فشلُ حسابات الضربة الاستباقية
الصمود||مقالات||الدكتور عبدالرحمن المختار
عقب جريمته الغادرة بحق الجمهورية الإسلامية الإيرانية خرج المجرم نتنياهو منتشيًّا مغرورًا منفوخًا تحيطه العنجهية من كُـلّ جانب، معلنًا أنه قرّر توجيه ضربة الغدر في نهاية إبريل الماضي، لكنه أجلها لأسباب عملياتية، متباهيًّا بإنجازه مستذكرًا مواقفه ومؤلفاته وتحذيراته من خطر الجمهورية الإسلامية الوجودي على كيانه الإجرامي، محدّدًا العوائق التي حالت دون تنفيذ مخطّطاته لحماية كيانه، لكنه اليوم وعندما أتيحت له الفرصة لم يتردّد في تنفيذها، شارحًا وموضحًا للجمهور وللعالم خطته السرية للتنفيذ المفاجئ لهجومه الغادر، موضحًا أنه تحدث مع ترامب عن أهميّة المفاجأة في تنفيذ الخطط الهجومية.
ولم يكن هناك من سقف لغرور المجرم نتن ياهو من فجر الجمعة، وحتى المساء، ولم يتوقف عن الأدلاء بالتصريحات، وإرسال الرسائل للداخل والخارج على حَــدٍّ سواء، ولم تقف النشوة عند المجرم نتن ياهو، ولم تتسع جغرافية الأراضي المحتلّة لغروره وعنجهيته، بل لقد امتد كُـلّ ذلك إلى شريكه في الإجرام والعنجهية كبير أكابر مجرمي البيت الأبيض ترامب، الذي تجاهل موعد جلسة التفاوض السادسة في مسقط بعد ثلاثة أَيَّـام من التنفيذ الغادر للجريمة، وتحدث بكل وقاحة أنه منح إيران مهلة ستين يومًا لتوقيع اتّفاق لكنها فشلت في الاستفادة من هذه المدة، وتحدث عن علمه بتوقيت الجريمة واعتبر أن نتائجها ستساعده في توقيع الاتّفاق مع إيران، ووصف نتائج جريمة الكيان الصهيوني بالممتازة، وطلب من الإيرانيين العودة إلى المفاوضات قبل أن يخسروا كُـلّ شيء.
استمرت نشوة وغرور وعنجهية المجرم نتن ياهو وشريكه في الإجرام ترامب من فجر يوم الجمعة، وحتى المساء، فقد ساد الاعتقاد أن الضربة الغادرة قد نالت من القيادة العسكرية والأمنية، وأن الإيرانيين في حالة إرباك شديد، وأن حالة الانهيار للنظام الحاكم في الجمهورية الإسلامية مسألة وقت، وطالب المجرم نتن ياهو الشعب الإيراني بالتعاون معه لتحقيق الأهداف المشتركة، بحيث يتمكّن نتن ياهو من إسقاط النظام، وينال الشعب الإيراني بهذا التعاون حريته!
حالة جنون العظمة التي أصابت المجرم نتن ياهو لم يكتب لها الاستمرار لأكثر من نصف يوم، حتى انقلب الوضع رأسًا على عقب، فبعد التبختر والطاووسية التي ظهر بها النتن المجرم متنقلًا من منبر إلى آخر، استقر بعدها في قعر أعمق حفرة موصوفة بأنها ملجأ محصن، شاهد واستمع من مخبئه القابع فيه، أصوات الانفجارات المدوية وما نتح عنها من دمار هائل، لم يسبق لكيان الإجرام منذ تأسيسه على أرض فلسطين المحتلّة أن تعرض لمثلها، ولم يتبقَّ للمجرم نتن ياهو من نشوته وغروره وعنجهيته شيء، مكتفيًّا في حالته المزرية التي أصبح فيها بضرورة الامتناع عن تصوير ونشر مشاهد الانفجارات وما نتج عنها من دمار.
لكن موجات تسونامي الصواريخ الإيرانية تجاوزت كُـلّ الحواجز والأسوار وأغرقت نشوة وعنجهية وغرور نتن ياهو، ومثلما أن جغرافية الأراضي المحتلّة لم تتسع لغرور وعنجهية ونشوة نتن ياهو، فَــإنَّها كذلك لم تتسع لآثار موجات تسونامي الصواريخ الإيرانية، حَيثُ امتدت الآثار والنتائج لتشمل جغرافية القوى الاستعمارية الغربية الشريكة لنتن ياهو في التخطيط للجريمة وعلى رأس هذه القوى الإدارة الأمريكية، وكبير أكابر مجرميها ترامب، الذي أصابته الموجات التسونامية الإيرانية بصفعة أخرسته، فأصبح عاجزًا تمامًا عن النطق متوسلًا بالإشارة إلى بعض تابعيه بنفي أي دور لإدارته في مغامرة نتن ياهو، خوفًا من اكتساح موجات تسونامية إيرانية ارتدادية مصالح وقواعد إدارته في المنطقة.
ومنذ مساء يوم أمس الجمعة، وعقب موجات التسونامي الصاروخية الإيرانية، بدأت أدوات القوى الاستعمارية الغربية في المنطقة وبإيعاز من هذه القوى بالتحَرّك تحت عناوين التهدئة وضبط النفس، والهدف الخفي لهذا التحَرّك المشبوه هو إخراج نتن ياهو من قعر الحفرة التي يقبع مكرهًا فيها، وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة، وما كانت هذه الأدوات الوظيفية لتتحَرّك لو أن مسار الأحداث لصالح القوى الاستعمارية وكيانها الإجرامي الصهيوني.