الصمود حتى النصر

التسويق السمكي ركيزة أساسية للنهوض بالقطاع السمكي.

بقلم| محمد صالح حاتم.

يعد التسويق من أهم الأعمدة الأساسية في النشاط السمكي ،ويكتسب أهميته هذه كونه يسهم في تطوير القطاع السمكي بشكل ٍ عام من خلال زيادة الإنتاج، وتحسين جودة المنتج، وتوفير فرص عمل كثيرة للشباب، إلى جانب إيجاد أسواق عالمية لتصدير الأسماك خارجيا ً.

والتسويق السمكي يختلف عن بقية أنواع التسويق نظرا ًلطبيعة المنتج حيث تعتبر الأسماك من أكثر المواد الغذائية عرضة للتلف والفساد السريع ولذلك فهي تحتاج إلى معاملة وعناية خاصة، خلال كافة المراحل منذ اصطيادها وحتى وصولها المستهلك، وذلك بسبب تركيبتها الغذائية، وهذا يتطلب وجود ثلاجات تبريد كبيرة،لحفظ الأسماك، وكذا عربات نقل مبردة، لنقلها من أماكن الاصطياد إلى الأسواق في المحافظات والمدن المحلية ،وكذا تسويقها خارجيا ً، حتى تصل المنتجات السمكية إلى المستهلك بجودة عالية.

 

يعد التسويق السمكي نشاطا ًمستمرا ً يبدأ من قبل الإنتاج من خلال تجميع أكبر قدر من المعلومات والحقائق عن السوق، والمستهلك، ومعرفة كمية ونوع الأسماك التي يحتاجها السوق محليا ًوخارجياً، كما يتوجب عليك أن تجمع معلومات عن المنافسين، والوسطاء، وعمليات النقل، والتخزين، والترويج الإعلامي، أثناء الإنتاج، وكذا بعد عملية الإنتاج حتى يصل المنتج إلى المستهلك.

إن العمليات التسويقية السمكية تجمع بين ثلاث فئات هم المنتجون (الصيادين)، والوسطاء (التجار)، والمستهلكون، هذه الثلاث الفئات يجب أخذها بعين الاعتبار ، ولمصلحتها وأهدافها، خلال عملية التسويق، وقد تتداخل الثلاث الفئات، وتتعارض أهدافها فالمنتج قد يكون هو المستهلك، والوسيط قد يكون هو المنتج، من خلال امتلاكة لشركة اصطياد وشركة تسويق سمكي.
ويبقى الغرض الأساسي من التسويق السمكي هوتسهيل تدفق السلع والخدمات السمكية من أماكن إنتاجها إلى المستهلك.

كما يجب الاهتمام بالمستهلك الذي يهمة الحصول على الأسماك ذات الجودة العالية، وبأسعار مناسبة، وهذا مايتعارض أحيانا ًمع رغبات الصيادين والتجار الذين يسعون لتحقيق مكاسب مادية كبيرة.

 

التسويق السمكي في اليمن :

تمتلك اليمن شريطا ًساحليا ًيبلغ طوله حوالي ٢٥٠٠ كم غنيا ًبالأسماك والأحياء البحرية، يبدأ من حدود عمان في البحر العربي وحتى نهاية الحدود اليمنية السعودية في البحر الأحمر.

كما تمتلك اليمن المئات من الجزر أهمها جزيرة سقطرى وعبد الكوري في البحر العربي، وجزيرة كمران وزقر وحنيش الكبرى والصغرى في البحر الأحمر.

تزخر السواحل اليمنية بتوافر نحو ٤٠٠ نوع من أنواع الأسماك والأحياء البحرية الأخرى، ويشتغل في القطاع السمكي حوالي نصف مليون نسمة يعيلون قرابة7. 1)مليون نسمة.

تشير التقديرات إلى أن إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية يبلغ سنويا ًحوالي 200 ألف طن قبل الحرب والعدوان في عام 2015م-يتم تصدير مابين 30% -50% من كمية الإنتاج بعائد يقدر بحوالي 300مليون دولار.

ونظرا ًلكمية الإنتاج هذه التي تعتبر كمية قليلة مقارنة بما تزخر به اليمن من مخزون سمكي كبير لو استغل استغلالا ًحقيقيا وبطرق صحيحة لمثل موردا اقتصاديا كبيرا ،قد يفوق مبيعات النفط.، وإذا تم البحث حول طرق تسويق كميات الإنتاج سنجد أنه يتم تسويقها بطرق عشوائية تقليدية سواء ًللخارج أو محليا ً،والسبب إهمال التسويق السمكي من قبل الحكومات السابقة.

 

الرؤية الوطنية:
كانت الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة في خطتها المرحلية 2021- 2025 م – قد وضعت خطة يتم من خلالها دعم وتشجيع التسويق المحلي والقروي المنظم، عن طريق دعم و تشجيع الاستثمار في التسويق المحلي وإنشاء أسواق لبيع الأسماك في المدن الرئيسة وعواصم المحافظات، وكذلك تأهيل وتنظيم أسواق بيع الأسماك بالجملة والتجزئة، الواقعة في النطاق الجغرافي للهيئة العامة للمصائد السمكية بالبحر الأحمر، وإنشاء مراكز ونقاط البيع لتسويق المنتجات السمكية في المديريات والتجمعات القروية.
وشملت الرؤية على التمكين الاقتصادي لمبادرات التسويق السمكي والمجتمعي المنظم والتي تتضمن أنشطة منها تنفيذ برنامج التسويق المحلي للأسماك والإحياء البحرية وفق معايير الجودة والشروط الصحية ودعم الخدمات التسويقية الصغيرة والأصغر.

 

الجمعيات التعاونية السمكية :

الاستاذ ماهر السيد وكيل وزارة الثروة السمكية لقطاع الاستثمار والبحوث السمكية أشار إلى أهمية الجمعيات التعاونية السمكية في النهوض بالقطاع السمكي؛ كونها الآلية المناسبة لتحقيق أهداف التنميةالسمكية الحقيقية التي يمكنها المساهمة الفاعلة في تفعيل دور أفراد وجماعات المجتمع من خلال تقديم المنفعة لهم كصيادين ومن في سلسلة القيمة في مجالاتهم،مؤكدا أن الجمعيات التعاونية تعمل على إفادة نسبة عظمى ممن يعملون في القطاع السمكي من خلال ما تقدمه الجمعية وما تستقطبه عبرها من تمويلات كوسيط ضامن لأعضائها المزارعين، ومن تلك الخدمات التي توفرها للصيادين

(توفيروسائل وأدوات الصيد والوقود واحتياجات رحلات الصيد مع تدريب وتأهيل وغيره).
وكذلك يتمثل دور تلك التعاونيات في إيجاد قنوات تسويقية متنوعة ومتجددة يتم من خلالها تصريف الإنتاج السمكي بأسعار مناسبة لأعضائها وتطوير الأنظمة التسويقية لمعالجة ضعف القوة التسويقية لصغار المنتجين والنهوض بواقعهم من أجل المنافسة في الأسواق والبقاء فيها بقوة.

وأضاف وكيل وزارة الثروة السمكية أن الجمعيات التعاونية السمكية تعمل على تقديم الخدمات الإرشادية والتدريبية سواء في مجال الإنتاج والصيد أو التسويق من أجل تحسين مستوى الصيادين سواء الإنتاجي والتسويقي إلى الأفضل، بالإضافة إلى حث الصيادين على الانتساب للجمعيات والاستفادة من خدماتها، ورفع مستوى الوعي بأهمية العمل التعاوني ويجدر بالذكر أن الجمعيات تميزت مؤخراً في بعض الدول بتقديم الخدمات الإرشادية النوعية لأعضائها المنتجين الأمر الذي سيؤدي إلى تخفيف العبء على الجهات الحكومية ذات العلاقة.

 

وأشار ماهر السيد أنهم قدموا استراتيجية للتنمية الزراعية والسمكية تعتمد على أربعة أركان لتحقيقها وهي (إنشاء الأسواق – إنشاء التعاونيات – توجيه مؤسسات التمويل – الدور الحكومي المساند) كلها تركز على دعم المنتجين. موضحا ً أن الحركة التعاونية (التعاونيات) تلعب مع الأسواق المُنَظَمَة وغير تقليدية دورا مهما في الحد من اختلال اقتصاد السوق، خاصة في القضاء على الاحتكار والمعوقات التي تواجه الصيادين من الاستغلال وتقديم التمويل والدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجالاتها المتنوعة.

موضحا ً أن ثنائية (الأسواق والتعاونيات) تعد المرآة التي تعكس الحل في توجه الدولة والوجه الحقيقي والصورة الصادقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للفئات والشرائح التي تتجه الدولة لتنظيمهم وتنظيم منتجاتهم وزيادة إنتاجهم فيها ، وتتغير وتتبدل وفق متطلباته، وتلك التعاونيات والكيانات هي دولة مصغرة للمجتمعات المحلية وهي الدرع القانوني والاجتماعي والمساند الرسمي للمجتمع الذي ينضوي تحتها ،حيث تعتبر اليد التي تنتشله من أزماته، وتواصل استمراريته الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى ذلك ، فهي وسيلة وآلية تمويلية وديناميكية لتحسين مصالحهم وتوفير حاجياتهم ، لأنها أكثر ملاءمة للقيام بتقديم الدعم والتمويل للمنتجين بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجالاتهم في ظل الاقتصاديات المنظمة ولها القدرة الكبيرة على تغطية احتياج الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين لاعتمادها على النظام الاقتصادي التشاركي ، كما أنه بحكم طريقة تكوينها وإدارتها تنشأ منذ ولادتها مسلحة بالأدوات القانونية والمادية النقدية أو العينية التي منها الأصول الثابتة مثلاً والتي تمكنها من مزاولة نشاطها بكفاءة بالإضافة إلى خبرة المتعاونين ودون أن يعرقل نشاطها أية عوامل عائلية أو عاطفية أو نفسية أو سياسات حكومية مضرة بمصالح مجتمعاتها فهي شخصية اعتبارية مجردة مُتَحَكم في مصيرها من قبل أعضائها.

وأوضح الوكيل السيد أن من مهام الجمعيات التعاونية للمنتجين تخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة الإنتاج، والحصول على مدخلات الإنتاج بكلفة مناسبة، وتسويق وبيع الإنتاج وتحسين الوضع التسويقي وفتح قنوات تسويق جديدة، وتوفير التمويلات الداعمة والمساندة غير الربوية، كما تعمل الجمعيات التعاونية على الاستفادة من كل الإمكانات والموارد والفرص الممكنة والمتاحة من مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية لخدمة أعضائها المنتجين، وتتبنى ضمانات إقراضهم أمام الجهات التمويلية لمساعدتهم على تحسين وتطوير وتنمية إنتاجهم كل ً في منطقته وحسب احتياجه ومتابعتهم لسداد تلك القروض والتمويلات.

 

وبهدف تحقيق التنمية المستدامة للقطاع السمكي يتطلب تفعيل الحلقة التسويقية وتطويرها لتساهم في النهوض بالقطاع السمكي، وتحقيق عائد اقتصادي كبير للدولة والصيادين بشكل ٍخاص، فالتسويق يعد إحدى الحلقات المفقودة التي لن ينهض قطاع الأسماك إلا بها،بهدف الحصول على منتج ذي جودة عالية وأسعار مناسبة للجميع. وهذه الحلقة تتطلب تعاون وتكاتف الجميع دولة ً ومجتمعا ً وقطاعا خاصا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com