نهب الثروات وتجويع اليمنيين.. مشروع “سعودي _ إماراتي” لإخضاع اليمن وإسقاط سيادته الاقتصادية
الصمود//تقرير //
بينما يعيش ملايين اليمنيين على حافة الجوع وانقطاع الرواتب وتردّي الخدمات، تتواصل عمليات النهب المنظم لثروات اليمن من نفط وغاز وثروات بحرية من قبل التحالف السعودي-الإماراتي وفصائل موالية له، من عدن إلى أبين ولحج وشبوة وحضرموت، يتكرر المشهد ذاته، ناقلات محمّلة بالنفط تغادر الموانئ الجنوبية لليمن، بينما المواطن لا يجد راتبه ولا الكهرباء ولا الدواء.
هذا التقرير يتناول، بأسلوب تحليلي، ملامح النهب الاقتصادي الذي يتعرض له اليمن منذ سنوات، ويكشف كيف تحوّلت الثروة الوطنية إلى أداة للسيطرة والتجويع، في وقتٍ تتعمد فيه السعودية إبقاء البلاد في دوامة من الانهيار الاقتصادي والإنساني.
ثروة تُنهب واقتصاد يُحتل
كان النفط والغاز يشكلان قبل العدوان السعودي الاماراتي نحو 80% من إيرادات الموازنة العامة للدولة اليمنية، لكن مع بدء العدوان في 2015، فقدت الدولة السيطرة على مواردها، وتحولت الحقول والموانئ إلى مناطق نفوذ لقوات تابعة للسعودية والإمارات.
تقارير اقتصادية يمنية تكشف أن ما يزيد على 22 مليار دولار من عائدات النفط والغاز نُهبت خلال الأعوام 2016-2024، من حقول شبوة وحضرموت والمكلا وشقرة، عبر شحنات تُصدَّر بشكل غير شفاف إلى الخارج.
وفي عام 2021 وحده، نُقلت أكثر من 189 مليون برميل نفط بقيمة تجاوزت 13 مليار دولار، أودعت غالبيتها في حسابات خارجية سعودية وإماراتية، بعيداً عن خزينة الدولة اليمنية، بهذا الشكل، لم يعد الأمر مجرد حربٍ عسكرية، بل احتلال اقتصادي كامل يستهدف موارد اليمن السيادية.
التجويع كسلاح سياسي
منذ نقل البنك المركزي إلى عدن عام 2016، توقفت رواتب ما يقارب مليوني موظف حكومي في عموم البلاد.
ورغم أن الإيرادات النفطية الشهرية تكفي لصرف الرواتب لعدة أشهر، إلا أنها تُحوَّل إلى حسابات خاصة تُدار من قبل التحالف، بينما يعيش الموظف والمواطن اليمني حالة من الفقر والعجز.
تحوّل التجويع إلى أداة للهيمنة السياسية، تُمنح الرواتب والامتيازات كوسائل ضغط، وتُستخدم الأزمة المعيشية لفرض الولاءات وتقويض أي مقاومة داخلية، نتيجة لذلك، انهارت العملة المحلية، وارتفعت أسعار الغذاء والوقود، وانهار الحد الأدنى لمستوى المعيشة، خصوصاً في المحافظات الجنوبية المحتلة الخاضعة لتحالف العدوان.
الجنوب المحتل .. فوضى ونهب واقتتال
الجنوب اليمني المحتل ، من عدن إلى حضرموت، يعيش اليوم على وقع الفوضى والانقسام، تعددت الفصائل المسلحة وتوزعت تبعياتها بين السعودية والإمارات، فتحولت المحافظات إلى مناطق نفوذ متنازعة، لا تخضع لأي سلطة مركزية حقيقية.
في عدن، تنتشر عمليات الابتزاز والاختطاف والتقطع، وتُفرض إتاوات على التجار والمواطنين، وفي شبوة وحضرموت، تتنازع الفصائل على الحقول النفطية والموانئ تحت رعاية أطراف التحالف.
ويرى مراقبون أن هذه الفوضى ليست نتاج الحرب فقط، بل استراتيجية ممنهجة لتفكيك الجنوب وإبقائه تحت السيطرة، بحيث تستفيد الأطراف الخارجية المحتلة من حالة الفوضى لتحكم سيطرتها وفصول احتلالها ونهب الثروات الممنهج.
أطماع إقليمية ومشروع هيمنة
البعد الجيوسياسي لا ينفصل عن المشهد الاقتصادي، فالسعودية، الباحثة عن منفذ نفطي مباشر إلى بحر العرب عبر محافظة المهرة، والإمارات، الساعية إلى بسط نفوذها على الموانئ اليمنية في عدن وبلحاف والمخا وسقطرى، تتقاسمان أدواراً مختلفة في مشروع واحد، هو السيطرة على موارد اليمن وموقعه الاستراتيجي.
بهذا المنطق، لم تعد الحرب أداة لاستعادة شرعية مزعومة كما يُقال، بل مشروعاً إقليمياً لإعادة رسم النفوذ في جنوب الجزيرة العربية، يضمن للرياض وأبوظبي السيطرة على خطوط التجارة والطاقة في المنطقة، ولو على حساب معاناة 30 مليون إنسان.
التداعيات الإنسانية الكارثية
النتائج الإنسانية لهذه السياسات لا تخفى على أحد، فتقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 20 مليون يمني يعيشون تحت خط الفقر، وأن نحو 17 مليوناً بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة.
في الجنوب المحتل تحديداً ، تتفاقم الأزمات، الكهرباء معدومة، المياه شحيحة، أسعار الوقود تتضاعف، والمستشفيات شبه خالية من الأدوية.
ومع كل ذلك، تستمر عائدات النفط والغاز بالتدفق خارج البلاد، بينما تُترك المؤسسات الرسمية مشلولة بلا تمويل، ويُترك المواطن يواجه مصيره في بلد غنيّ بالثروات، فقير في المعيشة.
السعودية وإبقاء اليمن في دوامة الانهيار
تنتهج السعودية سياسة اقتصادية تهدف إلى إبقاء اليمن تحت الهيمنة المالية عبر السيطرة المباشرة على موارده النقدية.
فوفقاً لمصادر اقتصادية، تُفرض على السلطات المحلية في المحافظات المحتلة تعليمات بتوريد كافة الإيرادات إلى البنك الأهلي السعودي بدلاً من البنك المركزي اليمني، ما جعل القرار المالي للبلاد مرتهناً كلياً للرياض.
ورغم الاتفاق الذي تم برعاية أممية بشأن تخصيص عائدات النفط والغاز لصرف رواتب الموظفين في عموم البلاد، فإن السعودية تتهرب من تنفيذ الاتفاق حتى اليوم، ما فاقم الأزمة المعيشية وزاد من حالة الاحتقان الشعبي.
هذه السياسة، وفق محللين، تهدف إلى إبقاء اليمنيين في حالة اعتماد اقتصادي خانق، بحيث لا تتحرك أي جهة سياسية أو عسكرية إلا ضمن حدود الرغبة السعودية.
بهذا المعنى، تحولت أدوات السيطرة من القصف العسكري إلى التحكم المالي والتجويع الممنهج، في واحدة من أكثر صور الاحتلال نعومة وخطورة في آنٍ واحد.
ختاماً
تؤكد المعطيات أن اليمن يعيش اليوم واحدة من أسوأ صور الاحتلال الاقتصادي في تاريخه الحديث.
فبينما تُنقل ناقلات النفط من سواحله محمّلة بمليارات الدولارات، يُترك المواطن اليمني يواجه الفقر والجوع بلا رواتب ولا أمل.
إن ما تمارسه السعودية والإمارات لا يمكن وصفه إلا بأنه نهب منظم للثروة وتجويع متعمد للشعب في إطار مشروع طويل الأمد لإضعاف اليمن وإبقائه تحت الوصاية الاقتصادية والسياسية.
إن استعادة اليمن لسيادته الاقتصادية شرط أساسي لأي سلام حقيقي، فلا سلام مع التجويع، ولا استقرار مع الاحتلال الاقتصادي، ولا مستقبل ما لم تُسترد الثروات المنهوبة وتُعاد للدولة كرامتها واستقلالها من براثن الوصاية والاحتلال .
نقلا عن موقع يمانيون
 
			