الصمود حتى النصر

الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، النصر للإسلام”… أنصار الله ” تقرير”‏

الصمود | تقارير | 28 / 4 / 2016 م

مع قدوم الذكرى السنوية لاستشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي يُعيد موقعنا نشر هذا التقرير نقلا موقع قناة ‏المنار أعده ونشره في العام الماضي 2015م

‏”الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”… في 17 يناير 2002، سُمع فيها هذا الشعار بقاعة ‏إحدى مدارس مديرية مران بصعدة
‏”نحن نريد أن نحارب أمريكا واسرائيل، نحن نريد أن نواجه أعداء الله، نحن نراهم يتحركون داخل البلاد الإسلامية ووصلوا إلى ‏بلادنا وإلى سواحل بلادنا، نريد أن يكون لنا موقف ضدهم”‏
السيد حسين بدرالدرين الحوثي
‏”الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”… في 17 يناير 2002، سُمع هذا الشعار بقاعة ‏إحدى مدارس مديرية مران في صعده للمرة الأولى. شكّل الشعار سبباً كافياً لشن حرب قاسية ضد مطلقيه. وهي حرب أتت بطلب ‏أميركي مباشر من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومباركة سعودية تمثلت بالدور العسكري الذي اضطلع فيه حزب الاصلاح ‏‏(السلفيون والاخوان المسلمون) .‏
ست حروب خيضت ضد الحوثي وانصاره، استشهد في الحرب الأولى السيد حسين الحوثي مؤسس ما عُرف بـ”الحوثيين”، نسبة إلى ‏اسمه. وخرجت الجماعة، التي أطلقت على نفسها اسم أنصار الله في وقت لاحق، من كل حرب أقوى حتى كرّست نفسها كأهم لاعب ‏سياسي في اليمن.‏
من هم أنصار الله؟
‏”تولدت جماعة أنصار الله جنيناً من المحاضرات التي كان يلقيها السيد حسين بدر الدين الحوثي على مريديه في مدرسة الامام الهادي ‏منطقة مران التابعة لمحافظة صعدة”، وهي محاضرات مثّلت “خلاصة مشروعه الإصلاحي الذي انتهى إليها بعد حياة غنية ‏بالتجارب الفكرية والسياسية والمراجعة النقدية المكثفة لها”، وفق ما يقول الباحث اليمني ورئيس مركز الدراسات الإستراتيجية ‏والإستشارية اليمني عبد الملك العجري.‏
لذا يمكن القول إن جماعة أنصار الله تمثل العصارة الفكرية للحوثي، الذي تعرض لحملات تشويه لم تنتهي باستشهاده عام 2004، بل ‏حتى طالت ما دُوّن عن سيرته أيضاً ، والذي كان عماده روايات قدمتها السلطة اليمنية السابقة والمتحالفين معها ضد ما كان يُطلق ‏عليهم اسم “الحوثيين”. وحتى لحظة استشهاد الحوثي، لم تكن الجماعة منظمة ضمن ما يُعرف اليوم بـ”أنصار الله” يقول الشهيد ‏الحوثي نفسه: “ليس لدينا حزب.. ليس لدينا تنظيم سياسي، نحن عبارة عن مجاميع من المسلمين”.‏
ويضيف حسين الحوثي”إن الحرب التي يشنّونها علينا هي بسبب مناهضتنا لأمريكا وإسرائيل، ومقاطعة البضائع وتذكير الناس ‏بالقرآن الكريم… هم ينفذون توجيهات أمريكا”. ‏
من هو السيد حسين الحوثي؟
عام 1959 ولد السيد حسين الحوثي بمدينة الرويس في محافظة صعده، ونشأ في بيئة علمية لكونه نجل السيد بدرالدين أميرالدين ‏الحوثي، أحد أبرز مراجع الدين الزيديين في اليمن، وهو ما يفسر اهتمامات العائلة العلمية التي لم تفصلها عن الاهتمامات السياسية.‏
‏”جده العلّامة أميرالدين كانت مواقفه حازمة ضد الطغاة”، فكان يرى بعدم جواز حضور ما سمّاها “جمعة الظَلَمة، قاصداً بذلك صلاة ‏الجمعة التي دَرَج في حينها أن يتم الدعاء للحكام الذين كان يراهم من الظالمين، معتبراً ان الدعاء لهم وإن كان مجاراة لإمام الجمعة إلا ‏أنه يساهم في تبييض صورة الظالمين، وفق ما ينقل د. عبدالرحيم الحمران، المتزوج من أخت السيد حسين الحوثي، في حديث مع ‏موقع المنار. أمّا والد الحوثي فكان لشدة اهتمامه بالامور بالسياسة “يصطحب يستمع للاخبار عبر الراديو اثناء الوضوء”، وعمّه ‏عبد الكريم الحوثي قضى شهيداً في المسجد عقب أحداث العام 1962.‏

إلى إيران..‏
عام 1986، زار السيد حسين الحوثي، برفقة صهره، الجمهورية الاسلامية، يستذكر د. عبدالرحيم الحمران أجواء الزيارة يومها: ‏‏”السيد ذهب إلى الجمهورية الاسلامية وهو ثوري من الطراز الأول. أجهد نفسه حتى استطاع دخول أراضي الجمهورية، التي كانت ‏تعاني من حالة حرب، والاجراءات الامنية كانت مشددة، ولم يكن رجلاً معروفاً آنذاك، مكث أكثر من شهر في سوريا حتى استطاع ‏أن يجد القناة التي دخل عبرها إلى إيران” حيث بقي فيها 18 يوماً،والتقى فيها شخصيات علمائية عراقية وايرانية.‏

عام 1990، انضم حسين الحوثي ووالده إلى عدد من القيادات الزيدية لتأسيس حزب الحق، ولاحقاً انسحبا من الحزب بعد مساعي ‏السلطة اليمنية والسعودية لخلق صراع داخل قيادات الحزب، ففضلا أن يخرجا مع مجموعة من أهم قادة الحزب، وخرج معهم 3 ‏آلاف شخص دفعة واحدة، بعدما فشلت محاولاته لإصلاح الحزب من الداخل.‏
وبعد ذلك انضم السيد حسين الحوثي مع مجموعة بينهم د. عبد الرحيم الحمران إلى تنظيم “الشباب المؤمن” الذي كان قد شكله أخوه ‏محمد الحوثي وشبان آخرون.. “طلبوا منا انا والسيد حسين وآخرين مساعدتهم والدخول ضمن الهيئة التنظيمية. وكان الهدف الاهتمام ‏بالنشئ وإبعادهم عن الأفكار الهدامة”، المتمثلة بالهجمة الوهابية على الزيديين في اليمن.‏
أكمل السيد حسين الحوثي البكالريوس في جامعة صنعاء، وبين عامي 1993 و 1997، انتخب نائبا في مجلس النواب اليمني.‏
وخلال زيارة حسين الحوثي للعتبات المقدسة في العراق، حصل اجتياح الكويت من قبل القوات العراقية ما اضطر الحوثي لإطالة ‏فترة إقامته على الأراضي العراقية.‏
قبل حرب 1994 بين الجيش اليمني والحزب الاشتراكي، كان علي عبدالله صالح قد جمع علماء اليمن طالباً منهم إصدار موقف ضد ‏الحزب الاشتراكي يشرعن أي ضربة عسكرية ضدهم. وهنا يذكر القيادي في حزب الاصلاح عبد الله الاحمر في مذكراته أن صالح ‏أحال إليهم مسؤولية التحريض على الاشتراكي وتكفيره كونهم ماركسيين وملحدين، حسبما يذكر الاعلامي اليمني حميد رزق لموقع ‏المنار.‏
تواصل صالح مع علماء اليمن ومن بينهم السيد بدرالدين الحوثي الذي رفض ذلك واعتبر ان الحرب على الاشتراكيين ظالمة، وظل ‏في تواصله اليومي يؤكد على هذا الموقف. وظل حسين الحوثي يُسيّر التظاهرات ويعبر من داخل البرلمان عن رفضه لهذه الحرب ‏‏”الظالمة” برأيه، كونها أتت نتيجة مكث علي عبدالله صالح بوعده، فبدأت توجه إليه تهم التحالف مع “الاشتراكي الملحد”، بحسب ‏رزق.‏
السيد حسين الحوثي مؤدياً اليمين الدستورية كممثل لحزب الحق في مجلس النواب اليمني العام 1993‏
انتهت الحرب، وحاولت السلطة اليمنية اغتيال العلامة الحوثي، فأطلقوا قذيفة “أر بي جي” باتجاه غرفة نومه. ويقول حميد رزق: ‏أدرك العلامة بدرالدين الحوثي أن حياته بخطر وأقنعه المقربون بضرورة خروجه من اليمن. ترك العلامة الحوثي اليمن متجهاً إلى ‏السعودية ولم يسمح له الملك فهد بن عبد العزيز المكوث فيها أكثر من 10 أيام.. فغادر باتجاه الأردن، إلى سورية وصولاً إلى إيران ‏التي استقر فيها حوالي سنة.‏
وفي أواخر عام 1995، زار السيد حسين إيران مرة أخرى، لإعادة والده إلى صعده… وعلى خلاف ما يُروج، لم يزر حسين الحوثي ‏لبنان قط، ومن ثم التقى سيف الاسلام البنا، نجل الشيخ حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين في مصر، الذي كان قد التقى به ‏لدى زيارته مصر عام 1987، يومها اصطحبه البنا إلى إدارة جامعة الأزهر، كما حاول الحوثي زيارة الشيخ عمر عبد الرحمن (الذي ‏كتب عن الجهاد تحت عنوان “الفريضة الغائبة”).‏
أراد أن يؤهل نفسه أكاديمياً، فغادر إلى السودان، مع الحمران، ليكمل مرحلة الماجستير، وهناك استفاد ممن التقاهم من مشايخ وطلاب ‏من مختلف العالم الاسلامي، وفق ما ينقل الحمران الذي رافقه في كل سفراته تقريباً.‏
الموت لأمريكا…‏
قبيل أحداث 11 سبتمبر عام 2001، عاد حسين الحوثي إلى مران بسبب مرض زوجة والده (والدة السيد عبدالملك الحوثي). موقف ‏الرئيسي الأميركي جورج بوش الابن الذي خاطب العالم إما معنا أو ضدنا، رد عليه السيد الحوثي يومها بقوله: “ينبغي أن نكون في ‏معسكر الاسلام لا في معسكر الكفر”. في هذا الوقت، اهتم الحوثي بالعمل الاجتماعي وخدمة الناس، خصوصاً ان المنطقة كانت تعاني ‏من تهميش كبير.‏
وبدأ يلقي محاضراته في قاعات مدرسة الإمام الهادي*، والتي ركز من خلالها على أن داء الأمة الاسلامية يكمن عن ابعادها عن أهم ‏عوامل وحدتها، وهو الابتعاد عن القرآن الكريم، فدعا الأمة إلى العودة إلى القرآن الكريم… ومن هنا أتت تسمية “المسيرة القرآنية”. ‏رأي السيد حسين الحوثي في العودة إلى القرآن الكريم مشروع وحدوي، مشيراً إلى أنه طالما لا خلاف بين المسلمين على النص ‏القرآني، فليعود المسلمون إلى النص وليهملوا الموروثات من التفاسير التي أدت إلى اختلافهم، وفق ما يفسر حميد رزق.‏

بعد الحملات الأميركية التي قادتها ضد ما وصفته بـ”الإرهاب الاسلامي”، ودخولها أفغانستان وتهديدها العراق، رفع الحوثي وأتباعه ‏شعار: “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.‏
أرسل الرئيس اليمني يومها إلى الحوثي أن “اترك الشعار هذا والا فسأسلط عليك من لا يرحمك”، فهم السيد حسين أن الرئيس يهدده ‏بالجنرال علي محسن الأحمر، الرجل المتأثر بالفكر الوهابي والمحسوب على السعودية والذي كان يعتبر اليد الدموية لعلي عبدالله ‏صالح… رد الحوثي يومها بأن “ليس لي سلطة على الناس حتى أمنعهم. ولكن بإمكانكم إصدار قرار رسمي بتجريم الشعار”، يقول ‏عبد الرحيم الحمران.‏
رفض الحوثي التراجع عن الشعار، فكان قرار الحرب بإيعاز مباشر من الولايات المتحدة الأميركية والسعودية أرسل الرئيس صالح ‏رُسلاً من قبله إلى الحوثي طلب منه الحضور إلى لقائه في صنعاء، فرد الأخير “برسالة لازالت موجودة: سنأتي إن شاء الله في الوقت ‏المناسب للتفاهم”، ولأن قرار الحرب كان متخذاً بشكل مسبق إدعى صالح أن الحوثي لم يوافق على لقائه، فأعلن حرب العام 2004.‏
أراد علي عبد الله صالح إرضاء الولايات المتحدة بالقضاء على الحوثين واسترضاء المملكة الشقيقة تكفيراً عن خطيئة دعمه لصدام ‏حسين. من جهتها، أرادت الولايات المتحدة الأميركية أن تكرس أنها و”إسرائيل” خط أحمر غير مسموح المس به ولو بشعار! مدركة ‏في الوقت نفسه خطورة ما يشكله الحوثي. بالمقابل، كان للسعودية ثأر قديم مع والده ، اذ لم تنسَ للعلامة السيد بدر الدين الحوثي ‏رفضه لطلب الملك فهد الوقوف ضد الرئيس صالح إبان دعم الأخير لصدام حسين في اجتياحه للكويت… باءت مساعي الوفد ‏السعودي بالفشل حينها .‏
‏2004: الحرب الأولى
في الحرب الأولى ضد “الحوثيين” ، أدار قائد المنطقة الشمالية آنذاك علي محسن الأحمر المعركة التي خاضها “بأعداد كبيرة من ‏الجيش”، وتسرّب أن “12 ضابطا أميركيا كان لديهم غرفة عمليات خاصة بعدما طالت مدة العمليات” وفق ما ينقل عبدالرحيم ‏الحمران. ويتابع: “حاصروا المنطقة لدرجة أن علبة الحليب لم تدخل مدة 82 يوما… ولو استطاعوا أنّ يقطعوا الهواء عن المنطقة ‏لفعلوا، ولم يسمحوا للإعلام بالاقتراب، أقرب إعلامي كان مراسل قناة العربية، الذي كان ينقل الأحداث من منطقة تبعد 50 كلم عن ‏مران”.‏
ارتكبت السلطات اليمنية مجازر كبرى في الحرب الأولى، في اتصال مع قناة “بي بي سي” البريطانية يومها قال السيد حسين ‏الحوثي: “ما ضربوه علينا في يوم واحد.. أكثر مما ضربه الأمريكيون علي حي من أحياء بغداد أو الفلوجة”، ولكن رغم قلة ‏الامكانيات، “استبسل المقاتلون “الحوثيون”، وفق ما ينقل صهر الحوثي .‏
الغدر أيضاً كان وسيلة استخدمها ضباط الجيش اليمني لاغتيال السيد حسين الحوثي، في إحدى الليالي سرب الجيش اليمني إلى “جرف ‏سلمان” (المكان الذي لجأ إليه السيد الحوثي، وهو يقع ضمن جبال صعده الوعرة) البترول وعملوا على تفجير المكان فاستشهد كُثر ‏وجُرح كل المتواجدين يومها عدا الأطفال، يومها أُصيب الحوثي برأسه وبرجله وتأثر بصره بعد إصابة عينيه.. حتى السلاح نفد ‏من يد المقاتلين، آخر ما امتلكه المقاتلون كانت قنبلة، بحوزة ابن عم السيد الحوثي، ويُدعى عبد الحكيم، رماها واستشهد.‏
بعدها خرج السيد حسين الحوثي مخاطباً قيادات الجيش اليمني ، فطلبوا منه الخروج وأعطوه الأمان بأن لا يُمس بسوء، خرج السيد ‏حسين الحوثي معتمداً على ولده وشخص آخر لمقابلة بعض القيادات العسكرية ، حينها استغل الجيش اليمني هذا الوضع ودخل الى ‏منطقة الجرف وأخذ الجرحى من مقاتلي الحوثي كاسرى اضافة الى عائلته فيما تم اعدام السيد الحوثي خلال لقائه بالقيادات ‏العسكرية.‏
يقول صهر السيد الحوثي أنه نُقل اليهم ان أحد ضباط الجيش اليمني واسمه ثابت جواس وبعد ان أنهى مكالمة هاتفية مع جهة مجهولة ‏وجه سلاحه إلى وجه السيد حسين الحوثي مطلقاً عليه الرصاصة الأخيرة.‏

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com