الصمود حتى النصر

“الأورومتوسطي”: وثّقنا استشهاد أكثر من 115 فلسطينيًا بغزة خلال أقل من 12 ساعة

الصمود| جنيف

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، إنّ “إسرائيل” تصعّد إبادتها الجماعية في قطاع غزة عبر واحدة من أوسع الهجمات وأكثرها فتكًا منذ بدء العدوان، من خلال ارتكاب المجازر واعتماد سياسة الأرض المحروقة والتدمير الشامل لما تبقّى من الأحياء والبنية التحتية،.

وأشار إلى أن ذلك يندرج ضمن نهج مستمر منذ أكثر من 19 شهرًا يتّسم بالقتل الجماعي، والتجويع، والتدمير المنهجي لمقومات الحياة.

وبيّن الأورومتوسطي، أن فريقه الميداني وثّق استشهاد أكثر من 115 فلسطينيًا بينهم أطفال ونساء في محافظة شمال غزة وحدها خلال أقل من 12 ساعة منذ فجر اليوم الجمعة، إثر قصف إسرائيلي طال ما لا يقل عن 10 منازل في تل الزعتر بجباليا وحي السلاطين في بيت لاهيا، وجرى تدميرها بالكامل فوق رؤوس قاطنيها، في مجازر جماعية تؤكد تصاعد نمط القتل الجماعي المنهجي ضد المدنيين في القطاع.

وأوضح المرصد، اليوم الجمعة، أنّ قوات العدو صعّدت في الأيام الأخيرة من عدوانها على مختلف أنحاء القطاع، عبر تدمير منهجي لما تبقى من المنازل والمرافق المدنية، وارتكاب مجازر جماعية بحق السكان.

وأشار إلى أن ذلك يأتي في إطار سياسة تهدف إلى القضاء على مقومات الحياة وإفناء السكان ومنع استمرار وجودهم، تمهيدًا لفرض واقع استعماري بالقوة يقوم على محو السكان الأصليين، وتهيئة الأرض لضمها الفعلي إلى “إسرائيل”، في خرق خطير لأحكام القانون الدولي، بما في ذلك حظر ضم الأراضي بالقوة.

كما أشار المرصد إلى أنّ أكثر من نصف الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض، بسبب عجز فرق الإنقاذ والدفاع المدني عن الوصول إليهم في ظل انعدام الإمكانيات، فيما تكدّست عشرات الجثامين إلى جانب المصابين في أروقة مستشفيي “الإندونيسي” و”العودة”، في مشهد يجسّد الانهيار الكامل للمنظومة الصحية.

ولفت المرصد الحقوقي، إلى توغل محدود للقوات الإسرائيلية من محورين شمال بيت لاهيا وشرق جباليا، تحت غطاء من القصف العنيف، وسط مخاوف من توسّع العمليات البرية، ما يهدد حياة مئات آلاف المدنيين الذين يعيشون أصلًا في خيام تحت القصف والتجويع والقتل اليومي.

وبيّن أن المدفعية الإسرائيلية استهدفت المدنيين الفلسطينيين أثناء محاولتهم الفرار والبحث عن مأوى بعد موجات القصف المتتالية، ما أسفر عن استشهاد 10 أشخاص في منطقة “الدوار الغربي” ببيت لاهيا، و8 آخرين في “عزبة عبد ربه” بجباليا.

وأشار إلى أن قوات العدو نفّذت خلال اليومين الماضيين عمليات تدمير منهجي لعدد كبير من المباني السكنية التي كانت قد تضررت جزئيًا في شمال غزة، فيما بدا استكمالًا لعملية إبادة المدن الواسعة التي تستهدف التجمعات السكنية بشكل كامل.

ولفت إلى أنّ جيش العدو فعّل سياسة التدمير الشامل للمباني شرقي خانيونس خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع استكماله تدمير أحياء بأكملها في رفح، بمشاركة شركات مدنية إسرائيلية، في مشهد يعكس تعمّدًا واضحًا لمحو المدينة من الخريطة.

وشدّد المرصد على أن ما يجري اليوم يُمثّل تنفيذًا فعليًا لتصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حين قال: “سنواصل تدمير بيوت غزة حتى لا يبقى للفلسطينيين مأوى، ولن يتبقّى لهم سوى الرحيل”، معتبرًا أن المشكلة الوحيدة تكمن في “إيجاد دول تستقبلهم”.

وأكد المرصد، أن هذا التصريح يُعد اعترافًا رسميًا إضافيًا من أعلى سلطة سياسية بنيّة اقتلاع مجتمع بأكمله، تُترجم فعليًا على الأرض عبر التدمير المنهجي لكل مقوّمات بقائه.

وشدد الأورومتوسطي، على أن المجازر الأخيرة، ولا سيما في خانيونس وشمال غزة، تمثّل تصعيدًا خطيرًا في استهداف المدنيين، إذ تستخدم “إسرائيل” قوة نارية هائلة دون تمييز أو تناسب، وفي غياب أي مبرر أو وجود لأعمال قتالية، ما يؤكد أن السكان المدنيين أنفسهم هم الهدف المباشر للهجمات، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي.

ونوّه المرصد، إلى أن سياسة التدمير الشامل التي تنفذها “إسرائيل” لا تندرج ضمن أهداف عسكرية مشروعة، بل تُشكّل جزءًا من نهج ممنهج للإبادة الجماعية، يقوم على تفكيك المجتمع الفلسطيني في غزة ماديًا وبشريًا، وحرمانه من مقومات البقاء، بهدف إفنائه ومنع أي إمكانية لاستمراره أو عودته.

ودعا المرصد الأورومتوسطي، المجتمع الدولي إلى التحرّك العاجل لوقف الإبادة الجماعية المستمرة، وفتح تحقيقات جديّة في الجرائم المرتكبة، والمباشرة بإجراءات فعالة والعمل على ضمان حماية المدنيين، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي شجعت “إسرائيل” على المضي قدمًا في ارتكاب انتهاكات جسيمة دون محاسبة.

كما دعا المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على “إسرائيل” بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها.

وطالب بتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح “إسرائيل” مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.

وجدد دعوته لفتح تحقيقات جنائية ضد الشركات الإسرائيلية والدولية المتورطة في تزويد جيش الاحتلال بالأسلحة والمعدات الثقيلة المستخدمة في تنفيذ جرائم الإبادة، بما في ذلك الجرافات، وأنظمة المراقبة، وبرمجيات التجسّس التي تتيح تعقّب المدنيين واستهدافهم.

وطالب المرصد الأورومتوسطي، بسحب الاستثمارات العامة والخاصة من هذه الشركات، وإدراجها على القوائم السوداء الوطنية والدولية.

وناشد الدول التي تملك قوانين للولاية القضائية العالمية، بإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المتورطين في جريمة الإبادة الجماعية، والمباشرة في إجراءات محاكمتهم، ولو غيابيًا، التزامًا بمسؤولياتها القانونية الدولية في المعاقبة على الجرائم والانتهاكات ومكافحة الإفلات من العقاب.

كما طالب المرصد بإنشاء آلية دولية مستقلة لحفظ الأدلة المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية في غزة، تتولى توثيق الأدلة الرقمية، وصور الأقمار الصناعية، وشهادات الضحايا والناجين، وحفظها لاستخدامها أمام الهيئات القضائية الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية.

ودعا المحكمة الجنائية الدولية لتسريع تحقيقاتها وإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم الدولية المرتكبة في قطاع غزة، والاعتراف والتعامل مع الجرائم التي ترتكبها “إسرائيل” باعتبارها جريمة إبادة جماعية دون مواربة.

وذكّر المرصد الحقوقي، الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي بالتزاماتهم القانونية بالتعاون الكامل مع المحكمة، وضمان تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق المسؤولين الإسرائيليين وتقديمهم للعدالة الدولية وضمان عدم استمرار افلاتهم من العقاب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com