الصمود حتى النصر

هل تجبر القبضة اليمنية وعملياتها المتصاعدة كيان العدو الإسرائيلي على التفاوض دون شروط؟

الصمود||تقرير||منصور البكالي

بعد مرور أكثر من 670 يوماً على العدوان والحصار على قطاع غزة، تزداد القبضة اليمنية قوة وتأثيراً، مُضاعفةً الأضرار الاقتصادية على كيان العدوّ الصهيوني.

 التداعيات الاقتصادية العميقة التي تسببت فيها العمليات اليمنية، تأتي أوكلها في فقدان الاحتلال للعصب الاقتصادي، وتجره تدريجياً إلى مسار الانهيار على المستويين الأمني والاقتصادي، إذا لم تجبره حجم الضغوطات الداخلية والدولية على التفاوض دون شروط مسبقة.

انكماش اقتصادي

يشهد اقتصاد كيان العدوّ الصهيوني انكماشاً حاداً في مؤشراته الكلية، مما يعكس عمق الأزمة، حيثُ انكمش الاستهلاك المحلي بنسبة تتجاوز 27%، مدفوعاً بتراجع ثقة المستهلك وارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل كبير، وفقاً لصحيفة تايمز.

أما التجارة الخارجية فقد تأثرت بشدة؛ حيثُ انخفضت الواردات بنسبة 42% والصادرات بنسبة 18%، مما يعكس اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن. هذه الأرقام، بحسب صحيفة “تايمز” الأمريكية تُظهر حجم الاضطراب في حركة التجارة الدولية.

كما راجعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) توقعات نمو اقتصاد كيان العدوّ الصهيوني للعام الجاري والقادم، مخفضة إياها إلى 3.3% بعد أن كانت تتوقع 4.5%.

يضاف إلى ذلك ارتفاعاً كبيراً في معدلات التضخم والإنفاق غير المسبوق، سواء أكان ذلك نتيجة للأعباء العسكرية أو ارتفاع تكاليف المعيشة.

 بنية تحتية متضررة

وبحسب المعلومات، فقد تأثر القطاع المؤسسي والبنية التحتية بشكل مباشر، ما أدى إلى موجة إفلاس وإغلاق شركات داخل الكيان الصهيوني؛ إذ أغلقت نحو 46 ألف شركة أبوابها بين أكتوبر 2023 م، ويوليو 2024م، توزعت بنسبة 27% في قطاعات البناء، و19% في قطاع الخدمات، و17% في الصناعة والزراعة.

وشهدت البنية التحتية ضربة قاصمة مع إعلان ميناء أم الرشراش (إيلات) إفلاسه بعد توقفه التام عن العمل؛ ما أوجد خللاً واسعاً في سلاسل الإمداد وتدهوراً في قطاع السياحة جنوب كيان العدوّ الصهيوني، وامتد الحصار اليمني مؤخراً ليشمل ميناء حيفا، ما ينذر بتفاقم الحصار البحري وأزمة الموانئ وزيادة غلاء الأسعار وهجرة رؤوس الأموال، واضطراب الجبهة الداخلية للاحتلال.

هجرة رؤوس الأموال

وبشأن قطاع التكنولوجيا، العمود الفقري لاقتصاد كيان العدوّ الصهيوني، فقد تأثر بشدة، حيثُ علقت شركات الشحن الصينية الكبرى مثلCOSCO وOOCL عملياتها إلى موانئ الأراضي المحتلة، ما أثر بشكل كبير على تدفق المكونات الأساسية لشركات كبرى مثل إنتل (Intel) و نيفيديا (Nvidia)، وأصاب مشاريع الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية بالشلل.

وتزامنت هذه الأزمة مع تسارع هجرة رؤوس الأموال والمستثمرين؛ اذ غادر قرابة 1700 مليونير منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” البطولية، وارتفعت طلبات الهجرة الاستثمارية بنسبة 232% في عام 2023 وحده.

 شركات عالمية كبرى مثل سامسونج نيكست (Samsung Next) أغلقت عملياتها في تل أبيب، وقام صندوق النرويج السيادي ببيع حصته في شركة كاتربيلر (Caterpillar) بقيمة 69 مليون دولار، بالإضافة إلى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل كبير، ما أدى إلى انخفاض صافي الاستثمار من 5 مليارات إلى 3.5 مليار دولار (بنسبة 30%) بين الربعين الثالث والرابع من 2024، وانخفض عدد صفقات الاستثمار بنسبة 42% بحسب مؤسسةIVC.

 انهيار السياحة

وفيما يخص قطاع السياحة في الأراضي المحتلة، فقد انخفض النشاط السياحي بأكثر من 70% جراء تعليق وتأجيل العديد من شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى مطار اللّد “بن غوريون”، وتُشير تقارير فيYnetnews وGlobes English إلى تعليق شركات مثلBritish Airways وeasyJet لرحلاتها، ما يُهدد الموسم السياحي.

كما ارتفعت تكاليف المواد الغذائية بشكل كبير؛ حيثُ رفعت شركات عالمية كبرى مثل “أسّام نستله” أسعارها، مبررة ذلك بارتفاع تكاليف الشحن التي تجاوزت 300% نتيجة تعطل سلاسل التوريد؛ الأمر الذي أدى إلى موجة غلاء غير مسبوقة في الكيان الذي يعتمد على الواردات، كما فقد أيضاً ثقته الائتمانية بشكل كبير، بعد أن أكدت مؤسسات تصنيف دولية نظرتها السلبية لاقتصاده.

سخط دولي عارم

وتتزايد الضغوط الدولية، لا سيَّما في الاتحاد الأوروبي، بريطانيا، والولايات المتحدة؛ بسبب جرائم الإبادة الجماعية في غزة التي يرتكبها العدوّ الإسرائيلي، ما سبب سخطاً عارماً في الأوساط الشعبية، أدى إلى انسحابات استثمارية من الصناديق السيادية والشركات، وامتد ليشمل سحب جامعات بريطانية وأمريكية لاستثماراتها، كما تراجعت التبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، الذي كان المستهلك الأول للمنتجات الصهيونية.

 هل تجبر العمليات اليمنية كيان العدوّ على التفاوض؟

تُشير كلّ المؤشرات الاقتصادية إلى استنزاف عميق وطويل الأمد لاقتصاد لكيان العدوّ الصهيوني، على الرغم من الدعم الأمريكي والبريطاني والأوروبي اللا محدود، حيثُ وإن حجم الخسائر يفوق قدرة هذه المساعدات على تحقيق الاستقرار الكامل.

 فالضربات اليمنية، بالتكامل مع العمليات المتصاعدة للمقاومة الفلسطينية، تُشكل تحدياً وجودياً لاقتصاد العدوّ، وتُسرّع مسار التفكك الداخلي وتراجع الثقة الدولية، وتفيد المؤشرات الحالية بأن الوضع الاقتصادي مرشح للاستمرار في التدهور طالما عجز الاحتلال عن كسر الطوق البحري والجوي.

 فهل ستجبر هذه الضغوط الاقتصادية المتصاعدة كيان العدوّ على رفع الراية البيضاء والانصياع لطاولة المفاوضات والاستماع لشروط فصائل المقاومة الفلسطينية دون انحياز؟ أم أن الأيام القادمة ستحمل مفاجآت من صنعاء كفيلة بتغيير المعادلات وترجيح كفة العمل العسكري لصالح الشعب الفلسطيني؟

نقلاً من موقع المسيرة نت

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com