الصمود حتى النصر

لماذا تواجه العقوبات الاقتصادية الامريكية فرص نجاح أقل كثيرا من المتوقع؟ وما هو دور الصين في هذا الميدان؟ وما هما العقبتان العربيتان اللتان تقفا في طريقها وتفشل خطط بايدن حتى الآن؟

لماذا تواجه العقوبات الاقتصادية الامريكية فرص نجاح أقل كثيرا من المتوقع؟ وما هو دور الصين في هذا الميدان؟ وما هما العقبتان العربيتان اللتان تقفا في طريقها وتفشل خطط بايدن حتى الآن؟

مقالات|| الصمود|| عبدالباري عطوان

سمعنا في الأسبوعين الماضيين الكثير من الجعجعة حول “قسوة” العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة على روسيا في حال دخول قواتها الى الأراضي الأوكرانية، ولكننا لم نر طحنا حقيقيا حتى كتابة هذه السطور، فالغاز الروسي ما زال يتدفق الى أوروبا بمعدلاته العادية (40 مليار متر مكعب سنويا) وكذلك النفط الذي يمثل 20 بالمئة من احتياطات الدول الأوروبية، وهذه الدول تسدد قيمة هذا النفط والغاز الروسي عن طريق نظام “سويفت” المالي الذي من المفروض ان تُطرد منه روسيا.

 

فرص نجاح العقوبات الاقتصادية الامريكية على روسيا ما زالت محدودة، اللهم الا اذا قررت الدول الأوروبية الاقدام من جانبها على وقف وارداتها من الغاز والنفط الروسيين، الامر الذي قد يلحق بها ضررا اكبر من الضرر الذي يمكن ان تلحقه هذه الخطوة بروسيا التي استعدت جيدا لهذا الاحتمال.

 

أمريكا لا تستطيع فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي في ظل الازمة العالمية الحالية، وارتفاع أسعار النفط والغاز بالتالي لمعدلات قياسية غير مسبوقة منذ عام 2008، وذلك لسببين رئيسيين:

 

  • الأول: أوروبا استوردت في عام 2020 177.3 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، أي ما يعادل 40 بالمئة من احتياجاتها (اجمالي صادرات روسيا من الغاز حوالي 199.9 مليار متر مكعب)، ولهذا من الصعب تعويض هذه الكمية من دول أخرى على رأسها قطر التي يبلغ انتاجها السنوي من الغاز 143.7، أي اقل من حاجة أوروبا، والاهم من ذلك ان قطر مرتبطة بعقود تصدير غاز طويلة الأمد مع الصين ودول آسيوية أخرى وليس لديها أي فائض ولهذا لن تستطيع تلبية الا جزءا محدودا من الاستهلاك الأوروبي، اللهم الا اذا قررت دولة قطر الغاء عقودها مع الصين، والزبائن الآسيويين الآخرين فجأة ودون انذار، الامر الذي سيعرضها لعقوبات قانونية وعقوبات مالية ضخمة، وفوق هذا وذاك الدخول في مواجهة مع قوتين عظميين هما الصين وروسيا.

 

  • الثاني: رفض السعودية والامارات والكويت الرضوخ للضغوط الامريكية بزيادة انتاجها النفطي لتخفيض الأسعار بما يساعد الاقتصاديات الأوروبية المتراجعة بفعل الازمة الأوكرانية، فالسعودية رفضت ان تفك شراكتها مع روسيا وتخرج من “أوبك بلس” واستمرت البلدان في تطبيقها للاتفاق والمضي قدما بجدول زيادة الإنتاج، الامر الذي رفع أسعار برميل النفط الى 120 دولارا، ومن المتوقع ان يصل الى 150 دولارا، حسب بعض التوقعات للأسبوع المقبل.

 

نعتقد ان الخطط الامريكية بضرب قطاع الطاقة الروسي على غرار ما حدث لنظيره الإيراني محفوفة بالمخاطر، وفرص ليست كبيرة في النجاح، لان الصين الدولة الحليفة لروسيا تستورد 325 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، واكثر من 10.9 برميل من النفط يوميا، مما يجعلها اكبر مستورد للطاقة في العالم، ولهذا ستجد فيها روسيا الملآذ الآمن والضروري لمعظم، ان لم يكن جميع، صادراتها من النفط والغاز.

 

سيف العقوبات الاقتصادية الامريكية اصبح “مثلما” واكذوبة، ومحدود الأثر، لان جميع الدول التي فرضت عليها هذه العقوبات لم تركع او تستسلم ابتداء من ايران، وانتهاء بفنزويلا، واذا كانت نجحت هذه العقوبات في تقويض الاقتصاد السوفييتي، فذلك تم بعد 90 عاما، فهل تنتظر أوروبا وامريكا كل هذه السنوات حتى ينهار الاقتصاد الروسي وامبراطورية الرئيس بوتين؟

 

أمريكا بتصعيدها للازمة الأوكرانية اطلقت النار ليس على قدمها فقط، وانما على اقدام حلفائها الأوروبيين أيضا.. والله اعلم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com