الصمود حتى النصر

من سيرة ونهج الشهيد القائد..

جمال الظاهري

اقترنت مسيرته بالنضال من اجل تحرير العقل من قيود الفقه ألسلاطيني الذي انحرف بغايات الدين الإسلامي وبـ مبدأ التبصير والمناصحة للحكام بجوهر مهامهم, وما يقع على عاتقهم تجاه رعيتهم وما يجب أن يكون عليه رجل الدين – فقيه كان أو واعظ أو داعية الخ.
أدرك أن هناك خللاً كبيراً وأدرك أن هذا الخلل يتسع مع حالة التغييب للعقل الذي هو أساس حساب المرء في الدنيا وفي الآخرة, وأن هذا التغييب هو ما أوصل الأمة الإسلامية إلى حالة الهوان وغيبها من قائمة الأمم التي تعمر وتبني وتخدم الإنسانية.
أدرك أن المبادئ والقيم التي جاء بها الإسلام مغيبة, ولذا فقدت العدالة والمساواة, ومن هنا أدرك أهمية الكلمة الطيبة القوية التي لا تخشى في الله لومت لائم, فعمل على تفنيد الواقع القائم وعرض واقع الأمة الإسلامية على ما جاء في القرآن الكريم وما دعا إليه من قول وممارسة في خطاب توعوي راق يحترم عقول البشر ويكشف ضلال وزيغ من استعبدهم المال والسلطة وأغوتهم الدنيا فهادنوا وتملقوا على حساب دينهم أو خدمة لجماعتهم, فشوهوا الدين والسيرة النبوية وما كان عليه السلف من التزام وصلاح وتقوى.
من هذا المنطلق كانت قناعة الشهيد بأن حال أولئك قد أوصلهم إلى مرحلة تزيين القبيح ومسخ الوجه الحقيقي للمعتقد وأن خطر هذا الأمر قد استفحل وأصبح يتهدد وجود وحالة الأمة ونظرت بقية الأمم الدين الإسلامي بصورة سلبية وعلى أنه دين يدعوا إلى التوحش ويمجد القاتل والظالم وصولاً إلى انطباع صورة الإسلام في أذهانهم على انه عنوان للإرهاب وعدو للحياة وحركة الرقي والتقدم, فصار المسلم في نظر الآخرين رمز للتخلف والبدائية التي يجب محاربته وعمل كل ما يلزم على اعتبار أنه خطر أو وبأ يجب الحذر منه أو القضاء عليه.
كانت شواهد بدايات نهجه هذا مبكرة وقد تجلى ذلك في مواقفه وخطاباته التي عانى من تبعاتها الكثير سواء في مسقط رأسه أو بعد أن أنخرط في العمل السياسي وحين وصل إلى عضوية المجلس النيابي الذي وجد فيه نفسه حالة استثنائية ترفض التطبيل والبصم بعلم أو بدون علم على كل ما يعرض عليهم أو يطلب منهم تمريره, فكان بمفرده كتلة في مواجهة كتلة أخرى تمثل مجموع من في المجلس.
كانت تجربته هذه حسب ما توفر لي من معرفة عن سيرته الذاتية نقطة تحول جوهرية .. حيث بدأ في تكوين النواة الأولى من جيل النشء لأنه أدرك أن الحقيقة والحق مهما كان قوي بدون مريدين وبدون من يسنده ضعيف فبدأ بالحلقات وبالتعمق في أمور الدين وما يتعلق منه على وجه خاص بحياة الناس والشعوب والأمم ويقارنه بما هو حاصل, ومن ثم بدأ يدون ملاحظاته التي اعتمد فيها على ما جاء به القرآن الكريم لتكون فيما بعد دروس ومحاضرات يلقيها ويناقشها في المناسبات والحلقات واللقاءات وكل ما سنحت الفرصة بذلك لتتحول فيما بعد إلى ما عرف بـ (الملازم).
هذا الخط الذي انتهجه الشهيد السيد/ حسين بدر الدين الحوثي فتح عليه أبوابا كثيرة من المعاناة ووضعه في مواجهة غير متكافئة من حيث الإمكانيات والسبل والمساندين للفريق ألعلمائي الدعوي الذين باعوا علمهم وجهدهم للحكام والأحزاب السياسية الساعية للسلطة من بوابة الدين فكان لوحدة فريق أمام جيش ممن رأوا فيه منهجه خطراً يتهدد مستقبلهم السياسي وفكرهم الذي دأبوا على الترويج له لعقود وبالتالي خطر على مصالحهم الدنيوية فتكالبت الجماعات والحكام عليه وسعت إلى التخلص منه شخصياً وإلى القضاء ودفن كل ما حمله على عاتقه من مهمة التبصير والتنوير لأبناء الأمة الإسلامية.
بجانب الحمل الأكبر المتمثل بحمل هم تبصير الأمة الإسلامية كان هناك هم خاص باليمن, التي استشعر أنها صاحبة حق عليه وأنها النواة التي يمكن من خلالها مخاطبة بقية الشعوب المقهورة, ولأنها من أكثر الشعوب الإسلامية التي تعرضت لظلم وتغييب من قبل من يرعى الفكر الضلالي الذي يمسخ المعتقد, والأكثر ضرراً من أولئك الحكام الذين يحتضنون ويتبنون مشاريع العدو الأول للإسلام ولأمة محمد (الصهاين).. حيث أن استهداف اليمن من أولئك لم يتوقف على استهداف معتقد اليمنيين فقط .. بل وصل حد استهداف أرضهم وثرواتهم, وهذا الأمر كان حافزاً إضافياً إلى جانب داعي التنوير فبدأ بدعوة الشباب ومحاضرتهم وتبصيرهم ومن ثم تقوية الروح الجهادية لديهم ليكونوا النواة لتكوين جيش وقوة يمكنها أن تحافظ وترعى مصالح الشعب اليمني وتمنع تمادي أولئك الطامعون بأرضه والساعين إلى إخضاعه لهم.
[email protected]

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com