كيف هُزمت الولايات المتحدة الأمريكية في اليمن؟
الصمود||تقرير||إسحاق المساوى
لم يغادرِ “العالَمُ الأولُ” ذهولَه من لحظة إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الوقفَ الفوريَّ لحملته العسكرية على اليمن في الثامن من مايو الجاري. ورغم الدفق المعلوماتي المهول بآلاف الأخبار والتحليلات والدراسات والأبحاث والاجتهادات والمزايدات والمغالطات لوقف حالة الذهول؛ ما يزال العالم يستفهم: كيف هُزمت أمريكا باليمن؟
لأول مرة في تاريخ الحروب الحديثة تنتصر دولة من “العالم الثالث” على أقوى دول “العالم الأول”. ولأول مرة لا يكون هذا الانتصار لصالح هيمنة قُطب عالمي آخر بل يؤسِّسُ -وَفْقَ حساباتِ العالم الأول- لتحوُّلٍ استراتيجيٍّ سيصبحُ معه اليمنُ “قُطبًا عالميًّا”.
بهذه الحسابات يشكِّلُ هذا الانتصارُ اليمني الخالصُ “تهديدًا” لا يريدُ ما يسمى بالعالم الأول أن يعيشه؛ لأَنَّه طالما نجح اليمنيون بهزيمةِ إحدى قواه العظمى؛ فهذا يعني قدرتَهم على هزيمة أية قوى أُخرى من هذا “العالم الأول”. ورغم الصراع المحموم داخله إلا أنه صراعٌ محكومٌ استراتيجيًّا لا يقبلُ بالإجماع بـ “العالم الثالث” شريكًا، فضلًا عن أن يكونَ منافسًا؛ فما بالُكم أن يكونَ تهديدًا وفقًا لتلك الحسابات. لقد جرت العادةُ بمنطقتنا العربية والإسلامية أن نخوضَ الحروبَ بالوكالة. وبالتالي لا يحقُّ لنا أن نخوضَ الحروبَ بالأصالة.
نعم، يؤسِّسُ هذا الانتصارُ لتحوُّلٍ استراتيجي يقول بالفم الملآن إن اليمن خرج من هيمنة “العالم الأول والثاني والثالث” لكن هذا التحول لا يُفهَمُ –ولا يجب أن يُفهَمَ ولم يقدَّمْ بهذا المفهوم- أن اليمن سيشكِّلُ تهديدًا لهذا “العالم الأول” بقدر ما أصبَحَ منيعًا جِـدًّا جِـدًّا أمامَ تهديداتِه. وبقدر ما بات مجالُه العربي والإسلامي مسنودًا ومحميًا برَسْمِ وتوقيعِ صنعاء.
الأولى أن يستفيدَ العالَمُ من تجربة اليمن أمام الخطر الصهيوني الوجودي على البشرية جمعاء. اليمن لم تصنع قنبلةً نوويةً -ولم تنتظرْها لتؤديَ واجبها- بل صنعت نموذجَ إلهامٍ تحرُّري عابِرٍ للقارات يقول بأن هزيمةَ أمريكا عملية ليست سهلةً بكل المقاييس، وتكرار هزيمتها لا يتطلب دولةً صعبةً بكل المقاييس.
يستطيع العالم أن يغادِرَ دهشتَه واستفهامَه “كيف هُزمت أمريكا؟” من خلال الاستناد على ثالوث النصر اليمني: “قيادة حكيمة، مشروع قرآني عظيم، شعب مؤمن ومجاهد“.