الصمود حتى النصر

المرأة اليمنية رمز العزة والإباء أم الصبر والعطاء

الصمود | بدموع حزن اختلطت بالزغاريد ودّعت أم إبراهيم القدح شهيدها الثاني الذي ارتقت روحه الطاهرة إلى بارئها في جبهة مأرب بعد عام من استشهاد شقيقه عبدالرحمن في جبهة الساحل الغربي دفاعاً عن العرض والأرض.

وقدمت أم الشهيد أنموذجاً رائعاً في الصبر والثبات وهي تودع فلذة كبدها مستذكرة المآثر البطولية لشهيديها اللذين قدما أعظم صور التضحية والعطاء وبذل النفس في سبيل الدفاع عن الوطن و ترابه الغالي.

 واعتبرت مراسم تشييع جثمان ولدها إبراهيم مراسم زفافه التي كانت ستقام بعد أربعة أيام، وبقلب مؤمن تحمد الله تعالى الذي اختار ابنها ليكرمه بالشهادة ويزف إلى جنة الخلد .

وفي الذكرى السنوية للشهيد يعبر اليمنيون عن مدى تعظيمهم واستذكارهم لتضحيات الشهداء الذين سطروا الملاحم البطولية في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي منذ ما يقارب سبع سنوات وتجديداً للعهد بالمضي على دربهم في معركة الدفاع عن الوطن وسيادته.

وتعتبر سنوية الشهيد محطة للتعريف بدور المرأة اليمنية وعطائها وصبرها ونهجها الإيماني ووقوفها إلى جانب أخيها الرجل في وجه العدوان وإفشال مخططاته الرامية للنيل من اليمن أرضاً وإنساناً..

وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) وثقّت جانباً من مواقف المرأة اليمنية التي رسمت أروع صور الثبات والتماسك حين استقبلت جثامين الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم وبذلوا أرواحهم رخيصة في جبهات العزة الكرامة، للدفاع  عن الوطن وحماية أراضيه ومقدراته متحملة آلام الحزن والفراق بكل إيمان واحتساب .

الشهيد..  حبيب الله

هكذا وصفت أم أمجد محمد يحيي شهيدها الذي وهب نفسه فداء للوطن في جبهة مأرب .. مؤمنة بأن من يحبه الله يخصه بالشهادة ويختاره إلى جواره ليحيا في أعلى مراتب الجنة .

 من جانبها أشارت والدة الشهيد عبد الوهاب الظفري والذي استقبلت جثمانه بعد سبع سنوات  من استشهاده في جبهة نجران، إلى عظمة الشهادة ومكانة الشهداء عند الله وقالت “إن الشهداء أحياء عند الله يرزقون في أعلى درجات الجنان، كونهم قتلوا في سبيل الله، ودفاعاً عن الأرض والعرض”.

أم الشهيد سيف المؤيد اعتبرت استشهاد ولدها استثماراً رابحاً وبيعاً من الله يعود عليه بالفوز والأجر الكبير في الآخرة.

وبملامح فرح ممزوجة بحزن تقول “أعلم أنه في مكان أفضل منا وعند أولياء الله والصالحين وأشعر بالفخر بأن ابني الشهيد كان جندياً باسلاً في سبيل الله والوطن”.

ودعت أم الشهيد المؤيد، الأمهات للدفع بأبنائهن إلى الجبهات، وأن لا يمنعنهم من التجارة مع الله كونها من أعظم التجارات، وخصت بالتحية والإجلال كل أم وزوجة وأخت وابنة شهيد تقديراً لما قدمه ذويهن الشهداء من تضحيات وانتصارات.

فيما جسدت أخت الشهيد طه المتوكل، أعظم مواقف الصمود والثبات حين استقبلت جثمان شقيقها الذي استشهد في جبهة الساحل الغربي وبقلب مؤمن ونفس راضية ودّعت شقيقها الذي أحبه الله، لتضرب أروع صور الصبر والبذل والتضحية في سبيل إعلاء كلمة الله .

وسام عظيم .. وخير ختام

في ظل الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة، التي يشنها الأعداء على الأمة ولا تنسجم مع قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف وثقافة القرآن الكريم، سارعت المرأة اليمنية إلى مواجهة تلك الثقافات بتعزيز القيم والمبادئ الدينية في نفوس الأجيال وتعزيز ثقافة الجهاد والاستشهاد دفاعاً عن الهوية الإيمانية وحرية واستقلال الوطن.

أكدت زوجة الشهيد أحمد أبوطالب أن المرأة اليمنية صخرة صماء في وجه العدوان بصبرها وثباتها ودفعها وتشجيعها لزوجها للتوجه إلى الجبهة لمواجهة قوى الاستكبار والذود عن الوطن .

وقالت “رغم وجع الفقد وفراق زوجي الشهيد  في جبهة مأرب، سيظل استشهاده وتضحيته مصدر  فخر لي وتاج أرتديه ووسام على صدري حتى الممات غفر الله له وأعلى منزلته وتقبله من الشهداء وكتب لنا لقاءً في الفردوس الأعلى”.

فيما اعتبرت زوجة الشهيد محمد الحيمي الشهادة التي أكرم الله بها زوجها خير خاتمة لحياته في الدنيا، وبداية الخلود في الجنة حَيثُ الحياة الأبدية ليحيا جوار ربه، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

وأوضحت أن الله اختار زوجها وزملائه من الشهداء ليمنحهم مكانة رفيعة في العلو والسمو لا يصل إليها إلا الأنبياء والمرسلين والشهداء ومَن اختارهم الله تعالى من عباده المخلصين .

أفراح بلون الدم

برغم ما تتعرض له المرأة في اليمن من استهداف وإرهاب وجرائم قتل وتدمير للمنازل وتشريد؛ واصلت المرأة ثباتها وصمودها الأسطوري وهي مثقلة بألم الحزن وفراق أحبائها الذين استشهدوا بغارات العدوان الأمريكي السعودي الذي أمعن في استهداف المدنيين والأحياء السكنية وقصف التجمعات وصالات الأفراح مخلفاً المئات من النساء والأطفال الذين تحوّلت أفراحهم إلى صرخات ونحيب، وبقايا جثث وأشلاء بلون الدم.

فقد بدأ تحالف العدوان الأمريكي السعودي العام 2021 بمجزرة وحشية حيث استهدف قصف لمرتزقة العدوان صالة أفراح بمديرية الحوك محافظة الحديدة خلفت أكثر من عشرة شهداء وجرحى من المواطنين أمام بوابة الصالة .

وفي نوفمبر ارتكب المرتزقة في الساحل الغربي جريمة شنعاء بإعدام عشرة من أسرى الجيش واللجان الشعبية.  

وفي العام 2020م شن تحالف العدوان قصفاً خلال شهر يوليو على حفل زفاف بمنزل مواطن من منطقة المساعفة بمديرية الحزم في محافظة الجوف، في جريمة مروعة راح ضحيتها 31 شهيداً وجريحاً معظمهم نساء وأطفال، وفي أكتوبر تم استهداف مواطنين بمنطقة المعاطرة في مديرية خب والشعف كانوا على متن أربع سيارات في زيارة معايدة، ما أدى إلى استشهاد 20 من الأطفال والنساء وجرح سبعة آخرين.

 كما تم قصف منزل مواطن بمديرية وشحة في محافظة حجة، مخلفاً عدداً من الضحايا من الأطفال والنساء.

وفي العام 2018 ارتكب تحالف الشر مجزرة مروعة مستهدفاً بغارته حافلة أطفال كانت في طريقها إلى أحد المراكز الصيفية في مديرية ضحيان بمحافظة صعدة وراح ضحيتها أكثر من 100 شهيد وجريح.

وارتكب تحالف العدوان مجزرة أخرى بقصف حفل زفاف في منطقة غافرة بمديرية الظاهر بالمحافظة ذاتها خلفت ٢٢ شهيداً وجريحاً أغلبهم نساء وأطفال .

 ولم يتوان التحالف منذ بدء عدوانه على اليمن في العام 2015 عن ارتكاب جرائم ومجازر بشعة بحق الشعب اليمني حيث كانت مجزرة عرس سنبان في عنس بمحافظة ذمار إحدى المجازر المروعة التي ارتكبها في أكتوبر وراح ضحيتها 113 شهيداً وجريحاً جلّهم نساء وأطفال .

حنين واشتياق .. انتظار ترقب للشهيد الحي

عجزت روحي عن لُقياك وعيني عن رؤياك، ولكنّ قلبي أبداً لم ولن يعجز أن ينساك هكذا بعثت أم هاشم المحبشي رسالة حنين واشتياق لشهيدها الذي كان من بين ضحايا مجزرة الصالة الكبرى بصنعاء، والتي قصفها طيران العدوان أثناء تقديم العزاء لآل الرويشان وراح ضحيتها أكثر من 700 شهيد وجريح.

ورغم لوعتها وحزنها على فراق ولدها الحبيب تشعر أم هاشم بسعادة كون السماء فرحت واستبشرت وفتحت أبوابها لروح شهيدها الطاهرة النقية ليحيا في أعلى مراتب الجنة .

فيما عبرت زوجة الشهيد الحي، غريب الأهدل عن شوقها وحنينها لزوجها الذي بذل نفسه لله والوطن في جبهة الساحل الغربي متحملة مشاعر الفقد والاشتياق لزوجها المفقود منذ ثلاث سنوات ونصف بكل صبر وثبات .

 وبأنفاس حائرة متلاحقة معبرة عن ألم الفراق  قالت “من أصعب المشاعر التي تُسبّب الألم والحزن، والفرح لقلوبنا هي اشتياقنا لأشخاص لهم مكانة مميّزة في نفوسنا، مهما حاولنا نسيانهم يمنعنا الحب والحنين لهم بداخلنا”.

وأوضحت أن لديها إيمان قوي بأن زوجها الغائب سيعود إلى بيته كونها لم تستقبل جثمانه حتى اليوم، معتبرة شروق الشمس صباح كل يوم جديد محطة يتجدد فيها الأمل بعودة شهيدها الحي، مؤكدة أن وراء بعض الغياب أحياناً حضور جميل.

في سنوية الشهيد أكدت المرأة اليمنية أنها رمز العزة والإباء، أم الصبر وعنوان المرحلة بما تجسده من إرادة وقوة باعتبارها الشريكة إلى جانب أخيها الرجل في وجه العدوان وصناعة النصر ، كانت وما تزال القدوة لنساء العالم في تضميد جراح الوطن فيما جراحها تنزف.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com