الرؤية القرآنية.. بُوصلة الأُمَّــة في زمن التحديات
الصمود||مقالات||أصيل علي البجلي
في غِمار عالمٍ يموجُ بالتحديات، وتتصاعدُ فيه وتيرة الصراعات على كافة الأصعدة، يظل القرآن الكريم هو النور الهادي الذي يشقُّ عَتْمَاتِ الشبهات، والمنهج الرباني الذي يقدم للبشرية خارطة طريق للنجاة.
إن ما نشهده اليوم من تحديات فكرية وثقافية، وأزمات اقتصادية وسياسية، ومحاولات محمومة لطمس الهُوية، يستلزم منا وقفة تأمل عميقة، وعودة صادقة إلى معين الوحي لاستلهام الحلول الناجعة والمعالجات الفاعلة.
إن الرؤية القرآنية، لا تقتصرُ على كونها نصوصًا مقدَّسة تُتلَى فحسب، بل هي نسقٌ فكري ومنهج حياة متكامل يرسم للإنسان تصورًا شاملًا للكون، ويوضح له غاية وجوده، ويحدّد مسؤولياته. ففي مواجهة هذه التحديات الجسام، يؤسس القرآن لوعي حقيقي بالواقع، يدعو إلى التدبر العميق والتفكر الواعي، وينبذ التقليد الأعمى والسطحية في التناول.
إنه يدعونا إلى تفعيل العقل والبصيرة في التعامل مع المستجدات، وإلى التمييز الدقيق بين الحق والباطل، وبين ما يعود بالنفع على الأُمَّــة وما يلحق بها الضرر.
في خضم الهجمة الثقافية الشرسة التي تستهدف كيان الأُمَّــة وقيمها، ينهض القرآن ليكون الحصن المنيع لهُويتنا الإيمانية، ويعمق فينا جذور الانتماء للحق. إنه يغرس في النفوس قيم الصمود والثبات، ويوجهنا إلى الوحدة والاعتصام بحبل الله المتين، فالمواجهة الفاعلة للتحديات لا يمكن أن تتم بجهود متفرقة، بل تتطلب تكاتفًا وتآزرًا يقوم على أسس راسخة من التقوى والإيمان.
ولم يغفل القرآنُ الكريم عن تقديم النموذج القيادي الأمثل، الذي تجلى في شخصية خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن بعده أئمة الهدى، وُصُـولًا إلى قيادتنا الواعية المتمثلة في السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله). فخطابات السيد القائد ليست مُجَـرّد توجيهات عابرة، بل هي تحليل قرآني عميق للأوضاع الراهنة، وتأصيل شرعي لمختلف القضايا، ووضع لبوصلة ترشد الأُمَّــة نحو بر الأمان.
إن التأملَ العميقَ في آيات الله البينات، لا سِـيَّـما تلك التي تتناول مفهومَ النصر والتمكين، وطبيعة الصراع الدائم بين الحق والباطل، يمنحُنا البصيرة النافذة التي لا غنى عنها في هذه المرحلة الدقيقة. إنه يعلمنا أن القوة الحقيقية لا تكمن في العدد والعدة وحدها، بل تتجذر في الإيمان الراسخ، والتوكل المطلق على الله، وفي وضوح الرؤية وصلابة الموقف.
فلتكن مناراتُ القرآن الكريم هي دليلنا في كُـلّ خطوة، ومنهلُه العَذْبُ هو مصدرَ حكمتنا وعلمنا؛ كي نواجهَ التحديات المعاصرة بوعي وثبات، ولنصوغ مستقبلًا مشرقًا لأمة قوية عزيزة، تستلهم مجدها من كتاب ربها، وتستضيء بنور هدايته.