الصمود حتى النصر

رسائل 22 مايو 2016.. من مخطّط التقسيم إلى أكذوبة الأقاليم

من تحت هدير الطائرات وعلى وقع الإنتهاكات البرية وفي ظل حصار بحري خانق إحتفى الشعب اليمني الاثنين الماضي بالذكرى الـ26 لميلاد الدولة الواحدة والموحدة. الإحتفال هذا العام كان نوعياً إن من حيث الشكل أو من حيث المضمون؛ بل من حيث التوقيت.
الرسائل وصلت منذ ساعات الصباح الأولى حيث تهافت المحتشدون على ميدان السبعين الذي إكتظ بالجماهير المشاركة في إحتفال ذكرى الـ 26 لإعادة الوحدة اليمنية. المشهد المهيب أغاظ الطائرات السعودية في سماء صنعاء، ومن خلفها مراكز القيادة في الرياض، ما دفع بالطيارين السعوديين لخرق جدار الصوت عدّة مرّات بغية إخافة الجماهير التي صرخت في وجه الطائرات أثناء دوي الانفجارات العنيفة “بالروح بالدم نفديك يا يمن”.
في الشكل كان لافتاً الحضور النسائي الكبير، وحضور الأطفال الذين تزينوا بالزي اليمني التقليدي ورفعوا الأعلام اليمنية، معبّرين عن رفضهم لكل دعوات الإنفصال والأحداث التي شهدها الجنوب اليمني قبل أيام، فضلاً عن إدانتهم للعدوان السعودي، والتواجد الأمريكي تحت ذريعة القاعدة. في الشكل أيضاً، كشفت الغارات التي شنّتها الطائرات أثناء الاحتفال حقد هؤلاء على هذا الشعب في يوم وحدته، لاسيّما بعد فشله في ضرب النسيج الاجتماعي رغم مرور أكثر من سنة ونيّف على العدوان.
أما في المضمون فقد حملت جماهير ميدان السبعين رسائل في إتجاهات عدّة، يمكن تلخيصها بالآتي:
أولاً: تمسّك اليمنيين بخيار الوحدة التي سعت العديد من الدول، وفي مقدّمتها السعودية، لضربه سواءً عبر مشروع الأقاليم الست الذي شكّل إنتهاكا صارخاً لإتفاقية السلم والشراكة، أو عبر هذا العدوان الدموي الذي فشل رغم دخوله الشهر الثالث بعد السنة الأولى في تحقيق أهدافه.
ثانياً: أثبت اليمنيون من خلال حضورهم في السبعين رغم العدوان والأوضاع الإقتصادية والأمنية الصعبة أنهم يؤكدون على سلامة ووحدة واستقرار اليمن، وحاضرون لأن يقدّموا الغالي والنفيس من أجله. إن الحضور الجماهيري تحت القصف والحصار البري والبحري والجوي خير دليل يقدّمه هذا الشعب على قوّة إرادته وشدّة بأسه في الدفاع عن كرامته ورفض كافّة أشكال التبعيّة.
ثالثاً: أعلنت السعودية أن دخولها إلى اليمن يهدف لإستعادة الشرعية التي نعتقد أنها غير مستعدة لدفع ريال واحد من أجل عبدربه منصور هادي، فكيف هو الحال اليوم؟ من يتحمّل التداعيات التي تستهدف اللحمة الوطنية وتؤثر على النسيج الاجتماعي في المحافظات الجنوبية؟ هل يُراد لليمن أن يبقى حديقة خلفية لجيرانه، وبالتالي يدفع اليمن اليوم فاتورة ثورته؟
رابعاً: بعد فشل السعودية في تمرير مشروع الأقاليم الست، ولاحقاً أهداف العدوان، ستعاود الكرّة بأسلوب جديد ربما تكون القضية الجنوبية أحد أركانه، كما هو الحال اليوم في القاعدة التي تتلطّى تحت عباءة السعودية لتمرير مشاريع الأخيرة في الجنوب عموماً، وعند مضيق باب المندب على وجه الخصوص. ربّما نكون أمام مشروع جديد عبر تمويل وتسليح الجماعات الارهابية في اليمن لتكون ذريعة للتدخل الأجنبي، مشروع يصب في إطار التقسيم العام للمنطقة سواءً في العراق أو سوريا، يبدأ في الجنوب اليمني ليمتد إلى شماله، وبالتالي العودة إلى حقبة ما قبل العام 1990.
لا ريب في أن وحدة اليمن هي طوق النجاة لجميع اليمنيين من كل الاخطار المحدقة باليمن، وما حديث اليوم عن التقسيم إلا تكرار لمرحلة ما قبل الـ90 التي كانت حدثاً طارئاً وليد الصراع الإستعماري بين العثمانيين والبريطانيين. إن مشروع التقسيم لا يعيد اليمن 26 سنة إلا الوراء، بل إلى الحقبة العثمانية والبريطانية التي ناضل الشعب اليمني حينها مقدماً الغالي والنفيس لإستهدافها.
هنيئاً لهذا الشعب المؤمن والحكيم كما وصفه نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسم في عيده الوطني، ونسأل العلي القدير أن يردّ كيد أعدائهم ويمنحهم الأمن والسلامة والإستقرار، ليجعل كل أيامهم أعياد.. كل عام وأنتم بألف خير.

#الوقت

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com