الأنظمة الحاكمة.. النسخة الوطنية للمستعمر.. فبأي وجه ستلقون الله
الصمود//مقالات//إبراهيم محمد الهمداني
مما لا شك فيه أن معظم الأنظمة الحاكمة في المنطقة، كانت – منذ نشأتها – صنيعة القوى الاستعمارية، بإشراف وتخطيط الصهيونية العالمية، حتى أنها أصبحت نسخة وطنية من المستعمر، وجزءا أصيلا في تنفيذ واستمرار مشروعه، بفاعلية وكفاءة أكبر، ولذلك تسابقت تلك الأنظمة الحاكمة العميلة، إلى تدجين وإخضاع الشعوب، وسلبها كل عوامل القوة والنهوض، واغتيال مقومات الهوية الإيمانية، وقتل كل مظاهر الشعور بالانتماء الديني والقومي، واجتثاث جذور الإحساس بالمسؤولية تجاه الأمة، وقمع كل صوت ينادي إلى الجهاد، ويذكِّر المسلمين بواجبهم الديني، في تحرير القدس والمقدسات، كون ذلك تكليفا إلهيا قطعي الوجوب، ولم تكتفِ بذلك، بل انطلقت معظم الأنظمة الحاكمة، إلى تفريغ القضية من طابعها الديني/ الجهادي، النابع من صيغة الأمر الإلهي قطعي الوجوب، إلى طابع قومي/ مقاوم، نابع من صيغة الدافع العنصري، والتعصب العرقي للقومية، التي لا يمكن أن تبلغ ذروتها وفاعليتها، إلا إذا امتلكت عناصر القوة والهيمنة، وما عدا ذلك، فإنها تكتفي بالتعاطف الجمعي، والتعبير عن موقفها/ تعصبها بالمظاهرات الشعبية، ومطالبة أنظمتها الحاكمة بالشجب والتنديد، وسرعان ما تبرد فورة العصبية القومية بعد ذلك، ليتوقف الدور والمسؤولية الجمعية، تجاه قضية المسلمين الأولى، عند حدود الظاهرة الصوتية الشعبية، والخطابات الرسمية الحماسية وبيانات الإدانة المتكررة الممجوجة، وهكذا نفذت الأنظمة الحاكمة أكبر وأهم خطوة، في المشروع الصهيوني الاستعماري العالمي، وهيأت الساحة العربية والإسلامية، لسيطرة مشروع الهيمنة الإمبريالية، وقدمت أمريكا وإسرائيل خاصة – والقوى الاستعمارية العالمية عامة – بوصفهم أصدقاء النهوض الحضاري حينا، وبوصفهم حلفاء صناعة القوة حينا آخر، وفي كلا الحالين، هم – في نظر الأنظمة الحاكمة – صنيعة القوة العظمى، وفعل الضرورة الحياتية، التي لا حياة لشعوب المنطقة، إلا تحت مظلتها الأبوية الاستعمارية، وهو ما عجزت عن تحقيقه تلك القوى ذاتها، بقوة الحديد والنار، على مدى عقود من الزمن