الصمود حتى النصر

عطوان: لماذا جاء قرار الاتّحاد الإفريقي بـ”تجميد” عُضويّة إسرائيل خطوة “تصحيحيّة” وصفعة قويّة للحُكومات العربيّة المُطبّعة؟ هل سيكون الطّرد الخطوة التالية؟

عطوان: لماذا جاء قرار الاتّحاد الإفريقي بـ”تجميد” عُضويّة إسرائيل خطوة “تصحيحيّة” وصفعة قويّة للحُكومات العربيّة المُطبّعة؟ هل سيكون الطّرد الخطوة التالية؟

مقالات|| الصمود|| عبدالباري عطوان

رحّبت الجامعة العربيّة في بيانٍ لها اليوم الأحد، وعلى لسان أمينها العام السيّد أحمد أبو الغيط بقرارٍ صدر عن قمّة الاتّحاد الإفريقي في أديس أبابا بتجميد عضويّة “إسرائيل” لدى الاتّحاد باعتباره خطوة “تصحيحيّة”، وانسجامًا مع المواقف التاريخيّة للاتحاد الإفريقي الدّاعمة للقضيّة الفِلسطينيّة والمُناهضة للاستِعمار والفصل العُنصري.

 

هذا القرار جاء ثمرةً للجُهود الدبلوماسيّة التي بذلها الثنائي الجزائري والجنوب إفريقي لإغلاق الأبواب في وجه التسلّل الإسرائيلي إلى القارّة الإفريقيّة، عبر البوّابة الإثيوبيّة، ورُضوخًا لضُغوطٍ أمريكيّة، وبمُساعدة بعض الحُكومات العربيّة للأسف الشّديد.

 

لا نفهم هذا التّهافت المُخجل من قبل حُكومات عربيّة مُطبّعة، في المشرق والمغرب على حدٍّ سواء، لتَسويق كيان عُنصري مُدانٌ دوليًّا بارتكاب جرائم حرب، ليس إلى شُعوبها الرافضة، وإنّما أيضًا إلى دول وحُكومات في القارّة الإفريقيّة التي كانت دائمًا الدّاعم الأكبر والأشرس للقضايا العربيّة.

 

نتّفق كليًّا مع ما قاله الدكتور محمد إشتية رئيس الوزراء الفِلسطيني الذي مثّل فِلسطين في هذه القمّة “إن منح إسرائيل صفة المُراقب، مُكافأةٌ غير مُستَحقّة على الانتِهاكات التي ترتكبها في حقّ الشعب الفِلسطيني”، فدولة الاحتِلال في رأينا يجب أن تُعاقب بالعزل والمُقاطعة والمُقاومة، أُسوَةً بالنظام العُنصري السّابق في جنوب إفريقيا.

 

جميلٌ أن يأتي هذا الموقف القويّ والعادل من قبل الاتحاد الإفريقي، وبعد أيّامٍ معدودة، من صُدور قرار منظمة العدل الدوليّة المُدعّم بالوثائق، الذي يُصنّف دولة الاحتِلال بأنها دولة تُمارس سياسات التمييز العُنصري (الأبارتهايد) ضدّ الشعب الفِلسطيني في جميع الأراضي العربيّة المُحتلّة، بما في ذلك التطهير العِرقي، ومُصادرة الأراضي، وتدمير البيوت، والإعدامات الميدانيّة.

 

فصُدور هذا التقرير ومن منظمةٍ دوليّة تمتلك مصداقيّة عالية في الدّفاع عن حُقوق الإنسان، جاء تصحيحًا لقرار الأمم المتحدة الذي اعتبر الحركة الصهيونيّة التي أسّست “دولة إسرائيل” حركةً عُنصريّة، فمِنَ المُؤسف أن هذا القرار جرى إلغاؤه عام 1975 بعد ضُغوطٍ أمريكيّة وإسرائيليّة على منظّمة التحرير الفِلسطينيّة، والدول العربيّة والإفريقيّة العالم ثالثية الداعمة لها، مُقابل رفعها عن قائمة الإرهاب، والقُبول بالاعتراف بها وبالجُلوس معها، في أحد أكبر عمليّات الابتِزاز والخِداع في التاريخ الحديث.

 

شُكرًا للجزائر.. شُكرًا لجنوب إفريقيا.. شُكرًا لنيجيريا وكُل الدول الإفريقيّة التي أيّدت تجميد هذا القرار المُعيب بإعطاء صفة المُراقب لدولة عنصريّة إرهابيّة تحتل الأرضي العربيّة ومُقدّساتها وتضطهد كُل أبناء الدّيانات والعِرقيّات الأُخرى غير اليهوديّة على الأرضي الفلسطينيّة المحتلّة، ومن المُؤكّد أن الخطوة التّالية هي الطّرد، أو هكذا نأمل.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com