يسجل الانكسار، قادر على خلق جيل لا يخضع لمعادلات واشنطن، ولا لحسابات الرياض. وهنا يصبح الخطر وجوديا، لا يتعلق بقوة النار بقدر ما يتعلق بقوة المعنى، وعميق الإيمان.
بين الطمأنينة للسعودية والقلق من اليمن، تتضح الإجابة التي لا يجرؤ الإعلام الغربي على التصريح بها: الكيان لا يخاف من السلاح الذي تفرض عليه واشنطن قيودها، بقدر ما يخاف من الشعوب التي تصنع سلاحها، وتملك قرارها، وتحول الإيمان إلى حركة، والوعي إلى نشاط، والعقيدة إلى سلاح، فالسلاح الذي تسيطر عليه أمريكا منزوع الروح، منعدم الفعالية، أما الإرادة التي تولد من قلب التحديات فلا سقف لها إلا فضاء النصر والفتح الموعود. الطائرات لا تحارب دون قرار، والصفقات لا تصنع مشروعا، بينما الشعار الذي يتحول إلى هوية، والوعي الذي يتحول إلى مقاومة، قادران على تغيير التاريخ قبل موازين السلاح.
صنعاء التي تخيف نتنياهو هي نموذج يعيد تعريف معنى المواجهة مع الاحتلال، ليس سلاحًا فحسب، وإنما وعي وثقافة وإيمان، ليس دعما خارجيا، ولا صفقة ثنائية، بل صناعة داخلية. كما أنها ليست خطابا إعلاميا، بل فعل ودماء وتضحيات.
الخوف الحقيقي.. ليس من السلاح الذي يشترى، بل من الإرادة التي لا تباع.
نقلاً عن موقع أنصار الله