الصمود حتى النصر

اليمن في وجه العاصفة: “ثورة 21 سبتمبر” ترفض الوصاية والاحتلال بينما تتهاوى العواصم العربية أمام “خيانات التطبيع”

الصمود||تقرير||

في الوقت الذي تتساقط فيه العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى في مستنقع التطبيع والولاء لكيان العدو الصهيوني، ويُعاد رسم خريطة المنطقة على مقاس الغزاة الأمريكيين والصهاينة، يثبت اليمن الثوري المقاوم، شعبًا وقيادة وقوات مسلحة، أنه الصخرة التي تتحطم عليها مشاريع الهيمنة والخيانة، مستندًا إلى الله أولًا، وإلى ثورة الـ21 من سبتمبر المباركة التي أنهت زمن الوصاية وأسّست لقرار سيادي مستقل لا يخضع للمساومات ولا تنحني رايته أمام العواصف.

العدو الصهيوني يتسلل عبر البوابة الجنوبية لسوريا

في دمشق، حيث كانت القضية الفلسطينية يومًا حجر الزاوية في الخطاب السياسي، تتكشّف اليوم خيوط تطبيعٍ خفيّ، تُدار من خلف الكواليس وتحت الطاولات، في سياق متواطئ مع الأمريكيين والصهاينة.

فقد كشف المبعوث الأمريكي إلى سوريا “توم باراك” عن تصريحات مثيرة للقلق من أحمد الشرع حول “عدم كراهيته لإسرائيل”، وعن لقاءات تمت بالفعل بين الجولاني وحاخام صهيوني في دمشق، بل وتلميحات إلى لقاء محتمل مع نتنياهو برعاية ترامب.

وفي تطور يكشف مدى الانخراط الخفي، ذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية أن “الجولاني تحدّث عن إمكانية لقاء يجمعه بنتنياهو في واشنطن إذا قرر ترامب ذلك”، مؤكدة أن المباحثات شملت ما وصفته بـ”تقدم في المسار السياسي والعسكري بين الطرفين”.. وهو ما يضع المشروع الصهيوني أمام مرحلة جديدة: تصفية القضية الفلسطينية عبر أدوات محلية وتحت شعارات زائفة كـ”السلام” و”الاستقرار الإقليمي”، في حين يجري تغييب إرادة الشعب السوري، كما غُيبت إرادة شعوب أخرى تحت نير القمع السياسي والتضليل الإعلامي.

اليمن المقاوم.. الثابت على الموقف والمبادئ

على النقيض من هذا الانهيار الأخلاقي والسياسي، يقف اليمن الثوري، الرافض للاحتلال والتطبيع، في طليعة المواقف الحرة في الأمة.. ومنذ اندلاع ثورة 21 سبتمبر المجيدة، أعلن الشعب اليمني -قيادة وشعبًا وقوات مسلحة- رفضه القاطع لأي شكل من أشكال التبعية أو الوصاية أو التعايش مع الكيان الصهيوني.

لم يكن هذا الرفض مجرّد شعار، بل تُرجم إلى مواقف عملية، بدءًا من إسقاط أدوات الوصاية، مرورًا ببناء قوات مسلحة مستقلة وقوية بعقيدة جهادية وطنية، وانتهاءً بالمشاركة الفاعلة في معركة إسناد غزة ضمن محور المقاومة، وفتح جبهات متعددة بوجه العدو، في حين انشغلت أنظمة عربية بفتح ممرات تطبيع مع المحتل.

صفقة “السلام” المزعومة: تطهير غزة وتوسيع حدود الكيان

ضمن سيناريو متكامل تقوده واشنطن، وبدعم مباشر من أنظمة عربية، يجري الترويج لمخطط خبيث تحت عنوان “وقف إطلاق النار” في غزة.. لكن حقيقة هذا المشروع، كما كشفت صحيفة “إسرائيل هيوم”، تشمل إخراج قيادات المقاومة من القطاع، وتسليم إدارته لتحالف دول عربية بإشراف أمريكي – صهيوني، مقابل بعض الإغراءات الاقتصادية.

وفي السياق ذاته، كشفت تقارير أمريكية عن مكالمة هاتفية جمعت ترامب ونتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اتُّفق خلالها على صيغة اتفاق يتضمن “وقف العدوان على غزة خلال أسبوعين مقابل ترتيبات إقليمية” تبدأ بتفكيك البنية المقاومة، وتنتهي بإعادة تشكيل السلطة في القطاع وفق هندسة أمريكية صهيونية.

في المقابل، يتم منح العدو الصهيوني سيادة جزئية على الضفة الغربية، وتُحوَّل فلسطين إلى جزر سكانية محاصرة، منزوعة السلاح والكرامة، فيما يتم منح كيان العدو صك الشرعية على يد الحكام العرب.. وقد وصف المحلل السياسي الفلسطيني عدنان الصبّاح هذا المخطط بالقول: “لن يتبقى للفلسطينيين سوى 8% من أراضي الضفة، وهي مناطق سكنية مكتظة يُحشر فيها الناس كما في غزة، حيث يعيش السكان في 20% فقط من المساحة، وهي الأكثر كثافة في العالم.”

ثورة 21 سبتمبر.. سدّ منيع في وجه الهيمنة والتطبيع

بينما تنهار العواصم واحدة تلو أخرى أمام رياح الابتزاز السياسي والمال النفطي المسموم، تشكل ثورة 21 سبتمبر السد المنيع أمام هذه المشاريع.. فقد أعادت هذه الثورة بناء القرار الوطني المستقل، وأنشأت دولة تعتمد على الله، وتستمد قوتها من شعبها، وترتكز إلى مشروع تحرري مقاوم يجعل من فلسطين قضيته المركزية، ويصنف الكيان الصهيوني وأمريكا كعدوين لا شريكين.

واليوم، في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية، يبرز اليمن الثوري كقوة إقليمية أخلاقية وعسكرية وسياسية لا يمكن تجاوزها في أي معادلة تخص الصراع العربي الصهيوني، وهو ما يتجلى في الحضور الفاعل لقواته المسلحة في دعم الشعب الفلسطيني عمليًّا، لا عبر التصريحات أو القمم الفارغة.

الاحتلال الناعم.. أخطر من الحرب العسكرية

ما تواجهه الأمة اليوم ليس مجرد تطبيع، بل احتلال ناعم، لا تدخل فيه الدبابات ولكن تمر فيه الصفقات، وتُسلّم فيه العواصم والمواقف والثروات عبر ورق أبيض مُذيّل بتواقيع الخيانة.

وقد كشفت قناة فوكس نيوز الأمريكية عما وصفته بـ”خطة أمريكية جديدة لتوسيع اتفاقيات إبراهام”، تضمّ السعودية وسوريا ولبنان، مقابل وعود بـ”إعادة الإعمار ورفع العقوبات والاستثمارات التكنولوجية”، مؤكدة أن الخطة تهدف إلى خنق النفوذ الإيراني ومحاصرة جبهات المقاومة، سياسيًّا وميدانيًّا.

وفي المقابل، وفي مشهد يعكس المفارقة المأساوية، أصدر صندوق التقاعد الحكومي النرويجي -أحد أكبر صناديق التقاعد في العالم- بيانًا رسميًا أعلن فيه استبعاد شركتي “أوشكوش” و”تيسين كروب” من استثماراته، بسبب تزويدهما لجيش العدو الصهيوني بالأسلحة المستخدمة في جرائم غزة، مؤكدًا أن استمرار الاستثمار فيهما يمثل “تواطؤًا في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.

هذا الموقف الأخلاقي من مؤسسة مالية غربية يفضح أنظمة عربية تواطأت بالصمت أو بالشراكة، وسعت لتجميل العدوان تحت شعارات “السلام”، بينما تؤكد هذه الخطوات أن المشكلة ليست في العدو وحده بل في وكلائه.

اليمن بوابة الرفض وصوت الأمة الصادق

في زمن تتكالب فيه الأمم على الحق، وتُباع فيه فلسطين بثمن بخس، يبقى اليمن الثوري قبلة الأحرار وصوت الأمة الصادق، لا يُساوم، لا يُهادن، لا يُخدع.

يعرف اليمنيون أن الطريق إلى القدس يمر عبر الكرامة، وأن النصر وعد إلهي يتحقق بالصبر والجهاد والثبات.. ومن جبال صعدة حتى سواحل الحديدة، ومن صنعاء إلى مأرب، ومن البحر الأحمر إلى فلسطين، يرتفع صوت اليمن: لا تطبيع.. لا خيانة.. لا وصاية.. لا احتلال.

نقلاً عن موقع 21 سبتمبر