إنجاز أمني نوعي يسلّط الضوء على أبعاد الحرب التجسسية في اليمن
الصمود //تقرير//
تكشف التطورات الأمنية الأخيرة في اليمن عن فصل جديد من فصول الحرب غير التقليدية التي يتعرض لها الشعب اليمني منذ أكثر من عقد، فبعيدًا عن صخب المواجهات العسكرية، تدور حرب خفية وشرسة لا تقل خطرًا، تقودها أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، عبر أدوات ناعمة تتخفى خلف شعارات إنسانية وأدوار إغاثية، أحدث هذه الفصول تمثل في الكشف عن شبكات تجسس واسعة تعمل لصالح العدو الصهيوأمريكي تحت غطاء منظمات أممية عاملة في اليمن.
كشفت الأجهزة الأمنية اليمنية مؤخرًا عن شبكة تجسس كبرى تعمل لصالح الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي، متغلغلة داخل عدد من المنظمات الأممية والدولية العاملة في البلاد، ووفقًا للمعلومات الرسمية، فقد تم ضبط عدد من العملاء والمتورطين في تنفيذ أنشطة تجسسية وتخريبية استهدفت البنية الأمنية والسياسية والاجتماعية لليمن.
تتضمن الشبكة أفرادًا يحملون صفات رسمية أو يعملون كمستشارين وخبراء ضمن منظمات إغاثية وتنموية، لكنهم في الحقيقة ينفذون أجندات استخباراتية، تشمل جمع معلومات عن القدرات العسكرية والبنية التحتية الحيوية، وإثارة القلاقل الاجتماعية، وتنفيذ عمليات اختراق سيبراني.
الحرب الأمنية .. المعركة غير المرئية
الحرب على اليمن لم تعد تقتصر على الغارات الجوية أو المعارك العسكرية، بل أخذت منحىً أشد خطورة يتمثل في الحرب الأمنية والاستخباراتية، هذه الحرب تُدار بهدوء ودهاء، هدفها ضرب الجبهة الداخلية من الداخل، وإحداث اختراقات استراتيجية تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، دون أن يُطلق فيها رصاصة واحدة.
العدو الصهيوأمريكي يدرك أن الصمود العسكري اليمني بات عصيًّا على الكسر، لذا انتقل إلى أدوات ناعمة ومتخفية، تعتمد على شبكات التجسس، وغرف العمليات الإلكترونية، والعملاء المحليين الذين يعملون تحت لافتات إنسانية في منظمات دولية.
لطالما وُجهت اتهامات للمنظمات الأممية العاملة في اليمن بأنها تتجاوز أدوارها الإنسانية، وتعمل في سياقات تتقاطع مع أجندات الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ومع الكشف عن هذه الشبكة التجسسية، تأكدت الشكوك حول تورط منظمات بعينها في أنشطة استخباراتية، بعض هذه المنظمات حصلت على تسهيلات كبيرة وتحركات واسعة داخل المناطق الحساسة، ما منحها قدرة على الوصول إلى معلومات استراتيجية، لا يمكن الوصول إليها بدون غطاء رسمي أو تنسيق مع جهات دولية.
ماذا كانت تبحث عنه واشنطن وتل أبيب؟
كشفت التحقيقات الأولية أن أهداف الشبكة التجسسية كانت متعددة، منها، رصد مواقع القوة العسكرية اليمنية، وخاصة في مجال التصنيع العسكري والدفاع الجوي، والتجسس على القيادات الوطنية، وتحليل نمط تحركاتهم وخطابهم السياسي، وإثارة البلبلة الاجتماعية عبر تقارير مضللة وبرامج إجتماعية تنموية مشبوهة، وجمع قواعد بيانات ضخمة عن المواطنين والمؤسسات الحكومية، بهدف بناء بنك أهداف للاختراق والتدمير الداخلي، وكذلك تحريض المكونات اليمنية على بعضها البعض، في محاولة لضرب النسيج الاجتماعي وإشعال الفتنة من الداخل.
دلالات الإنجاز الأمني
الكشف عن هذه الشبكة لا يمثل مجرد نجاح أمني، بل هو إنجاز استراتيجي يُعيد رسم خريطة المواجهة الأمنية ويؤكد يقظة الأجهزة اليمنية في التصدي لهذا النوع من الحروب المعقدة، فعلى المستوى الداخلي، يعزز ثقة المواطن اليمني بالأجهزة الأمنية، ويُحبط مشاريع الاختراق والتجسس التي تسعى لزرع الفوضى من الداخل، ويكشف للمجتمع المحلي طبيعة الحرب الجديدة التي تخاض ضده تحت عباءة العمل الإنساني، أما على المستوى الإقليمي والدولي، فهو يفضح الوجه الحقيقي لبعض المنظمات الدولية التي تتماهى مع المشاريع الاستخباراتية، ويوجه رسالة للدول الكبرى بأن اليمن بات يمتلك منظومة أمنية قادرة على التصدي لأعتى أجهزة التجسس، وكذلك يعري ازدواجية المعايير الأممية في تعاملها مع قضايا السيادة الوطنية.
يقظة أمنية أمام حرب مركّبة
الحرب على اليمن لم تعد فقط عسكرية أو سياسية، بل هي اليوم حرب استخباراتية ناعمة، تُدار بأدوات خبيثة وأساليب خفية، وكشف هذه الشبكات التجسسية هو مؤشر على أن اليمن بات يمتلك أدوات دفاع غير تقليدية، قادرة على خوض هذا النوع من المعارك المعقدة.
كما أن اليقظة الأمنية، والوعي الشعبي، والقدرة على كشف الاختراقات قبل وقوعها، باتت اليوم أحد أهم عناصر معركة التحرر والسيادة، في وجه عدو لا يتورع عن استخدام أبشع الوسائل، حتى لو كانت تتخفى خلف شعارات إنسانية.
نقلا عن موقع يمانيون