الشهيد القائد.. وصرخة الحق التي حطمت جدار الصمت وهيبة الاستكبار العالمي
الصمود||مقالات||عبدالمؤمن محمد جحاف
في زمنٍ كُبّلت فيه الأمة بأغلال الوهم، واستسلمت فيه لسطوة الجلاد، وتهاوت رايات العز أمام رايات الدولار، خرج رجلٌ من جبال صعدة، لا يحمل سلاحًا نوويًا، ولا جيشًا جرارًا، بل خرج بكلمة، بوعي، ونور من الإيمان تشتعل في صدره…
خرج بـ”صرخة” أقلقت أمريكا، وأرعبت إسرائيل، وأيقظت أمة كانت قد أوشكت أن تنام للأبد!
ففي مطلع عام 2002، وقف الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) على مفترق تاريخي، ليعلن الموقف العملي من أعداء الله، وكان شعار هذا الموقف هو الصرخة في وجه المستكبرين :
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام”
صرخة لم تكن مجرد هتاف، بل كانت سلاح وموقف، و وعي إيماني، وناقوس يقظةٍ في زمن كانت فيه الأمة تنام على سرير التبعية والخوف، وتستكين لهيمنة الطاغوت العالمي.
لقد أدرك الشهيد القائد أن الأمة تعيش حالة انفصام بين إيمانها الظاهري بالله، وخضوعها العملي لأعداء الله.
صرخة كهذه، في ذلك الظرف، كانت قنبلة فكرية تهز عروش الطغيان، وتشق حجب التزوير، وتوقظ ما حاولوا طمسه من بصيرة الأمة. أوضح يومها أن هذه الصرخة ستواجه بحرب شعواء، لا لأنّها تشكل خطراً ، بل لأنها تكشف الحقيقة، ولأنها تعيد تعريف العدو وفق معيار قرآني لا سياسي.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
بهذا الشعار، رفع الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) صوت الحق في وجه الطغيان، وأعلن البراءة من أعداء الله وأعداء الإنسانية، ليكون أول من حطّم صنم الهيبة الأمريكية، وكسّر حاجز الصمت المذل، وأعاد تعريف معنى العزة في زمن الانبطاح والتبعية.
لقد أدرك الشهيد القائد ببصيرته القرآنية أن المعركة الأولى لم تكن على الأرض، بل في الوعي، وأن أخطر ما تعانيه الأمة هو غياب الموقف، وحالة الخنوع أمام المستكبرين، فقد وضح :
“إن أمريكا وإسرائيل يعملون بكل ما يستطيعون كي لا يكون هناك موقف سخطٍ عليهم، حتى وإن كان في قرية نائية… لأنهم يعلمون أن الرضى وحده هو ما يُمكّنهم من السيطرة.”
ولذلك، كانت الصرخة هي السلاح الأول، والموقف الأول، والخطوة العملية التي زلزلت قواعد الطاغوت. لم تكن مجرد كلمات، بل كانت إعلان بداية الثورة، بداية مشروع قرآني عظيم.
فدعا الشهيد القائد إلى المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، كخطوة بسيطة لكن ذات أثر عظيم، تنقل الناس من التبلد إلى الموقف، من العجز إلى الفعل.
ثم انطلق يبث النور في عقول الناس من خلال سلسلة من المحاضرات والدروس القرآنية، التي وُثّقت ونقلت لاحقًا في منشورات وكتيبات تم تسميتها “الملازم”، لتصبح هي الأساس المعرفي للمشروع القرآني كما وصفها السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي.
وما إن بدأت هذه البذرة تنمو، حتى استشعر الأعداء الخطر الحقيقي، لم يخشو صاروخًا، بل خافوا من وعي بدأ ينتشر، من أمة تتكوّن، من عقول تستفيق، فأمر النظام السابق باعتقال الشباب الذين يهتفون بالصرخة، وفصلهم من وظائفهم، ومطاردتهم في القرى، بل وأرسل السفير الأمريكي إلى صعدة، يجوب الأسواق والشوارع ليمسحوا الشعار من على الجدران، وفي أسواق السلاح يشتري ويجمع، ويخطط، تمهيدًا لحصار خانق وحرب شاملة.
لكن يأبى الله إلا أن يُتم نوره.
فرغم البطش، والملاحقة، والحملات العسكرية، لم تُطفأ الصرخة، بل تضاعف صداها، ومع كل شهيد سقط، كانت تولد صرخة جديدة، ومع كل معتقل، كان يولد وعي جديد، ومع كل محاولة طمس، كانت تتوهج الشعلة أكثر.
فأعلن منذ اللحظة الأولى أن المشروع القرآني لا يقبل التلبيس، ولا يهادن في الحق، ولا يعرف الحياد في زمن المعركة. إنه مشروع الحق في وجه الباطل، ومشروع المستضعفين في وجه المستكبرين.
وها نحن اليوم، بعد أكثر من عقدين على انطلاق الصرخة، نرى كيف أصبحت منهجًا عالميًا للأحرار، وشعارًا أمميًا للمستضعفين، وموقفًا صريحًا ضد الغطرسة الأمريكية والصهيونية.أصبحت جزءًا من نبض الشعب اليمني، ومن وجدان أحرار الأمة، بل تحولت إلى مدرسة تصنع الرجال وتُحطم الطغيان.
نعم، لقد سقطت أمريكا منذ أن هتف الحسين بالصرخة، ولم تقم لها قائمة في نفوس الأحرار منذ ذلك اليوم.
كل عدوانٍ بعدها، وكل تحالف، وكل مؤامرة، لم تكن إلا محاولة يائسة لاسترجاع الهيبة التي كسرها عَلَمٌ مؤمن من جبال صعدة، بكلمة من القرآن، وعزم من الله.
وبالتالي اليوم نحن في مرحلة الفرز…
وسيتغربل الناس غربلة كبرى، وسيسقط كل من ضعُف إيمانه، أو اهتزّ وعيه، أو تشكك في وعد الله.
أما الثابتون، فهم المؤمنون بالصرخة وبمبادئ المشروع ، أتباع الشهيد القائد،حَمَلة هذا المشروع الذي لا يعرف الانكسار.
لأنهم يحملون سلاحًا لا يُقهر: القرآن.
ويقاتلون تحت راية لا تُهزم: راية الله.
ويتحركون على أساس الولاية.
“وكان حقًا علينا نصر المؤمنين”